ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تلغى الانتخاب ... لما تقتل الشباب لما تفتح السجون ... لما يرجع العذاب لما تقتل السجود ... لما تنزع الحجاب ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تخنقنى بغاز ... لما تحرقنى بجاز لما تضرب بالرصاص ... لما تحرمنا القصاص لما مستقبل بلادى ... لنظام بقى ملك خاص ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تحرس اللى خان ... لما تسجن اللى صان لما تقطع اللسان ... لما يتهدد ميدان لما يوعظنا شيطان ... لما تمنع الاذان ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تيجى طيارات ... ترمى حبة منشورات ترمى في التحرير جوايز ... ترمى لينا تهديدات ليه بتفرق المعاملة ... ليه تقسمنا لحارات ثورة دى ولا انقلاب ؟! لو تلبسنا لجام ... أو تموت الكلام لو تفض الاعتصام ... أو تكسر العظام لما تحبس الكرام ... والنهار يبقى ظلام ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تقفل الشاشات ... والكلام بقى سكات لما تقتل السنوسى* ... اللى صور الممات لما ترجع الطوارى ... لما تقتل البنات ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما سيسى اللى خاننا ... بيوجهنا بالسلاح لما اعلامنا يحاربنا ... لما نسمع النباح لما بلطجى بلدنا ... للمساجد استباح ثورة دى ولا انقلاب ؟! لما تسجن الرئيس ... لما تلغى برلمانا لما تمدح اسرائيل ... ف اللى بعنا واللى خاننا لما دستور البلاد ... بيدسوه بألف جزمة ثورة دى ولا انقلاب ؟!ا لا تزال أصداء تلك الأغنية، التي ألفها الشاعر مصطفى الصاوي، تتردد في كافة ميادين رافضي الانقلاب، بعد مرور أكثر من شهر ونصف على استشهاد منشدها محمد بيومي، والذي استهدفته آلة البطش في أحداث مظاهرات رمسيس 16 أغسطس، بحيث أصبح بيومي نفسه ضحية لمقصلة الانقلاب الدموي، التي لا تفرق بين مسلح أو مسالم. ولأن لكل ثورة أيقونتها، فقد أضحت الأغنية ومنشدها بمثابة التميمة التي تترسخ في عقل وقلب مناوئي الرجوع إلى الدولة البوليسية، والعصف بكافة مكتسبات الثورة الحقيقية التي كانت شعارها "عيش، حرية، كرامة اجتماعية"، وهي الشعارات التي خسف بها الانقلاب عرض الحائط، وكأنه يقول لرافضي الانقلاب إن "أقصى أمنية الهم هي البقاء على قيد الحياة"، بحسب تعبير الكاتب الصحفي وائل قنديل. والشهيد محمد حسين بيومي عطية، كما تقول صفحة "كلنا الشهيد محمد بيومي" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من مواليد الشرقية 1987 وتخرج من كلية العلوم جامعة الزقازيق، وتزوج، وأنجبت زوجته طفلا سماه "البراء"، يبلغ عمره الآن السنتين. واشتهر بيومي بصوته الشجي، حتى أن أسس فرقة "أحلى حياة" الإسلامية"، وشدا بالعديد من الأناشيد والأغاني أبرزها: " بعنا ولا خونا" , "الفجر هيرجع بإيدينا" , "هل هلال الخير" , "زي الجسد الواحد" , تتشل الأيادي. و استشهد بيومي في 16 أغسطس في مذبحة رمسيس الذي وصفها الكاتب البريطاني روبرت فيسك بقوله: " شاهدت الشرطة تطلق الرصاص على متظاهرين سلميين، وأطلق علي رجل شرطة رصاصة مرقت من جانبي تماما"، ووصفها الكنديان جون جريسون وطارق لوباني المعتقلين في مصر منذ 16 أغسطس في بيان مسرب أوردته صحيفة "جلوب أند ميل" الكندية بقولهما: " بسبب الاحتجاجات في ميدان رمسيس وفي أنحاء مصر في 16 أغسطس، لم نستطع العبور إلى غزة، وقررنا إلقاء نظرة على الميدان، القريب من الفندق ، ومعنا جوازا السفر، وكاميرا فائقة الجودة، بحوذة جون، وكانت المظاهرات قد بدأت للتو، وسمعنا هتافات سلمية، مع رائحة الغاز المسيل للدموع، وهليكوبتر تحلق ببطء فوق المظاهرات، ثم شاهدنا شابا محمولا من آخرين ينزف من طلق ناري، وبدأ طارق يمارس مهامه كطبيب، وقام بعمل إجراءات الطوارئ، وحاول إنقاذ الأرواح، في الوقت الذي قام فيه جون بتوثيق الأحداث بالفيديو، مسجلا أحداث المذبحة التي كانت تتكشف. لم يتوقف قدوم المصابين والقتلى، لقد شاهدنا ما يزيد عن خمسين قتيلا: طلاب وعمال ومهنيون وأساتذة، من كافة الأعمار، غير مسلحين، وعلمنا فيما بعد أن إجمالي القتلى في ذلك اليوم بلغ 102". ولعل الانتشار المكثف لأغنية "ثورة دي ولا انقلاب" وإسهامها في إثارة حماسة الثوار ودغدغة مشاعرهم، وتعديدها للفظائع المروعة التي شابت الانقلاب، يؤكد الكلمات التي شدا بها أبو العتاهية الشاعر العباسي، في البيتين الشهيرين له القائلين: منَ الناسِ مَيْتٌ وهوَ حيٌّ بذكرِهِ وحيٌّ سليمٌ وهْوَ فِي النَّاسِ مَيتُ فأمَّا الذي قَدْ ماتَ والذِكرُ ناشرٌ فمَيتٌ لهُ دينٌ، بهِ الفضْلُ يُنعَتُ لقد حرم الانقلاب الطفل "البراء محمد حسين بيومي" من والده، لكن الأخير ترك لنجله إرثا سيظل الثوار الحقيقيون يرددونه بملء أفواههم، ويجيبون على السؤال "ثورة دي ولا انقلاب؟" باجابة قاطعة تقول: " إنه انقلاب أيها الشهيد".