كنا قد نشرنا الحلقة الأولى من ملف "تناقضات التيار المدني" والتي تم فيها إبراز أهم التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة العشرة المعينين ويناقشها حاليا أعضاء لجنة الخمسين المعينين وقارناها بمثيلاتها في دستور 2012 المستفتى عليه من قبل الشعب، واليوم في الحلقة الثانية من الملف نستكمل المقارنات بين تعديلات "العشرة" والنصوص الأصلية في دستور 2012. ففي باب الصحة نصت المادة "62" من دستور 2012 المستفتى عليه على أن "الرعاية الصحية حق لكل مواطن، تخصص له الدولة نسبة كافية من الناتج القومي، وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية، والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة، ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين، وتلتزم جميع المنشآت الصحية بتقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل مواطن في حالات الطواريء أو الخطر على الحياة، وتشرف الدولة على كافة المنشآت الصحية، وتتحقق من جودة خدماتها، وتراقب جميع المواد والمنتجات ووسائل الدعاية المتصلة بالصحة، وتصدر التشريعات وتتخذ كافة التدابير التي تحقق هذه الرقابة. وما يقابل هذه المادة في دستور "الانقلابيين" هي المادة "17" وتنص على أن "تلتزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية لكل مواطن، وتخصص لها نسبة كافية من الموازنة العامة للدولة، وتكفل الدولة تقديم خدمات التأمين الصحي لجميع المواطنين، ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين، ويحظر الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطواريء، أو الخطر على الحياة، وتخضع جميع المنشآت الصحية لإشراف الدولة ورقابتها وفقا للقانون. ويكمن الفرق بين المادتين أن الأولى في الدستور المستفتى عليه من الشعب تنص في أن الرعاية الصحية حق لكل مواطن وتخصص له الدولة نسبة كافية من الناتج القومي أما في المادة المعدلة فتنص على أن "الدولة تخصص للرعاية الصحية نسبة كافية من الموازنة العامة للدولة" وهو ما يفتح بابا جديدا من الإهمال في مجال الرعاية الصحية للمواطنين إذ أن كل دول العالم المتحضر تخصص نسبة كافية للرعاية الصحية لمواطنيها من الناتج القومي وليس من الموازنة العامة للدولة. وفي باب التعليم، خصص دستور 2012 أربع مواد للتعليم حيث نصت المادة "58" على أن "لكل مواطن الحق في التعليم عالي الجودة، وهو مجاني بمراحله المختلفة في كل مؤسسات الدولة التعليمية، وإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، وتتخذ الدولة كافة التدابير لمد الإلزام إلى مراحل أخرى، وتعنى الدولة بالتعليم الفني وتشجعه وتشرف على التعليم بكل أنواعه، وتخصص له نسبة كافية من الناتج القومي، وتلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية وغيرها بخطة الدولة التعليمية وأهدافها، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم وحاجات المجتمع والإنتاج. كما نصت المادة "59" من باب التعليم دستور 2012 على أن "حرية البحث العلمي مكفولة والجامعات والمجامع العلمية واللغوية ومراكز البحث العلمي مستقلة، وتخصص لها الدولة نسبة كافية من الناتج القومي. وتنص المادة "60" على أن "اللغة العربية مادة أساسية في مراحل التعليم المختلفة بكل المؤسسات التعليمية، والتربية الدينية والتاريخ الوطني مادتان أساسيتان في التعليم قبل الجامعي بكل أنواعه، وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات العلمية المختلفة. ونصت المادة "61" على أن "تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية وتجفيف منابعها لكافة الأعمال، من الذكور والإناث، وتتولى تنفيذها بمشاركة المجتمع خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور. وفي مواد التعليم في دستور الانقلابيين وضعوا 4 مواد نصت الأولى منهم وهي المادة "18" على أن "لكل مواطن الحق في التعليم وفقا لمعايير الجودة، وهو إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي ومجاني بمراحله المختلفة، في جميع مؤسسات الدولة التعليمية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى، وتشرف الدولة على التعليم بكل أنواعه، وتلتزم بتخصيص نسبة كافية له من الموازنة العامة للدولة، وتلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة، وغيرها بالخطة التعليمية للدولة، وأهدافها بما يحقق الربط بين التعليم وحاجات المجتمع والإنتاج. وتنص المادة "19" في نفس الباب من دستور الانقلابيين على أن "الجامعات والمجامع العلمية واللغوية ومراكز البحث العلمي مستقلة وتخصص لها نسبة كافية من الموازنة العامة للدولة. وتنص المادة "20" على أن اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطني مواد أساسية في التعليم قبل الجامعي، وتولي الجامعات الاهتمام بتدريس القيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة. وتنص المادة "21" على أن "تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية بالنسبة للذكور والإناث من كافة الأعمار وتتولى تنفيذها بمشاركة المجتمع. وبإجراء المقارنة بين ال 8 مواد مجتمعة نجد أن الدستور المستفتى عليه نص على أن المواطن له الحق في تعليم عالي الجودة فيما اكتفى دستور الانقلابيين بالنص على "وفقا لمعايير الجودة". كما نص دستور 2012 على أن "تتخذ الدولة كافة التدابير لمد الإلزام إلى مراحل أخرى، فيما اكتفى دستور الانقلابيين على أن "تعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى" ، وفي المادتين اختلاف واضح إذ أن الأولى تحتم على الدولة اتخاذ "التدابير اللازمة" أما المادة المقابلة لها في دستورهم فتكتفي بحث الدولة على مد الإلزام. وفي المادتين "59" و"19" فيظهر الاختلاف واضحا جليا في أن الأولى نصت صراحة على حرية البحث العلمي فيما أغفلت المادة المقابلة لها ذلك. كما شددت المادة "60" من دستور 2012 على أن اللغة العربية مادة أساسية في مراحل التعليم المختلفة بكل المؤسسات التعليمية، وتم حذف هذه العبارة في المادة "20" من دستور الانقلابيين. ونصت المادة "61" على تجفيف منابع الأمية وأن تتولى الدولة تنفيذ خطة للقضاء عليها بمشاركة المجتمع خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، أما في المادة "21" من دستور الانقلابيين فلم تلتزم بأي خطة زمنية للقضاء على الأمية أو تجفيف منابعها. وفي حلقات قادمة بإذن الله نستكمل المقارنات بين دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب ودستور الانقلابيين "المرقع".