تلعب وسائل الإعلام دوراً خطيراً في بث العنف في مجتمعاتنا الحديثة ويتعرض الأطفال اليوم إلى كم هائل من الرسائل العنيفة عبر وسائل الإعلام سواء عن طريق الأفلام أوالبرامج الرياضية التي تعتمد على الإثارة والعنف كالمصارعة أو الإعلانات أو ألعاب الفيديو إلا أن التليفزيون أصبح الوسيلة الأكثر تأثيرًا في التنشئة الاجتماعية للطفل وبالتالي الأكثر تأثيرًا وقدرة على إيصال الرسالة الإعلامية والقيام بدور مهم وحيوي في إطار الوسائل التربوية والتثقيفية والترفيهية، وهو من شأنه أن يكمل الدور التربوي للأسرة والمدرسة، وأن يكون وسيطًا تربويًا لبث القيم وتغيير الاتجاهات بما ينعكس سلبًا أو إيجابًا على الأنماط السلوكية السائدة في المجتمع، حسب مضمون الرسالة الإعلامية. إن الإعلام بوسائله وإدارته ومضمونه قد يكون أداءه للتنشئة الإيجابية للطفل وحماية له من أي انحرافات سلوكية أو قيمية، إلا أنه قد يكون ذا تأثير سلبي وخطر على الصحة النفسية والعقلية للطفل. يختلف تأثير العنف المتلفز على الأطفال حسب عدة متغيرات، ويرتبط هذا التأثير بعوامل عديدة منها عدد الساعات التي يقضيها الطفل في مشاهدة البرامج التلفزية بمفرده أو برفقة عائلته، سن الطفل وجنسه وشخصته، وهل يكتفي الطفل بالمشاهدة أو تتاح له الفرصة لمناقشة ما يراه من مشاهد مع أسرته. ويتميز الطفل في سن الطفولة المبكرة بحبه للحركة والاكتشاف وهو بذلك يميل إلى البرامج التي تتسم بالحركية، ويبدأ الأطفال في هذه السن باكتشاف العالم عن طريق التلفزيون، وتعرض الأطفال في هذه السن إلى مشاهد العنف يجعلهم يشعرون بالخوف، فهم غير قادرين على التفريق بين الواقع والخيال ولا يفهمون جيدًا ما يرون . هناك حصيلة كبيرة من الدراسات النفسية التي تظهر أن تعلم الصغار يتم من خلال التقليد والمحاكاة، وبالطبع أيضًا أن معظم الآباء يعرفون أن الأطفال يقلدون مشاهد التليفزيون في سن مبكرة، ولكن أصحاب وسائل الإعلام والعاملين عليها، مع أنهم لا يستطيعون إنكار أن التقليد يحدث في بعض الأحيان، يدّعون أن الآثار قليلة وغير مهمة لأن الأطفال يدركون أن التقليد مؤذ لهم. أثار العنف التليفزيوني على الأطفال خلصت دراسة تم إنجازها في كندا إلى أن أفلام الكرتون تحتوي على أكثر مشاهد عنف بخمس مرات من البرامج العادية، وأن الأطفال يصابون بالخوف أمام المشاهد الحقيقية للعنف إلا أن مشاهدة أفلام الكرتون تجعلهم أكثر ممارسة للعنف في لعبهم. ومن الآثار الشائعة نتيجة مشاهدة العنف هي زيادة في المشاعر العدائية، يعتقد بعض الافراد أن العلاقة القوية بين العداوة المستحكمة ومشاهدة العنف تظهر ببساطة أن الناس الذين يتصفون بالعدوانية أكثر ميلاً إلى اختيار العنف كوسيلة ترفيه. وهذا حقيقي في معظمه، أي أن الذين يتصفون بالعدوانية هم أكثر اجتذابًا إلى مشاهدة العنف. ففي الدراسة الميدانية التي أنجزت سنة 1992 تفسر هذه العملية بوضوح، لقد ذهب باحثون في كيوبيك إلى دور السينما، وسألوا المرتادين لها بأن يملؤوا استطلاعًا عن العدوانية قبل مشاهدة فيلم اختاروه و بعد مشاهدته. أظهرت النتائج أن المشاهدين من كلا الجنسين -الذكور والإناث- الذين اختاروا فيلمًا عنيفًا كانوا في البداية أكثر عدوانية من الذين اختاروا فيلما عاديًا لا عنف فيه. وهذا يظهر أن الأشخاص الذين كانوا عدوانيين من قبل كانوا أكثر ميلاً لفيلم عنف من فيلم لا عنف فيه، بل وأكثر من ذلك فإن مستويات المشاهدين العدوانية كانت أعلى حتى بعد مشاهدة فيلم العنف. ومرة أخرى تفند الدراسة بعض الأفكار الشائعة التي تقول إن مشاهدة العنف تساعد على التخلص من زيادة العدوانية بل على العكس من ذلك. طرق حماية الأطفال من العنف التلفزيوني تتخذ حماية الأطفال من العنف التلفزيوني عدة أشكال، ولا تقتصر على الرقابة الأسرية على البرامج التلفزيونية التي يشاهدها الطفل، بل تتعدى ذلك إلى التربية على الإعلام، وتنمية قدرات الطفل على التعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام والمشاهدة السليمة للبرامج التلفزيونية التي ترتبط باختيار البرامج جيدة النوعية من طرف الأهل ومشاركة أبنائهم فيها كلما أمكن ذلك، وتحديد المساحة الزمنية اليومية المخصصة لذلك والتي ينصح المختصون بأن لا تتجاوز الساعة أو الساعتين. الأباء بمشاركتهم متابعة البرامج التلفزيونية إن مشاركة الأباء للأطفال فى متابعة البرامج التليفزيونية يجعلهم يستطيعون استغلال المحتويات لمناقشة بعض المواضيع، كما يمكنهم مساعدة الأطفال على التعبير عن أحاسيسهم، وإبداء آرائهم حول البرامج التي يشاهدونها وتنمية قدرتهم على التفكير، ومشاهدة التلفزيون ليست بالضرورة نشاطًا للتلقي فقط، بل تمكن من إثارة تساؤلات وفضول الطفل، وبالتالي إيجاد أفكار لأنشطة يمكن القيام بها عبد الانتهاء من المشاهدة لتنمية قدراته البدنية أو الذهنية. ومن الضروري أن تطلع رياض الأطفال بدورها في حماية الطفل من العنف الذي تتضمنه البرامج التلفزيونية من خلال اختيار البرامج الجيدة وذات الأهداف التربوية، ومساعدته على الاستفادة من المنافع والفرص الجيدة للتعلم التي يمكن أن تتيحها.