أدى ذلك القرار إلى اصابة العلاقات بين أميركا وتركيا بنوع من الصدمة‚ فالتصويت ترك أميركا غاضبة ومشوشة وأدى إلى إحراج المؤسسة العسكرية التركية التي كانت لها آراء متشددة حول مستقبل العراق‚ والمؤسسة العسكرية لامت السياسيين‚ \r\n \r\n يقول ميتهان ديمير المعلق المختص في الشؤون الخارجية في أنقرة: لأول مرة تطلب الولاياتالمتحدة شيئا محددا من تركيا وترفض تركيا الانصياع لذلك الطلب‚ \r\n \r\n وتجيء زيارة الرئيس بوش الى تركيا لحضور مؤتمر قمة زعماء الناتو كخطوة على طريق إعادة بناء العلاقات بين البلدين‚ ويقول مصطفى اردين استاذ العلاقات الدولية في جامعة أنقرة «إننا بحاجة للولايات المتحدةوالولاياتالمتحدة بدورها بحاجة إلى تركيا»‚ \r\n \r\n وقد سبق أن قام رجب اردوغان بزيارة الى واشنطن في يناير الماضي في محاولة من الجانب التركي لإصلاح العلاقات بين البلدين والتي تعد من الأوثق بين عضوين في الناتو‚ ومع ذلك وبالرغم من هاتين الزيارتين إلا أن كلا من الطرفين يتوجس خيفة من نوايا الطرف الآخر في المجال السياسي والعسكري‚ \r\n \r\n يقول أردين «لقد ألحق العراق الضرر في الثقة بين البلدين ولا أعتقد ان العلاقات بين البلدين قد استعادت عافيتها»‚ ويقول ان إدارة بوش فشلت في فهم الاجواء السياسية والعسكرية التي كانت سائدة في تركيا وبالتالي جاء حديثها عن الحرب في وقت غير مناسب بالنسبة لتركيا‚ \r\n \r\n لسنوات كانت الولاياتالمتحدة تعتمد على المؤسسة العسكرية التركية لضمان تنفيذ رغباتها من قبل السياسيين الاتراك‚ ولكن من الملاحظ ان سلطة العسكر تتراجع ببطء لصالح السلطة المدنية‚ وقبل الحرب بعدة أشهر واجهت المؤسسة العلمانية التركية التي تتعامل معها أميركا منذ عقود هزيمة نكراء على يد «حزب العدالة والتنمية» صاحب التوجهات النتيجة الفورية للانتخابات في نوفمبر 2002 كانت حدوث صراع على السلطة داخل تركيا‚ هذا الصراع دار بين الحرس القديم للسياسة التركية والمؤسسة العسكرمية من جهة وحزب العدالة و التنمية من جهة أخرى وكان المطلوب من الجميع اتخاذ قرار آني حول حرب ستندلع على اعتاب باب تركيا وفي نفس الوقت كانت الدولة تعاني من آثار ازمة مالية لم تكن البلاد قد برئت من آثارها بعد‚ \r\n \r\n قوة الصراع غيرت من ديناميكية العلاقة مع الولاياتالمتحدة‚ يقول أردين «ان جميع الخبراء المختصين بالشأن التركي في الادارة الاميركية فشلوا في قراءة الوضع داخل تركيا إما لأنهم ضللوا أولانهم لم ينظروا للامور بطريقة مناسبة»‚ البعض الآن يقول ان العلاقة بين البلدين كانت قد بدأت بالتدهور قبل سنوات ويعود السبب في ذلك الى فقدان الاتراك للثقة بالسياسات الاميركية تجاه الاكراد وبسبب شعور تركيا بأن اميركا لا تفعل ما هو كاف لتحطيم «حزب العمال الكردستاني» الذي ترى فيه تركيا حركة انفصالية خاضت حربا دموية ضدها في الثمانينيات والتسعينيات ثم تحركت بعدها للتمركز في العراق‚ \r\n \r\n يقول كوندوز اتكان مدير مركز يورسيان للدراسات الاستراتيجية «ان المشكلة بين تركيا والولاياتالمتحدة بدأت في منتصف التسعينيات وبالتحديد حول حزب العمال الكردستاني ومصير مدينة كركوك في العراق‚ هاتان القضيتان كانتا وما زالتا تثيران المشاعر في تركيا»‚ \r\n \r\n ويقول دبلوماسيون انه في الوقت الذي اساءت واشنطن قراءة قدرة تركيا على تسليم اميركا الجبهة الشمالية لمهاجمة العراق كان هناك اعتقاد لدى بعض الزعماء الاتراك انه دون تركيا لن يكون بوسع اميركا شن حربها على صدام‚ \r\n \r\n وهذا هو السبب الذي دفع انقره لفرض سعر عال مقابل مشاركتها‚ ويقول بعض الدبلوماسيين انها طالبت بالحصول على مبلغ 90 مليار دولار من اميركا مقابل السماح لها بانزال قواتها على التراب التركي‚ ويأمل زعماء البلدين في ان يتمكنا من تجاوز الآثار التي نتجت عن حرب العراق‚ ومع ذلك ليس من الواضح ما اذا كانت ستنجح سياسة الوفاق بين البلدين من جديد بما يسمح للعلاقات في ان تعود الى سابق عهدها‚ \r\n \r\n على صعيد آخر فإنه عندما قفز اردوغان الى السلطة في عام 2002 وأصبح رئيسا لوزراء تركيا انتاب القلق الاسرائيليين من ان البرود سيلحق بعلاقتهم مع أوفى صديق إقليمي لهم‚ وحاول اردوغان التقليل من اهمية هذه المخاوف وأصر على انه سيستمر في التطلع صوب أميركا وأوروبا واسرائيل من اجل كسب صداقتهم‚ ولكن الاسرائيليين أرادوا الدليل على ذلك‚ \r\n \r\n انهم لم يحصلوا حتى الآن على ما طلبوه بل على العكس رفض اردوغان قبل عام طلبا تقدم به رئيس وزراء اسرائيل شارون لزيارة تركيا‚ ولم يقم اردوغان نفسه او وزير خارجيته عبد الله غول بأي زيارة إلى اسرائيل‚ \r\n \r\n المسؤولون في كلا الجانبين يقولون ان العلاقات الخاصة مضمونة ولن يلحق بها أي ضرر‚ فالاتفاق الذي وقع بين البلدين في 1996 ما يزال ساري المفعول وما يزال الطيارون الحربيون الاسرائيليون يتدربون في الاجواء التركية مما يسبب الضيق والتبرم لدى الكثير من العرب اضافة الى ذلك فإن التجارة بين البلدين ما تزال مزدهرة‚ ومع ذلك فليس خافيا على أحد أن العلاقة بين البلدين ليست في أفضل حالاتها‚ \r\n \r\n مؤخرا قال سيلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي انه لن يكون بوسع اسرائيل ان «تضبط نفسها» طويلا في وجه التصريحات الجارحة التي يدلي بها اردوغان والتي تلحق الضرر بنسيج العلاقة الخاصة بين البلدين‚ وقد سبق ان اتهم اردوغان اسرائيل بممارسة «ارهاب الدولة» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وفي الشهر الماضي طلب من أحد الوزراء الاسرائيليين ان يفسر له الفرق بين «الارهابيين الذين يقتلون المدنيين الاسرائييين واسرائيل التي تقتل المدنيين الفلسطينيين أيضا»‚ \r\n \r\n ملاحظات اخرى اعتبرت «فجة» ادلى بها اردوغان امام مجموعة من اليهود الاميركيين الذين التقاهم في الولاياتالمتحدة مما تسبب في «ازعاجهم»‚ \r\n \r\n وعليه لماذا هذا التغيير؟ \r\n \r\n انت اظهار اردوغان اشمئزازه تجاه سياسات شارون قد يكون له ما يبرره وهو بالتأكيد شيء يشاطره فيه ملايين الاتراك الذين يشاهدون على شاشات التليفزيون الدبابات الاسرائيلية وهي تهدم منازل الفلسطينيين‚ اضافة الى ذلك يسترضي اردوغان بتصريحاته هذه قاعدة حزبه الحاكم حزب العدالة والتنمية‚ \r\n \r\n واكثر الاسباب اهمية على الإطلاق وراء النغمة العدائية الجديدة لاردوغان هي اعتقاده بأن اسرائيل تشجع اكراد العراق على إقامة دولتهم المستقلة التي لن تصبح فقط حليفا لإسرائيل في المنطقة بل انها قد تشعل الحركة الانفصالية لدى اكراد تركيا المتململين‚ وقد تنامت هذه المخاوف بعد ان ذكرت مجلة «ذي نيو يوركر» ان عملاء اسرائيليين يدربون الآن رجال حرب العصابات الاكراد في العراق‚ \r\n \r\n ان اردوغان يدرك جيدا انه يتوجب عليه السير بحذر‚ فإذا ما ازعج اسرائيل او اللوبي اليهودي الاميركي كثيرا فإن ذلك قد يدفع الكونغرس الاميركي لاتخاذ قرارات تطالب بالاعتراف بمجازر الارمن التي ارتكبت من قبل الاتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى والنظر اليها على انها جرائم ابادة للجنس البشري‚ ولكن في الوقت نفسه ينبغي ان يتجاوب مع شعبه‚ \r\n