حاول الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته في عاشوراء الايحاء بأن الحزب ليس خائفاً من تقارب ايراني - أميركي. وخلافاً للسعودية واسرائيل، حليفتي واشنطن، أعلن نصرالله، عدوها اللدود، دعمه اتفاقاً نووياً محتملاً بين الجمهورية الاسلامية والغرب. وذهب الى حدّ ملاقاة جون كيري في التحذير من أن الخلاف في جنيف قد يؤدي الى حرب. ليس كلام السيد نصرالله مفاجئاً فهو يشكل امتداداً لمباركة المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي محادثات جنيف ووصفه المفاوضين الايرانيين فيها بأنهم "أبناء الثورة". غير أن ما قاله من أنه إذا ذهبت الأمور في اتجاه الاتفاق، سيكون الحزب "أقوى وأفضل حالاً محلياً وإقليمياً"، فيثير أكثر من علامة استفهام، وإن يكن يدخل في اطار اللعبة السياسية الداخلية في لبنان. حتى الآن، تنحصر المحادثات بين ايران والغرب في الملف النووي، ولا تشمل الدور الاقليمي لطهران ولا التوتر المذهبي الذي يثيره تدخلها في سوريا والعراق والبحرين ودعمها "حزب الله". لكنّ محلّلين أميركيين ينقلون عادة وجهة نظر الادارة الاميركية، دأبوا في الايام الاخيرة على تسويق التسوية المحتملة، معتبرين أنها تخدم المصالح الأميركية وتمهد لا لانهاء ثلاثة عقود من حرب باردة أضرت بمصالح واشنطن فحسب، وإنما أيضاً تساهم في تحقيق تعاون بين الجانبين في سوريا والعراق وأفغانستان والنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، الى قضايا أخرى كالطاقة والارهاب. ويذهب ديفيد اغناثيوس وتوماس فريدمان الى حدّ القول إن دمج ايران في هيكلية اقليمية أوسع يمكن أن ينهي الحرب السنية - الشيعية التي تهدد الشرق الاوسط كله. وبصرف النظر عما اذا كانت مقاربة ايران لتبعات التسوية النووية مطابقة لهذه المقاربة الاميركية، فلن يكون دور "حزب الله"، الحليف الوثيق لايران، الذي تصنفه واشنطن منظمة ارهابية، بعيدا من أيّ ترتيبات في ايّ تسوية. ومن شأن دور أقوى للحزب، أن يقوض بالتأكيد الاهداف المرجوة من التسوية مع ايران. وليس ما يحصل في لبنان على خلفية تدخل الحزب والمكاسب التي يحققها النظام بمؤازرته في سوريا، إلا دليلاً على ذلك. لم يكن فريدمان في حاجة الى القول أن الاميركيين لا يستخدمون قانونيين للتفاوض مع ايران من أجل مصلحة اسرائيل ودول الخليج لتكون لهذه الدول الكلمة الاخيرة في الاتفاق. وما من أحد يتوهّم أصلاً أن واشنطن تتعامل مع الأزمة الايرانية أو سواها لغير مصالحها الخاصة. تماماً كما لا يتوهم اي لبناني أو سوري أن تحجيم "حزب الله" في سورياولبنان هو الشغل الشاغل للمفاوضين الاميركيين في جنيف. بيد أن الحزب أيضاً برفعه السقف يبالغ في رهاناته. ولكن مهلاً، فقارة ليست سوريا واللعبة لم تنته بعد. نوع المقال: سياسة دولية الولاياتالمتحدةالامريكية الشرق الاوسط