ومع تصاعد الحاجة الى ايجاد »استراتيجية للخروج« بين المسؤولين على جانبي الاطلسي ووزراء الدفاع ورجال الاعمال ومعاهد البحوث في دول التحالف, تبرز وجهتا نظر مختلفتان تقيم كل منهما سيناريوهات المستقبل القادم للعراق من زاوية نظر اصحابها. \r\n \r\n يتبنى مقر رئاسة الوزراء في لندن, والبيت الابيض في واشنطن, ومقر سلطة التحالف في بغداد وجهة النظر المتفائلة. ويرى اصحاب هذه النظرة ان العراقيين سوف يعملون على اقامة مجتمع مدني ديمقراطي يقود حتما الى تهميش الفئات الداعية الى العنف. \r\n \r\n ويرى ديفيد ريتشموند ان الطريق الى تحقيق هذه الرؤية يعتمد على قدرة رئيس الحكومة, على اقناع الشعب العراقي بمختلف فئاته بأن حكومته المؤقتة تمثل نهاية الاحتلال وهي خطوة اولى على طريق الانتخابات المقرر اجراؤها في العام المقبل. \r\n \r\n مجيء الحكومة الجديدة سوف يشكل بداية جديدة. ويعتقد كل من جورج بوش وتوني بلير ان العراق يملك القدرة اللازم لمعالجة جراحه وهو في طريقه الى بناء مجتمع مدني جديد. ويقول ريتشموند: »لا اشك في وجود انقسامات في العراق. لكنها ضخمت الى حد كبير«. \r\n \r\n ويستشهد على ذلك بالتماسك الذي يظهره المجتمع العراقي, رغم كل الاعمال الفظيعة التي استهدفت زرع الفرقة بين الفئات العراقية المختلفة. ويضيف ريتشموند قائلا: »ان ما يدهشني هو العدد الكبير من العراقيين الذين يرفضون تعريف انفسهم بالسنة او الشيعة ويرجحون على ذلك الهوية العراقية الموحدة. \r\n \r\n ان هذا الايمان بالعراق الواحد سوف يتنامى وسوف تتجاوز البلاد مرحلة عدم الاستقرار عندما تتجه انظارها نحو الانتخابات القادمة«. \r\n \r\n كما ان ريتشموند متفائل بكون العراقيين سوف يسعون الى الاجماع بدلا من الاختلاف حول الضمانات التي سوف تقدم للاقليات وحول دور الدين في الدولة وهي القضايا موضع الخلاف مع الاكراد وغالبية الشيعة. \r\n \r\n من جانب آخر, يوجد من ينظر الى مستقبل العراق الوشيك نظرة متشائمة. هذا البعض يرى ان نفس الالىة التي يجد فيها ريتشموند وسيلة لتحقيق المزيد من التماسك, سوف لن تقود الا الى نشوء خلافات مستعصية بين مختلف الفئات العراقية. \r\n \r\n يتبنى هذه الرؤية المتشائمة اشخاص مثل بيتر غولبرايث, سفير بريطانيا السابق الى كرواتيا الذي زامن الحروب الانشقاقية في يوغسلافيا وعمل مع فريق الاممالمتحدة في تيمور الشرقية. \r\n \r\n يقول غولبرايث في مقالة نشرها مؤخرا في مجلة »نيويورك ريفيو اوف بوكس« ان الامريكيين يحبون الاعتقاد بأن لكل مشكلة حل »لكن هذا الامر قد لا يصح في العراق. فهذا البلد مرشح لقيام تصادم بين حكومة مركزية نتيجة ذات غالبية شيعية تسعى الى تجاوز الدستور وفرض اراداتها على البلد بكاملها وحكومة محلية في كردستان تصر على المحافظة على »استقلال الامر الواقع« الذي يتمتع به الاكراد في شمال العراق منذ 13 عاما. \r\n \r\n في تقرير حمل عنوان »العراق وفيتنام: اوجه التشابه والاختلاف« وقدم الى معهد الدراسات الاستراتيجية في الكلية الحربية التابعة للجيش الامريكي, عكس كاتب التقرير دبليو. أندرو تيريل نظرة متشائمة اخرى حيث يرى الكاتب ان الاسباب التي يمكن ان تقود الى حرب اهلية في العراق لن تنبع من المثلث السني المتمرد في البلاد انما من داخل الاغلبية الشيعية حيث يتوقف الكثير على قدرة الانتفاضة الحالىة للمقاتلين الشيعة على توسيع دائرة المقاومة لتشمل عناصر اوسع في المجتمع العراقي او الانغماس في حرب طائفية تشبه تلك التي جرت لبنان الى حالة الفوضى قبل عقدين. \r\n \r\n اما غاريث ستانسفيلد, الاستاذ في جامعة اكستر البريطانية الذي سبق ان عاش في العراق, فيضيف الى دواعي التشاؤم السابقة نبوءة جديدة تتوقع نشوء الصدع في العراق الجديد بين الاكراد والشيعة. \r\n \r\n يقول ستانسفيلد: »لو سألتني عن فرص الديمقراطية في العراق خلال العقد القادم لقلت لك انني لا ارى لها الكثير من الفرص. والسؤال الحقيقي يجب ان يكون: اي نوع من الدولة سوف يقوم في العراق? هناك فرص لقيام ديكتاتورية جديدة. لكن فرص بقاء الدولة العراقية موحدة لا تزيد على فرص الديمقراطية. \r\n \r\n واذا ما وضعنا النظرتين المتفائلة والمتشائمة على طرفي الطيف المستقبلي, فقد نحصل في الوسط على نجاح جزئي يتمثل في قيام حكومة تتمتع بتأثير مقبول على مصادر العنف وتتمكن من تخفيض معدلاته العالىة, واجراء انتخابات عامة تحقق اجواء تسمح بمغادرة القوات الاجنبية, واخيرا وهو الاهم: بقاء العراق موحدا في دولة واحدة. \r\n \r\n حتى في منطقة اوسط بين التفاؤل والتشاؤم يوجد مجال واسع للاختلاف في وجهات النظر. وتعتقد روزمارس هوليس, رئيس مشروع الشرق الاوسط في تشاثام هاوس, ان الثلاثين من حزيران لن يكون النهاية ولا البداية لاي شيء. \r\n \r\n فالمشاكل الرئيسية, في نظرها, لن تلح على العراقيين الا عندما يبدأون في كتابة الدستور الدائم حيث تختلف الفئات المتنوعة على حق الفيتو الذي منحه الدستور المؤقت للاكراد وعلى دور الدين في الدولة الجديدة. كما ان لدى هوليس شكوكها بشأن قدرة الامريكيين او الاممالمتحدة على المحافظة على وحدة العراق فإذا كانت النتيجة سلبية في الحالتين اللتين تستأثران باهتمام هوليس, فهل يكمن الحل في حركة تحرير وطنية توحد العراق? وهل سيستمر وجود القوات الاجنبية في العراق اذا ما تحول ذلك الوجود الى مصدر اوحد لاثارة العنف?. \r\n \r\n وعلى الرغم من كل شكوكها, فإن هوليس تتفق مع وجهة نظر ريتشموند المتفائلة في ان الحكومة المؤقتة الجديدة في العراق ستشهد شهر عسل قصير تتاح لها خلاله فرصة ترك اثر فعال في المواقف العراقية كما ستتاح خلاله للامريكيين فرصة اثبات صدق عزمهم على تسليم السلطة للعراقيين. \r\n \r\n جوش ماندل, المحلل في كونترول ريسك الذي عاد الى بريطانيا مؤخرا من العراق, ينتمي هو الآخر الى منطقة الوسط. فهو يرى ان السيناتور الارجح للعراق القادم هوليس سيناريو الحرب الاهلية ولا سينايور الحكومة القوية, انما هو سيناريو الحكومة الضعيفة في بغداد التي تقلقها الانقسامات ولا تسيطر الا على مجموعة غير مؤثرة من قوات الامن الحزبية والتي ستواجه دائما احتمالات الارهاب وانعدام الامن. \r\n \r\n ويقول ماندل: »انني لا اميل الى سيناريوهات الحرب الاهلية والتقسيم. لكن موقفي ضدها الىوم بات اضعف مما كان عليه قبل اربعة اشهر. وفي جميع الاحوال فإني ارى من المستبعد جدا قيام حكومة مركزية قوية في العراق او نشوء نظام فدرالى يؤدي وظيفته في جميع انحاء البلاد«.0 \r\n \r\n عن: »الاوبزرفر« البريطانية. \r\n