وكان رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي قد تعهد الاسبوع الماضي بسحق اعداء العراق وقال: ان موارد البلاد سوف توجه لمحاربة الارهاب كما اعلن بأنه يفكر في فرض »قوانين الطوارئ« في بعض اجزاء البلاد لكن الكثيرين في العراق يخشون ان لا تكون الحكومة الجديدة اكثر من واجهة لواشنطن وان لا تواجه, في تلك الحالة, فرصا افضل من تلك التي واجهها مجلس الحكم الانتقالي المنحل. \r\n \r\n ويعرب رجل الشارع العراقي عن قناعته بأن السلطة الحقيقية ستظل في يد الامريكيين وان الحكومة الجديدة لن تكون سوى العوبة بيدهم يحركونها كيفما شاءوا. \r\n \r\n وهناك من يتساءل عما اذا كان العراق ما زال قابلا لان يحكم من قبل اية جهة كانت بعد ان انفتح فيه »صندوق باندورا« الذي انطلقت منه افاعي النزاعات الدينية والعرقية ترافقها حركة تمرد عاتية تنتفض ضد اعتى قوة عسكرية في العالم. \r\n \r\n ومهما كانت الحالة, فإن غالبية العراقيين تؤكد الحاجة الى ان يكون القائمون على الحكم عراقيين مستقلين عن التأثيرات الخارجية وليسوا طارئين او وكلاء امريكيين يتولون تحقيق ما تريده امريكا منهم. \r\n \r\n بالنسبة لرئيس الوزراء اياد علاوي, لا يبدو ان هذه الشروط متوفرة فيه. فهو غير معروف لدى غالبية العراقيين. حيث انه انفق عدة عقود في المنفى بعد انشقاقه عن حزب البعث الذي كان ينتمي اليه, ليرتبط بوكالة الاستخبارات الامريكية ومحاولاتها الرامية للاطاحة بصدام حسين. لكن تصريحاته الحازمة كسبت له بعض الانصار رغم ما يشعر به الشارع العراقي من تحفظ ازاء ارتباطه بالسي. آي. إيه. \r\n \r\n وفي حين يتخوف البعض من ماضي علاوي البعثي, فإن هناك من يرى ان كونه بعثيا سابقا يعني انه خبير بخفايا المجتمع العراقي, وهو امر يسجل لصالحه. \r\n \r\n وقد اصبح من المسلم به لدى الجميع ان اسلوب الحاكم المدني الامريكي في العراق بول بريمر الذي تميز بالشدة والاستعلاء قد اثبت فشله الذريع وجلب الكوارث على البلاد وعلى الامريكيين على حد سواء ولهذا فإن العراقيين والامريكيين معا باتوا مقتنعين بضرورة اللجوء الى طريقة عراقية في ادارة البلاد بغض النظر عما يمكن ان يجره ذلك على الجميع. \r\n \r\n يقول الكولونيل دانا بيتراد, من فرقة المشاة الاولى الامريكية, »اننا لا نريد ان نخرج من هذه البلاد بمعركة. اذ لا بد ان يتحول مشهد الحكم الى مشهد عراقي«. \r\n \r\n حتى بريمر افصح في مقابلة مع صحيفة »يو.أس.أي توداي« عن امله بأن يؤدي انهاء حالة الاحتلال الى »سحب شيء من السم من جسد النظام«. ويبدو ان العراقيين والامريكيين باتوا, في اعقاب 14 شهرا عاصفة من الاحتلال, يتفقون على امر واحد هو انه كلما كان هناك قسط اقل من المشاركة الامريكية كلما كان ذلك افضل. \r\n \r\n ان السيادة الجديدة ليست اكثر من وهم مع وجود حوالي 150 الف جندي اجنبي في البلاد, وسفارة امريكية تضم اكثر من الف موظف وتؤدي دور الحاكم من وراء الستار وتمسك بمفاتيح خزانة اعادة الاعمار, اضافة الى نشر المستشارين الامريكيين في جميع الوزارات والدوائر المهمة. \r\n \r\n لقد عانى العراقيون كثيرا من حكم صدام حسين, لكن الدكتاتور السابق وجهازه الحزبي الطاغي كانا يوفران احساسا بالامان يتطلع اليه الكثيرون اليوم بشيء من الحنين. لقد كان العراقيون يخشون رجال الامن في عهد صدام, لكن السيارات المفخخة, والكمائن المنصوبة على الرصيف, وقنابل الهاون التي تنهال على الشوارع لم تكن من بين ملامح الحياة اليومية في عهد الرئيس السابق. \r\n \r\n واليوم يتساءل العراقيون عن الوجهة التي ستتخذها الحكومة المؤقتة الجديدة. \r\n \r\n احد الاحتمالات هو ان يتحول رئيسها اياد علاوي الى »رجل قوي« آخر يتعامل بشدة مع اعداء اشداء لكنه يتوصل الى احتواء القوى المتمردة والعناصر المؤيدة لصدام حسين. \r\n \r\n وعلى الرغم من طبيعتها المؤقتة, فإن الحكومة الجديدة مطالبة بأن تزن جيدا كل خطوة قبل ان تقدم عليها. فأية غلطة يمكن ان تستعدي عليها جماهير احدى الطوائف الرئيسية في البلاد. \r\n \r\n ومن بين المعضلات المستعصية التي سيورثها الامريكيون للحكومة الجديدة الجيب المتمرد في الفلوجة والانتفاضة التي ما تزال مستقرة في بعض احياء العاصمة بغداد والتي تمتد الى جنوب البلاد. وفي كلتا الحالتين, كانت القوات الامريكية, الخائفة من ارتكاب حمام دم قد يؤدي الى تأخير موعد تسليم السلطة في 30 حزيران, قد تراجعت عن تهديداتها بالقضاء على المواجهات, لكنها تركت في اعقابها حالة من عدم الاستقرار. \r\n \r\n ويقول ضابط في قوات المارينز الامريكية اشترط عدم ذكر اسمه ان »الفلوجة ستنقل عاجلا الى الجحيم, فقد تركنا هناك الكثير من المهام غير المنجزة«. \r\n \r\n لكن المسؤولين في الحكومة الجديدة قد آثروا لحد الآن استخدام نبرة تصالحية في الحديث مع الشيوخ المتمردين في المدينة ورجال الدين فيها وبقية زعاماتها المحلية. وبإزاء ما قاله ضابط المارينز, يقول المتحدث بلسان رئيس الوزراء الجديد »ان الفلوجة لا تشكل مشكلة بالنسبة لنا«. \r\n \r\n ولم تضع الحكومة الجديدة لحد الآن اية خطة محددة للتعامل مع قضية الفلوجة وغيرها من القضايا الملحة. اذ لم يتضح بعد حجم التأثير الذي تمتلكه الحكومة التي تشكل القوة العسكرية الامريكية سلاحها الاول ما دامت قوات الامن العراقية غير مستعدة بعد, وما دام ولاء تلك القوات, في بعض الحالات, غير مؤكد. \r\n \r\n وقد سجلت الحكومة الجديدة, لحد الآن, عددا من نقاط الاختلاف مع السلطات الامريكية حول بعض القضايا منها موعد تسليم الرئيس السابق صدام حسين الى السلطات العراقية, ومشاركة رجل الدين المتمرد مقتدى الصدر في الحياة السياسية العراقية. فقد اعلن بريمر ان الصدر غير مقبول في اي منصب حكومي مقبل, لكن الزعماء العراقيين اصروا على دعوته للمشاركة. \r\n \r\n وعندما سئل الرئيس العراقي المؤقت غازي عجيل الياور الاسبوع الماضي عن قرار الصدر بتشكيل حزب سياسي قال: »ان لديه انصارا, ولديه دوائر تتبعه, وينبغي له ان يدخل العملية السياسية وانا بدوري اثني على قراره هذا«. \r\n \r\n لكن الصدر وغيره ممن لا يزالون في المعسكر المتمرد قد لا يجدون لدى الحكومة الجديدة من الود ما يفوق ما وجدوه لدى الامريكيين, اذ تنتشر تكهنات واسعة حول اقدام القوات الامريكية على التصرف بشدة اكبر مع العناصر المتمردة عندما يكون تصرفها هذا نتيجة طلب تتقدم به حكومة عراقية تعترف بها الاممالمتحدة. \r\n \r\n وكان الياور قد صرح الاسبوع الماضي بأن »على الارهابيين ان يعلموا بأن افعالهم الوحشية ضد ابناء شعبنا لن تزعزع وحدتنا الوطنية. فنحن مصممون على اقامة عراق ديمقراطي حر وعلى القبض على اولئك الاعداء«. \r\n \r\n عن: »لوس انجلوس تايمس«. \r\n