أنه بموجب اتفاقيات أوسلو انتقلت السلطة الفلسطينية، حتى في ظل غياب الدولة، إلى داخل الأراضي المحتلة، وعلى رغم استمرار واقع الاحتلال اليومي للأراضي فقد شكل الانسحاب الجزئي لإسرائيل من بعض المناطق والبلدات الفلسطينية فرصة لتجريب الحرية. هذا وقد نصت الاتفاقيات على انتشار محدود للقوات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة على أن تقود إلى مرحلة انتقالية من خمس سنوات ستستمر خلالها المفاوضات. ولم تكن قضايا الوضع النهائي المرتبطة بالحدود والقدس والأمن مطروحة للنقاش إلا بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، وكان المنطق وراء ذلك أنه على امتداد الخمس سنوات سيكون الطرفان قد أقاما علاقات وبنيا الثقة المتبادلة التي تتيح لهما معالجة القضايا الجوهرية. ولكن ولكي تنجح عملية السلام كان لابد من تحقق عدد من الأمور، أولها تغير دور الولاياتالمتحدة من مجرد ملاحظ مع ميل واضح لدعم طرف دون آخر إلى مشارك حقيقي ومتوازن. فكما نص على ذلك اتفاق أوسلو عجز الطرفان معاً على التوصل إلى حل، ما حتم وجود قوة ثالثة تقدم الدعم للجانبين معاً. ثانياً كان على الفلسطينيين والإسرائيليين التحرك سريعاً من خلال جدول زمني واضح لسد الطريق على المخربين سواء الانتحاريين، أو المستوطنين، أو حتى الاستخدام المبالغ فيه للقوة من قبل إسرائيل، حيث أدى العنف المتبادل إلى ضرب ثقة الرأي العام في مجمل عملية السلام. ثالثاً كان على الاتفاقيات أن تهتم بالنتائج الملموسة التي يستشعرها الشعبان، والحال أن ما حصل هو نمو سريع للاقتصاد الإسرائيلي، فيما تقلص النمو الفلسطيني، وبسبب التصرفات الإسرائيلية الرعناء خلال السنتين اللتين أعقبتا التوقيع على اتفاقيات أوسلو تزايدت وتيرة الاستيطان على نحو غير مسبوق. وتضاعفت معدلات البطالة لدى الفلسطينيين مع تراجع الدخل وإغلاق عدد من الشركات والمصانع أبوابها بسبب التضييق الإسرائيلي على عملية التصدير والاستيراد. وفي الأخير كانت هذه العيوب والتصرفات قاتلة لتنتهي بنسف عملية السلام وتقويضها، حيث تزايد اليوم عدد المستوطنين في الضفة الغربية بثلاث مرات، وما زال الاقتصاد الفلسطيني رهيناً للسلوك الإسرائيلي والمساعدات الدولية، بالإضافة إلى سقوط الآلاف من الضحايا بسبب الاستخدام المفرط للقوة من قبل إسرائيل. ولكن مع ذلك وبعد فترة ممتدة من السبات وانسداد الأفق عاد الطرفان لاستئناف المفاوضات من جديد، وبالطبع لا يستطيع الشخص منا سوى أن يأمل في أن يكون الجانبان قد تعلما من أخطاء تجربة أوسلو كثيراً من الدروس والعِبر. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا