\r\n فالحرب وسوء معاملة الاسرى من المعتقلين المحتجزين في قاعدة غوانتانامو والقيود القاسية المفروضة على الأميركيين بموجب «قانون الوطنية » عملت كلها على تآكل القيادة الاخلاقية لواشنطن التي ظلت تمارسها لسنوات دون احراج‚ \r\n \r\n وقال فيليكس روهاتين السفير الأميركي السابق لدى فرنسا: ان الممارسات الأميركية تسببت بضرر هائل لمركزنا في العالم وأشار بشكل خاص إلى فضيحة سوء معاملة المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب‚ واضاف قائلا: لقد هاجرت إلى الولاياتالمتحدة قبل ستة عقود هربا من الاحتلال النازي لفرنسا ‚ وأنا اعرف ماذا كانت الولاياتالمتحدة تمثل في العالم آنذاك‚ اما الآن فلم يعد العالم ينظر الينا مثلما كان يفعل سابقا‚ \r\n \r\n اما موسى هيتام نائب رئيس الوزر اء السابق في ماليزيا فيقول ان مثال ماليزيا اكبر دليل على فقدان أميركا لسلطتها الاخلاقية‚ فعندما قاد موسى حملة بمفرده قبل اربع سنوات لإلغاء قانون الأمن الداخلي في ماليزيا كانت الحكومات الغربية ترفع صوتها مؤيدة له لاعتقادها بأن القانون الذي يبيح الاعتقال دون محاكمة يعتبر شذوذا في بلاد تحقق قفزات سريعة على طريق التحضر‚ \r\n \r\n اما اليوم في عالم مرعوب من الارهاب ومنقسم حول الاحداث في العراق اصبحت الدعوات الخارجية لتخلي ماليزيا عن قانون الأمن الداخلي مجرد همسات كما يصفها موسى‚ وقال انه الآن يشعر بوجود «صمت محرج» من قبل الدبلوماسيين الغربيين خصوصا الدبلوماسيين الأميركيين الذي وصفوا القانون ذات مرة بانه مرعب واستنكروا تطبيقه ضد أنور إبراهيم أحد كبار السياسيين الماليزيين الذي فقد حظوته لدى الأميركيين وتم تعذيبه بقسوة من قبل رئيس جهاز البوليس‚ \r\n \r\n وعلق موسى على ممارسات الولاياتالمتحدة حاليا بقوله» ما سبق وان فعلناه نحن يعتبر تافها بالمقارنة مع ما فعلته الإدارة الأميركية والادعاء الأميركي بقيادة العالم عبر ضرب النموذج المثالي اصبح فارغا»‚ \r\n \r\n ويعترف المسؤولون الأميركيون بالضرر‚ فقد تحدث وزير الخارجية الأميركي كولن باول عن «الاثار المفزعة» التي تركتها فضيحة سوء معاملة المعتقلين على صورة أميركا‚ ولكنهم يستشهدون بالسجل العام الاوسع للولايات المتحدة ويتعهدون بمعالجة المشكلة عبر ردود فعل فورية وعادلة وحازمة‚ \r\n \r\n وقال المسؤولون الأميركيون ان ما يهم الآن هو كيف سيكون رد فعل الأميركيين‚ وكيف سيكون رد فعلهم في نظر العالم‚ \r\n \r\n فمثلا قال وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في شهادته امام الكونغرس يوم 7 مايو الماضي «أنظروا كيف تتعامل الديمقراطية مع سوء معاملة المعتقلين ومع الفضيحة»‚ \r\n \r\n اما الناشطون في منظمات حقوق الإنسان فيقولون ان الولاياتالمتحدة اصبحت في بعض الأماكن تلعب ادوارا مختلفة وتضع نموذجا مغايرا‚ فقد أصبحت بعض الحكومات تستشهد «بقانون الوطنية» الأميركي أو بتجربة غوانتانامو لتبرير قيامها بعمليات اعتقال تعسفية دون محاكمات‚ \r\n \r\n لقد فعلت حكومة ماليزيا نفس الشيء‚ ودافعت عن قانونها الخاص «بالأمن الداخلي»‚ هذا ما قالته زينة انور الناشطة في مجال حقوق الإنسان‚ وتقول الحكومة الماليزية: «حتى الولاياتالمتحدة اصبحت تؤمن بالاعتقال من دون محاكمة‚ فاذا كانت الدول الديمقراطية المتطورة الغربية تطبق هذا القانون‚ فلماذا المطالبة بالغائه في ماليزيا»؟ \r\n \r\n وبالمثل استخدم السياسيون في روسيا والصين ومصر لغة مماثلة حسب ما يقوله نشطاء لحقوق الإنسان‚ فقد لاحظت أليكس أريجا الناطقة بلسان منظمة العفو الدولية في الولاياتالمتحدة بانه عندما قام تشارلز تيلور رئيس ليبيريا السابق العام الماضي باعتقال الصحفيين الذين انتقدوا حكمه‚ وصفهم بانهم «محاربون أعداء»‚ وهذا هو نفس المصطلح الذي تستخدمه الولاياتالمتحدة في وصف معتقلي غوانتانامو‚ \r\n \r\n تستشهد الحكومات بوضوح تام بالحرب على الإرهاب لتشريع ممارساتها القمعية على حد قول اليكس اريجا‚ وتظهر استطلاعات الرأي والمظاهرات الاحتجاجية في الشوارع الغضب الذي يشعر به الملايين من الناس في الخارج والكراهية للولايات المتحدة ولرئيسها ولممارساتها في العراق‚ ولكن الشيء غير الواضح حتى الآن هو مدى عمق الضرر الذي لحق بسمعة ومركز الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n فالكثير من الناس الذين ينتقدون الولاياتالمتحدة الآن كانوا من أشد المعجبين بها‚ وبالمبادئ والقيم التى تدافع عنها‚ هذا ما يقوله جون اسبو سيتو المدير السابق لمركز التفاهم الإسلامي - المسيحي في جامعة جورج تاون في واشنطن‚ ففضيحة سجن أبو غريب تحديدا أضرت جدا في مقدرتنا على مخاطبة العالم واصبحنا نتساءل عن مدى المصداقية التي نتمتع بها حاليا‚ \r\n \r\n يقول دبلوماسيون ونشطاء في منظمات حقوق الإنسان انه في العديد من بلدان العالم أصبح الغضب وفقدان الثقة متفشيا في صفوف المفكرين والنخب المدنية والسياسية بعد ان كان أكثرهم يتطلعون للاقتداء بأميركا‚ \r\n \r\n هيرالد تربيون \r\n