عبد الفتاح السيسي يسير على خطى جزار دمشق بداية من قتل المتظاهرين والمعتصمين في الشوارع والطرقات، إلى سحل البنات في الجامعات إلى اغتصابهن في مقار الاحتجاز على يد رجال الشرطة. وكان من أواخر ما جمع بين الشخصين هو زيارة السيسي للكنيسة للتهنئة بعيد القيامة، بالتزامن مع زيارة أعلن عنها الأسد لأديرة معلولا لذات الهدف. الحملة الانتخابية للسيسي ذكرت أن زيارته الكنيسة رسالة للمسيحيين بأنه ملتزم بدولة المواطنة، ورسالة للخارج أيضا تحمل نفس الدلالات. وحول هذة الدلالات وأوجه الشبه بين السيسي والأسد استضافت قناة الجزيرة بعض المحللين السياسيين والمتخصصين في شئون الكنيسة، والذين أكدوا أن الاهتمام بالمسيحيين في كل من مصر وسوريا في هذا التوقيت هدفه سياسي بحت، ولا يعود إلى شعور بالمسئولية عن الأقليات. ويفسر مايكل سيدهم سر عضو حركة مسيحيين ضد الانقلاب الاهتمام بالمسيحيين سواء في مصر أو في سوريا، بأن أي نظام استبدادي يسعى لتقسيم المجتمع إلى فئات على أساس طائفي أو عرقي، ويتعامل مع كل طائفة من خلال أشخاص معينين. ويضيف أنه في الحالة المصرية فإن الطرف المسيحي كان مشاركا كبيرا في وصول السلطة الحالية للحكم، منذ مظاهرات 30 يونيو وانقلاب 3 يوليو الماضيين، حيث أصبح للمسيحيين دور في المعادلة السياسية ويتم التعامل معهم في شخص بابا الإسكندرية. وأشار سيدهم إلى أن الدولة العميقة في مصر انتابها القلق بسبب التحام المسيحيين مع بقية الشعب أثناء وعقب ثورة 25 يناير، واعتبرت أن تلك اللحمة تشكل خطرا عليها، لذلك جاءت الثورة المضادة في 30 يونيو، وكان الطرف المسيحي مشاركا فعالا بسبب التخويف المستمر من الإسلاميين. ويشدد سيدهم على أنه لا توجد مشكلة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وهناك احترام من كلا الطرفين، والتطرف جاء من أطراف في المشهد السياسي تستفيد من إشعال التوتر. وفيما يرى سيدهم أن لتلك الزيارات أهداف سياسية، يرى سعيد لحدو عضو الأمانة العامة بالمجلس الوطني السوري أن زيارات الأسد لمعلولا إنما هي من باب "ذر الرماد في العيون" وتلميع صورته كرجل علماني ديمقراطي وطني يحرص على التنوع والتعدد. وقال لحدو إن المسيحيين كانوا يشكلون مكونًا هامًا وفعالاً في المجتمع السوري، حتى حدث انقلاب البعث، ومنذ ذلك التاريخ بدأ هذا المكون قي التلاشى شيئا فشيئا، وفقد تأثيره بسبب سياسات عائلة الأسد. وأشار لحدو إلى أن المسيحيين السوريين كانوا روادا في الفكر والسياسة والاقتصاد، بدعم من الأغلبية المسلمة، والآن ورغم الأزمة لا يتخوفون من التطرف، لأنه قادم من الخارج، وبمجرد زوال النظام سيزول التطرف لأنه ليست لديه حاضنة اجتماعية. من جهته يطرح الأستاذ محمد السماك رؤية مغايرة، مؤكدا أن مشكلة المسيحيين في العالم العربي ليست مسألة مطالب، لكنها مشكلة حقوق، فهم بحاجة للاعتراف بمشاركتهم في الوطن، وهو أمر غائب عن التفهم الإسلامي العام. ويضيف السماك -الأمين العام للجنة الحوار الإسلامي المسيحي- أن المسلمين مقصرون في إدراك المخاوف المسيحية الحقيقية، ويتعاملون معها على أنها مصطنعة وليست حقيقية وهناك من يحركها ويستغلها، لذلك عليهم إعادة النظر في المخاوف المسيحية وأسبابها. ويرى السماك أن اعتماد الدولة المدنية لحكم البلاد العربية هو الحل الأفضل لتحقيق المواطنة التي لا تتعارض مع أي مبدأ ديني، بل تضمن المساواة بين المواطنين وتحترم الحريات بما فيها الحريات الدينية. ويتفق لحدو مع السماك مؤكدا أن الضمانة يجب أن تكون هي الدولة الوطنية والديمقراطية وإحلال دولة القانون محل الطائفة أو العسكرة.