"اليوم تمثل ديربورن قصة نجاح نموذجية للأميركيين العرب اذ انهم لا يمثلون فقط ثلث عدد سكان المدينة البالغ نحو 100000 نسمة ولكنهم أيضا يشكلون ثلث عدد الناخبين المسجلين، فضلا عن ان رجال الأعمال من الاميركيين العرب يمثلون المحرك الذي يوفر فرص عمل ونموا للمنطقة. لقد بنى مجتمع الأميركيين العرب مؤسسات خدمة اجتماعية هائلة تلبي احتياجات عشرات الالاف من الاسر من العرب وغير العرب على السواء." بالنسبة للذين عملوا منا مع مجتمع الاميركيين العرب في دبربورن بمتشجان خلال العقود الثلاثة الماضية شكلت الانتصارات التي حصلت في الانتخابات البلدية الأسبوع الماضي اكثر من خبر كبير حيث انها تمثل تأكيدا واثباتا لإيماننا بقوة وحيوية مجتمع الاميركيين العرب. فبعد هذه الانتخابات سيصبح رئيس مجلس مدينة ديربورن من الاميركيين العرب وهي سوزان دباجا، وفي المجمل هناك اربع من 11 عضوا بالمجلس من اصل اعربي. وسيعمل بجانب دباجا مايكل ساريني (أمه كانت اول اميركية من أصل عربي تنتخب لمجلس ديربورن عام 1989) وروبرت ابراهام وديفيد بازي. قبل ثلاثة عقود كانت ديربورن قصة مختلفة. في عام 1985 طلبت مني مجموعة من الاميركيين العرب القدوم إلى ديربورن لتقديم يد العون، على اساس ان المجتمع العربي هناك يعاني من صدمة جراء قيام مرشح فردي على منصب عمدة المدينة في انتخابات ذلك العام بإرسال رسالة لكل بيت بالمدينة انتشرت كالهشيم في النار وتصدرت عناوين الصحف تقول "هيا نناقش مشكلة العرب" باستخدام لغة تحريضية واستنكار للعدد الكبير من الاميركيين العرب المنتقلين إلى المدينة. ووصف المرشح طرقهم الأجنبية ولغتهم الأجنبية وعاداتهم السيئة قائلا ان وجود مثل هذا العدد الكبير من العرب فيه تهديد لأحيائنا وقيمة ممتلكاتنا وطريقة حياتنا. كان الخطاب تحريضا محضا باستخدام الخوف من العرب لإثارة الذعر لدى باقي سكان ديربورن لدعم ترشحه. سافرت إلى ديربورن في اوج الازمة للمساعدة في التعامل مع الضرر والغضب والخوف الذي خلقه هذا المرشح بين الاميركيين العرب. وفي اول ليلة لي هناك تحدثت إلى جمع غفير في احد المراكز المجتمعية وقلت لهم اننا لا نشكل مشكلة لديربورن بل نحن المستقبل الواعد للمدينة، ومسئوليتنا ان نحول انفسنا إلى ذلك الوعد. في اليوم التالي حصلنا على قوائم الناخبين بالمدينة واكتشفنا انه برغم ان عدد الاميركيين العرب بالمدينة بلغ نحو 19000 صوت من اجمالي 90000 مقيم بالمدينة، الا ان 1100 ناخب فقط منهم مسجلون بجداول الناخبين، وبالتالي بدا منطقيًّا ان الاميركيين العرب سيكونون كبش فداء ملائم لأي سياسي مدقق وشديد، اذ رغم حضورهم الكبير الا انه بسبب عدم وجودهم بجداول الناخبين لم يستطيعوا مساعدة او اضعاف اي مرشح لمنصب انتخابي. عند هذه النقطة بدأ جهد جماعي لتمكين المجتمع بحيث لا يصبحون في موقف ضعف مجددا، وخلال العقد التالي قمنا بتنظيم وتسجيل الناخبين وحشد المشاركة المجتمعية في المعترك السياسي، ومنذ ذلك الحين حدث تقدم كبير. في عام 1988 وبفضل حشد الاف الناخبين الاميركيين العرب النشطين فاز جيسي جاكسون بالتجمعات الانتخابية للانتخابات الرئاسية، وفي 1989 تم انتخاب سوزان ساريني اول اميركية من اصل عربي لعضوية مجلس المدينة، واعيد انتخابها بشكل مستمر طوال عقدين إلى ان تقاعدت مؤخرا. بحلول عام 1996 عندما زاد عدد الناخبين الاميركيين العرب المسجلين إلى 8000 حضر عمدة المدينة (نفس المرشح الفردي الذي قدم مجتمعهم ككبش فداء عام 1985) فعالية سياسية برعاية المعهد العربي الاميركي، وافتتح ملاحظاته بكلمة عربية مقتبسة من القرآن الكريم، وأشار إلى المجتمع بعبارة "إخواني وأخواتي"، وبعدها بسنوات عندما جرت تظاهرات احتفالية في ديربورن في اعقاب انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان كان احد ابرز المشاركين في هذه التظاهرات هو هذا العمدة بنفسه! اليوم تمثل ديربورن قصة نجاح نموذجية للأميركيين العرب اذ إنهم لا يمثلون فقط ثلث عدد سكان المدينة البالغ نحو 100000 نسمة ولكنهم ايضا يشكلون ثلث عدد الناخبين المسجلين، فضلا عن ان رجال الاعمال من الاميركيين العرب يمثلون المحرك الذي يوفر فرص عمل ونمو للمنطقة. لقد بنى مجتمع الاميركيين العرب مؤسسات خدمة اجتماعية هائلة تلبي احتياجات عشرات الالاف من الاسر من العرب وغير العرب على السواء. كما تشارك المدينة بعضوين في الكونجرس وكلاهما يستجيب بشكل فريد لسلسلة كاملة من اهتمامات المجتمع الخارجية والمحلية؛ هذا غير عشرات الأميركيين العرب الذين يحتلون مناصب بارزة سواء كمسئولين منتخبين او معينين. لقد كان للانتخابات الاخيرة طعم خاص، ذلك انه بعد حصول الاميركيين العرب على اربعة من اصل سبعة مقاعد بمجلس المدينة وانتخاب امرأة اميركية عربية شابة وذكية رئيسة للمجلس فإن المجتمع بات في وضع مناسب كي يصبح المستقبل الواعد للمدينة. جيمس زغبي* رئيس المعهد العربي الأميركي نوع المقال: الولاياتالمتحدة الامريكية