ردود أفعال هي الأقوى تلك التي أثارها الهاشتاج الأشهر في مصر «انتخبوا العرص» والذي دشنه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وحقق نسبة مشاركة هي الأعلى على موقع تويتر. كان طبيعياً أن يثير هذا الهاشتاج غضب وامتعاض مؤيدي الانقلاب، وهو ما لُمس من الهجوم الإعلامي الكبير على هاشتاج «انتخبوا العرص»، إلا أن الهاشتاج هذا لم يثر جدلاً فقط عند مؤيدي الانقلاب، بل فتح دائرة من الجدل بين رافضي الانقلاب بعضهم البعض، بسبب استخدام هذا اللفظ الذي وصفه البعض ب «غير اللائق أخلاقياً» فيما اعتبره آخرون وصفاً لشخص قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي الذي قرر مؤخراً رسمياً خوض الانتخابات الرئاسية. هذا الجدل دفع البعض للبحث عن أصل كلمة «العرص».. فاتفق الجميع على أن للكلمة أصل وهو ذلك المسمى الوظيفي الذي كان يطلق على رجل الشرطة المعني بالتفتيش على بيوت الدعارة - في الأربعينيات من القرن الماضي - حين كانت مرخصة في مصر إبان الاحتلال الإنجليزي حيث يعني هذا الشرطي بالتفتيش على الأوراق الرسمية لمن يعملون بالدعارة من حيث الشهادات الطبية وغير ذلك. إلا أن المفاجأة التي سيتعجب لها كثيرون في السطور القادمة، تكمن في أن أصل كلمة «عرص» لم تكن فترة الأربعينيات كما اعتقد البعض، ولكنها كلمة يزيد عمرها - رسمياً - في مصر عن أربعة قرون كاملة وربما يكن عمرها أكثر من ذلك بكثير. ذلك أن الوثائق التي تشملها دار الوثائق القومية بالقاهرة، تحوي في سجلاتها الآلاف من الوثائق الخاصة بالمحكمة الشرعية في مصر خلال الحكم العثماني، والتي تتضمن أشكال الدعاوى التي كانت في هذا العصر، وكان من بينها دعاوى السب والقذف. وكان المدعى والمدعى عليه يقفان أمام القاضي ليبدأ الشاكي عرض شكوته ودعواه، حيث كان يوجه للمدعى عليه تهمة السب بأنه قال له كذا وكذا، وكان من بين الألفاظ الشائعة وقتها، وكانت تكتظ بها دعاوى السب، لفظ «العرص». ومن المعروف أن وثائق المحاكم في دار الوثائق القومية، تعود للقرن العاشر الهجري، ما يعني أن التوثيق للدعاوى حدث منذ 4 قرون، وهو ما يفتح باب الاحتمال بأن تكون الكلمة أقدم بكثير عن العمر المقدر لها - وثائقياً - . ووفقاً للقراءات التاريخية فإن الكلمة كانت تستخدم بديلاً للفظ الشائع حالياً وهو «القواد» أو «الديوث» وهو ما يعني أن الكلمة في أصلها لم تكن تندرج تحت نطاق الكلمات الخادشة للحياء بقدر ما كانت تتستخدم للتشهير والقذف على غرار اللفظين السابق ذكرهما، ما يفتح باب التساؤل .. لماذا امتنع الناس حالياً عن ذكر الكلمة الأولى، واكتفوا بالترديد دائماً للفظي القواد والديوث؟...