هاهي دولة الفساد والقمع تفعل كل ما بوسعها لتحمي نفسها من المسائلة القانونية، وهو ما يأتي في إطار تسريبات الفريق عبد الفتاح السيسي عندما طالب بتنظيم حمله يقودها المثقفين لتحصينه هو شخصيا من المساءلة القانوني. فقد كلف مجلس الوزراء، وزراء العدل والاستثمار والعدالة الانتقالية، بإعداد مشروع قانون لحماية تصرفات كبار المسؤولين بالدولة "التي تتم بحسن نية" ودون قصد جنائي. وعلق الفقية الدستوري عصام الإسلامبولي، على هذا الأمر بأنه مشروع قانون فكرته غريبة جدا، وسيمثل غطاء لمفسدة قادمة. وأشار الفقية الدستوري، إلى أن "القانون لا يعاقب أحدا لمجرد أنه ارتكب فعلا بسوء نية"، مشيرا إلى أن "جميع القوانين تقوم على ركنين، أحدهم مادي والآخر معنوي، فإذا توافر الركن المادي ثم لم يتبين وجود قصد جنائي أو نية معنوية، تنتفي الجريمة، فلما القانون؟". وأضاف "هذا القانون سيعطي فرصة للفساد تحت غطاء قانوني، وهذه مسألة غير لائقة بالمرة". ورجح الإسلامبولي أن يكون السبب من هذا القانون أنه شاع أن هناك مسؤولين يخشون أن يوقعوا على قرارات حتى لا يتعرضوا للمساءلة، وأعتقد أنه إذا كان هناك من يخاف أن يوقع لا يتولى المسؤولية، لأنه لا توجد مشكلة في تحمل المسؤولية إذا كان يطبق القانون". واستنكر الفقية الدستوري ثروت بدوي مشروع القانون، وأضاف"إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، مؤكدا أن هذا القانون "فوق مستوى الخيال، لا أتخيل أن يصل الأمر إلى هذا الحد". من جهته، أكد الدكتور عبد الله المغازي البرلماني السابق، أن ما يطلبه مجلس الوزراء بشأن إصدار قانون يحمي تصرفات كبار المسئولين التي تتم بحسن النية، هو شيء منافٍ تمامًا للقانون والدستور، لافتًا إلى أن تحصين المسئولين ضد المسئولية هو ردة خطيرة على مباديء الثورة المصرية في 25 يناير. وأضاف المغازي "أن المسئول عليه تطبيق القانون في تصرفاته، وإلا سيعاقب به على مخالفته له، وأنه لا أحد فوقه في الدولة وفقًا لما تطلع إليه الشعب في ثورته.