ان الاستبدال الذي جرى في اللحظة الاخيرة بتعيين جنرال عراقي اقل اثارة للبغض، لقيادة لواء الفلوجة المؤقت عبارة عن تحسن طفيف لكنه يؤكد الارتباك المشؤوم الذي يسود الصفوف الاميركية. شعار الرئيس بوش «بالحفاظ على النهج» يبدو وبشكل متزايد شعارا اجوف في ضوء التراجعات الفجائية في السياسة والتي تجيء نتيجة اليأس، ففي البداية قامت الولاياتالمتحدة باستبعاد البعثيين من الحكومة وهي الان تستدعيهم للعودة، وهي في البداية قامت بحل الجيش العراقي لتقوم الان باعادة تشكيله، وفي البداية تجاهلت الاممالمتحدة بينما تعول الان على الاممالمتحدة لتشكيل حكومة جديدة. بعض هذه الخطوات لا سيما نقل السلطة الى العراقيين تصويبات في النهج كان يتوجب القيام بها منذ زمن طويل. لكن التراجع في الفلوجة وفي معقل رجل الدين الثائر، مقتدى الصدر، النجف قد يثبت انه مكلف للمصداقية الاميركية. عندما اشتعلت الثورة الاخيرة تعهد بوش بشدة لسجن المقاومة من مقاتلي الفلوجة الصلبين وميليشيات المهدي التي يتزعمها الصدر، والتي لجأت الى النجف، فقد قال الرئيس بوش العاشر من نيسان:«ان اعمالنا الحازمة سوف تستمر الى ان يتم التعامل مع اعداء الديمقراطية هؤلاء». لكن بعد حوالي شهر لم يتم التصدي حتى الان لرجال المهدي ومقاتلي الفلوجة. فاذا كان هذا عملا حازما فان من الصعب ان تتصور كيف يبدو التراخي. ربما كانت الحكومة الاميركية على حق في عدم المجازفة بمعركة في مدينة النجف المقدسة والتي كان يمكن ان تنفر الاغلبية الشيعية لكن القرار بعدم اجتياح الفلوجة امر اصعب من ان نستوعبه. لقد برزت هذه المدينة السنية كمعقل للبعثيين والجهاديين الذين يقومون بمذابح مخيفة ضد الاميركيين والعراقيين على حد سواء، وقد بدأ جنود المارينز عملية تجفيف هذا المستنقع في اوائل شهر نيسان، ومع انهم خسروا اكثر من دزينة من الرجال فقد كانوا مستعدين جيدا للخروج من هذه المعركة بنتيجة منتصرة، مثلما فعلت اجيال سابقة من جنود المارينز في بيلو وود، وتارالوا وهيو، لكنهم لم يحصلوا على الفرصة ابدا. اصبح البيت الابيض قلقا من ان المزيد من الضحايا العراقيين يمكن ان ينسف التأييد للاحتلال بين العراقيين وان المزيد من الخسائر الاميركية يمكن ان يكون لها نفس الاثر بين الاميركيين، لذلك صدرت الاوامر لجنود المارينز بالانسحاب وتسليم الامور لقوة هشة من الجنود العراقيين السابقين، الذين من المحتمل ان يعززوا المتمردين بدلا من قمعهم، ومع ان هذا يمكن ان ينجح على نحو معين فان الجنود الاميركيين حاولوا نهج عدم التدخل في الفلوجة ومن الصعب ان نعرف لماذا يمكن لهذا ان ينجح بينما فشل في الماضي. قد تنفي الحكومة ان هذا القرار الذي سينقذ الارواح على المدى البعيد لكنه من المحتمل ان يكلف ارواحا اكثر على المدى البعيد عبارة عن هزيمة. المقاتلون يعرفون ما هو افضل فقد ابتهج مقاتلو الفلوجة، وقد اخذوا يرقصون يلوحون بأعلام الاسلام الخضراء ويعلنون: الله منح النصر لهذه المدينة على الاميركيين. وبالمقابل كان جنود المارينز مكتئبين فقد تحدث اندروا توكرو الذي فقد زميلا له في الفلوجة: كنت اريد البقاء هناك واحارب حتى النهاية. اذا لم تكن الحكومة راغبة في القتال حتى النهاية ضد «اللصوص والقتلة» كما وصف بوش اعداءنا فليس هنالك اي داع لوجود قواتنا في العراق، لكن اذا بقينا جادين ازاء اقامة حكومة تمثيلية وكان لاي احد فكرة افضل فان هذا ما يزال هدفا ليس مستحيلا رغم كل تخبطاتنا. ان الولاياتالمتحدة تقوم بتحسين الامور بنقل سلطة سياسية اسمية على الاقل للعراقيين الذين سيتمتعون بشريحة اكبر مما استطاع بول بريمر ان يعطيهم، لكن التحالف ما يزال لا يقوم بما هو كاف للتصدي لوضع امني متدهور يعيق التنمية السياسية والاقتصادية وفي ضوء الفشل الكبير لقوات الامن العراقية فان اعادة القانون والنظام قد تستدعي ارسال المزيد من القوات الاميركية وهي تستدعي بشكل مؤكد تنظيف الفلوجة بطريقة او اخرى ولا يمكن للعراق ان يصبح بلدا حرا طالما ظلت هذه المدينة ملاذا للمتهورين. لوس انجيلوس تايمز