لم يكن الحكم بحل حزب الحرية والعدالة يمثل مفاجأة لمتابعي الحالة الانقلابية، لكنه يأتي تتويجًا لخطوات النظام المستمرة لاجتثاث آثار ثورة الخامس والعشرين من يناير. كما أنه من جهة يمثل استمرارًا لنهج النظام الانقلابي في خلق حالات إشغال دائم للرأي العام المصري شأنه شأن كافة القضايا التي تثار وتتضخم إعلاميا للفت الانتباه بعيدًا عن مصائب النظام وإخفاقاته والتعمية على ما يتم الترتيب له بليل. حزب الحرية والعدالة لا يحتاج قرار حل فقد سبقت يد النظام واعتقلت كافة قيادته وكوادره. وسياسة الإلهاء والإشغال بداية من الثعبان الأقرع وانتهاءا بخطيب المسخرة المدعو ميزو ستظل منهجية ثابتة للنظام ليستغفل بهاليل السياسية ويخدر العقول. وبعيدا عما سبق أواصل التعليق على الحكم بناءا على طلب أحد أصدقائنا من الصحفيين. 1- لا جدال في أن الحكم سياسي بامتياز وفيه مخالفات واضحة للمتعارف عليه دستوريا وقانونيا والعجلة الشديدة في إصدار هذا الحكم تؤكد على ذلك. 2- الحكم تواصل لعملية تجريف الحقل السياسي التي بدأها النظام منذ انقلاب الثالث من يوليو وطعن للحياة السياسية في مقتل يجهز علي ما تبقى فيها من أنفاس. 3- الحكم يؤكد على طغيان رؤية النظام الإقصائية على مؤسسات العدالة في مصر. 4- كما أنه تأكيد على مرحلة الصوت الواحد في مصر فلا صوت يعلو على صوت النظام ورسالة واضحة للجميع ولمن يأتي عليه الدور. 5- حزب الحرية والعدالة هو الحزب الأكبر في الحياة السياسية المصرية ومصداقية الأحزاب وحضورها لا تكتسب بالأوراق وقرارات المحاكم ولكن تكتسب بثقلها وبقواعدها في الشارع بين الجماهير، والحرية والعدالة لا يختلف أي قارئ للمشهد المصري على أنه صاحب أكبر قاعدة ثابتة في مصر. 6- الحكم الصادر رغم أنه موسوم بالمخالفة للأعراف الدستورية والقانونية فرغما عن ذلك فإن المسالك القضائية لن تجدى نفعاً في الرد بالطعن على هذا الحكم نظرا للهيمنة الواضحة للنظام على مؤسسات العدالة في مصر فالمشرع والقاضي والمنفذ واحد. 7- أما ما يتعلق بحديث البعض عن مدى إمكانية تدويل القضية فأعتقد أن الأمر من الناحية العملية غير ممكن لأسباب كثيرة وحتى إن رأى البعض ثمة تخريج ما يصب في هذا الاتجاه إلحاقا بجرائم النظام ضد الإنسانية وعمليات القتل التي مارسها ضد معارضي الانقلاب فأعتقد أن الأمر أيضا غير منتج. خلاصة القول قطار الانقلاب يرجع بمصر إلى الخلف بأقصى سرعة والنظام مستمر في غيه ولا يعرف ما يسمى بالحلول السياسية. مصر تعيش ارتدادات عنيفة منذ الانقلاب ولن يوقف هذا الارتدادات إلا زلزال وعي واستفاقة لأن استمرار الحالة الانقلابية الخاسر الوحيد فيها مصر وشعبها والرابح الأوحد أعداؤها. هنا يسأل البعض إذا ما هو الحل ؟ ليس هناك من حل سوى استمرار الحراك المناهض للانقلاب على كافة الأصعدة حتى دحر الانقلاب عندها ستتنفس مصر الحرية وتستظل بالعدالة. معركة الوعي مستمرة