الشعب المصري بقواه الوطنية وحركاته الشبابية لم يقبل قط بقاء مصر في هذه الوضعية، بل ظلّ يغلي كمرجل إلى أن انفجر في ثورة 25 يناير التي شكلت، بموجتيها، امتداداً لما سبقها في التاريخ الحديث والمعاصر من نضالات وحركات شعبية مصرية كبيرة، وقفزة نوعية، بل تاريخية، في سياقها، حيث استعادت مصر بعزيمة شعبها توجهات حقها الطبيعي في الاستقلال والسيادة الوطنييْن والديمقراطية والتقدم والعدل الاجتماعييْن، كأهداف لا يمكن الفصل بينها، رغم تشوش صياغتها بقصد حيناً وبجهل حينا آخر . وبالموجة الثانية لثورة 25 يناير تعمق أكثر، وصار حاسماً أكثر، دور الشعب المصري في رسم السياسة داخلياً وخارجياً . وبالنتيجة صار الداخل المصري قادراً على إجبار الخارج الإقليمي والدولي على إعادة حساباته والتعامل مع ديناميكيات هذا الداخل والتوافق مع مشروعية مطالبه، خاصة بعد إسقاط سلطة جماعة "الإخوان" ومحاولتها اختطاف ثمرة الثورة وتقزيم مطالبها واحتواء مفاعيلها بالاتكاء على الكابح الأول لاستقلال مصر وسيادتها وتنميتها وتحديثها وحداثتها، أي الولاياتالمتحدة . والمفارقة المحزنة، إنما الدالة أيضاً، هي أن قيادة جماعة "الإخوان" لم تلتقط أن الولاياتالمتحدة لم تعد القطب الأوحد في السياسة الدولية ونظامها، بل صارت تصارع على مكانة القطب الأكبر بين أقطاب عدة . ولا عجب . فقيادة "الإخوان" تعرف عن تاريخ مصر، لكنها لا تعرفه . فهي لا تعرف، (مثلاً)، أن مصر لم تنهض يوماً إلا عندما كان النظام الدولي متعدد الأقطاب . فحتى محمد علي تحالف مع فرنسا ضد بريطانيا، لكن فرنسا خذلته عندما أدركت توجهاته الاستقلالية، بينما أبدع عبد الناصر في الاستفادة من الصراع بين المعسكرين "الشرقي" و"الغربي"، وأضاف بإبداع أيضاً المساهمة العربية في تأسيس مجموعة دول عدم الانحياز كمشروع حقق إنجازات كبيرة لمعظم دول ما يسمى "العالم الثالث"، ومنها مصر وأكثر من دولة عربية أيضاً . لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا