محافظ الغربية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة رأس السنة الهجرية    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    جامعة المنيا ضمن أفضل الجامعات المصرية بالتصنيف الهولندي للجامعات «CWTS Leiden»    النواب يقرر تعديل موعد جلسة بيان رئيس الوزراء عن برنامج الحكومة    مع رؤساء الوحدات المحلية.. محافظ البحيرة تناقش آليات العمل خلال المرحلة المقبلة    اسعار السلع التموينية اليوم السبت فى سوهاج    تضامن المنيا تبحث تفعيل المشاركة الفعالة في القضاء على الأمية بالمحافظة    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    وزير التموين: نعمل على ضبط الأسعار بطرق مبتكرة ليصل الدعم للمستحقين    الحرب العالمية الثالثة    جنازة غريبة للمستشارة الإعلامية للقصر الجمهوري السوري وأقاربها يرفضون دفنها في مسقط رأسها    رحيل أحمد رفعت.. حكاية «موهوب» فارق الحياة قبل أن يُحقق أحلامه    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    تأجيل محاكمة البلوجر «نادين طارق» لجلسة 20 يوليو    سيدى بشر كامل العدد.. والعجمى كارت أحمر..زحام شديد في ال«ويك إند» بشواطئ الإسكندرية    إخلاء سبيل الشباب المتهمين في واقعة زوجة إمام عاشور    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    محافظ القاهرة يبعث برقية تهنئة للرئيس السيسى بمناسبة العام الهجرى الجديد    آخرها ضرب ونيابة.. أزمات شيرين وحسام حبيب عرض مستمر    الفصائل الفلسطينية: قصفنا مستوطنة سديروت في غلاف غزة برشقة صاروخية    تعددت الأسباب والموت واحد يا ولدي.. رسالة مؤثرة من صلاح عبد الله بعد وفاة أحمد رفعت    عزة مصطفى: قناة الحياة بتقول أنا نمبر وان لها تاريخ عظيم ومشرف ووزن وثقل    دعاء رأس السنة الهجرية 1446 ه.. احرص عليه بداية من اليوم    انسداد في الشرايين.. جمال شعبان يكشف مفاجأة حول وفاة أحمد رفعت (فيديو)    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    قرار قضائي بشأن «سرقة تمثال أوزوريس من المتحف المصري الكبير»    قريتان للسياحة العلاجية والذكية أبرز مشروعات تخرج طلاب هندسة سوهاج    اليمن: ميليشيات الحوثي تقصف مناطق سكنية غرب تعز    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    بعد نجاح فيلم السرب.. عمر عبدالحليم ينتهي من كتابة فيلم الغواصة    آخر موعد لتقديم رياض أطفال الأزهر 2024-2025.. (الرابط وخطوات التسجيل)    ميكالى للاعبي المنتخب الأولمبي: سنحارب من أجل الوصول لأبعد نقطة فى الأولمبياد    الشربيني يتفقد الموقف التنفيذى لوحدات "سكن لكل المصريين" ببرج العرب الجديدة    الكشف على 706 مواطنين في قافلة علاجية بقرية الحلفاية بحرى في قنا    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    «المشاط»: تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بهدف دفع جهود التنمية وزيادة الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وتوطين الصناعة    بيع القمامة بدلًا من إلقائها.. بورصة إلكترونية للمخلفات ومصانع التدوير    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    ستارمر: الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    استمرار غياب بيرسى تاو عن الأهلي في الدوري    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين يكتب: نظرية الأجهزة الأمنية المصرية لأمن سيناء تتوافق مع النظرية الصهيونية!
نشر في الشعب يوم 01 - 06 - 2013

لا تعمير.. لا تمليك.. لا استثمار.. لا توطين للمصريين
المخابرات الإسرائيلية حذرت من الثورة المصرية ولكن عمر سليمان طمأنهم بأن لدينا ربع مليون "مخبر" فى الشوارع يساعدون الأجهزة الأمنية!
دراسة إسرائيلية تؤكد أن مشروع توشكى كان قرارا واعيا للابتعاد عن تعمير سيناء
وتكشف أن عدد قوات الجيش فى سيناء أقل من المسموح به فى المعاهدة!
والدراسة تطالب بزيادة عدد القوات المسلحة المصرية على حدود إسرائيل لحمايتها!!
وهو نفس ما يقوله اللواءات المتقاعدون فى الإعلام المصرى!
لم أكن فى احتياج لهذه الزيارة الأخيرة للعريش والمساعيد والشيخ زويد بسيناء لكى تتبلور أفكارى حول نظرية الأمن المصرية (الرسمية) لمنطقة سيناء ومدى توافقها مع نظرية الأمن الإسرائيلى، فأنا أفكر وأدرس كثيرا فى هذا الموضوع لارتباطه بمصير البلاد.. بالصراع العربى الصهيونى. ولكن لا شك أن الزيارة الأخيرة التى استمرت عدة أيام والتى أخذت شكل المناقشات الضيقة لا المؤتمرات الجماهيرية كانت فرصة للتدقيق والتعمق والوصول إلى استنتاجات قاطعة. وتوقيت الزيارة مهم؛ فهى تأتى بعد عامين و4 شهور من إسقاط المخلوع. ولطالما علقت الأجهزة الأمنية كثيرا من المواقف المتخاذلة لمصر على مشجب المخلوع باعتباره ضعيفا أو خائنا. فها هو المخلوع قد رحل بضغط الثورة الشعبية التى لم يتوقعها أحد إلا حزب العمل وقليل من المناضلين فى الداخل وبعض الأجهزة المعادية فى الخارج. فمثلا قال الجنرال عاموس يدلين رئيس جهاز المخابرات العسكرية الصهيونية السابق، إنه قدم للرئيس مبارك عبر مسئول مصرى كبير كان دائم الزيارة لتل أبيب (عمر سليمان غالبا) معلومات حول احتمالية اندلاع الثورة على الرئيس مبارك، إلا انه قلل من المعلومات الصهيونية وطمأنهم من أن الشعب المصرى لن يثور.
ووفقا لموقع "يديعوت أحرنوت" العبرى، قدم يديلين ندوة عقدها جهاز "الأمن القومى الإسرائيلى الشاباك" أكد فيها أنه قابل مسئولا مصريا كبيرا قبل الثورة وحذره من وجود معلومات حول اندلاع أحداث بمصر، إلا أن المسئول المصرى طمأنه من أن الأجهزة الأمنية المصرية مسيطرة على الوضع ولا داعى للخوف.
وأشار يدلين إلى أن المسئول المصرى أبلغه أن الرئيس حسنى مبارك كان لديه ربع مليون مخبر يعملون فى الشوارع مع أجهزة المخابرات والأمن المصرى ولم يلاحظوا أى شىء.
مشيرا إلى أن توقع انطلاق الثورة المصرية كان أمرا معقدا، ولقد كان واضحا للمخابرات الصهيونية أن شيئا ما سيحدث فى مصر، لقد عرفنا أنه سيحدث أمر ما لكن لم نعرف متى سيحدث فكل الأمور كانت تؤدى للثورة.
كنت قبل الثورة ب 6 شهور قد نقلت قسرا إلى مستشفى سجن المرج حتى يعطى الأمن العنبر الكامل الذى كنت أعيش فيه بالسجن لخلية حزب الله المدانة بتقديم الدعم للمقاومة فى غزة! وكان مرضى وزوار المستشفى يسألوننى كل يوم متى يتم إسقاط النظام. وقلت لهم مرارا إن نظام مبارك لن يستمر حتى موعد انتخابات الرئاسة فى سبتمبر 2011. كنت أتابع معدل الإضرابات والاضطرابات رغم أن معظمها فئوى وليس سياسيا بصورة مباشرة. وعند التزوير الفاضح لانتخابات 2010 كنت أجزم بصورة أكبر بقرب زوال النظام. وعند اندلاع ثورة تونس ومظاهرات الجزائر أصبحت موقنا باندلاع الثورة فى مصر. وعندما بدأ التحرك فى 25 يناير الذى شاركنا فى الدعوة إليه قلت لهم لقد بدأت الثورة وقضى الأمر. ولا أدرى هل كان مرتبا أو تم بشكل عفوى أن التقيت مسئولا أمنيا كبيرا فى اليوم الأول أو الثانى للثورة، وأكد لى أنها زوبعة فى فنجان وأن البلاد محكومة بقوة ب17 جهازا أمنيا بشكل هرمى يرأسها جهاز قيادى هو المخابرات العامة. ولا يمكن للبلد أن تفلت من النظام وشوية العيال اللى فى التحرير حيتلموا. وتأكدت من نجاح الثورة عندما رد عليه مسجون جنائى وليس أنا، وقال له: الآن ليس ككل مرة.. فالشعب نهض ولن يتراجع حتى يسقط النظام!
تذكرت هذا الحوار عندما قرأت مؤخرا تصريحا الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية، وكيف قال ممثل نظام مبارك لهم إن لدينا ربع مليون مخبر فى الشوارع!! وكونوا مطمئنين!
كان ممثلو الأجهزة الأمنية عندما يمارسون نشاطهم السياسى قبل الثورة يحملون المخلوع كما ذكرت المسئولية عن أى موقف متخاذل تجاه أمريكا أو إسرائيل. وأعنى بالأساس الفرع الداخلى للمخابرات المسمى الأمن القومى لأن جهاز أمن الدولة كان مستقيما ولا يقول هذا الكلام؛ فقد كان ممثلوه يهاجمون إسرائيل وأمريكا قليلا ولا يتعرضون للمخلوع بسوء. وبعد مرور أكثر من عامين على سقوط المخلوع لا يزال موقف الأجهزة الأمنية العسكرية كما هو فى التخاذل أمام إسرائيل وأمريكا (هل تتذكرون موضوع تهريب المتهمين الأمريكيين). وهم لا يختلفون مع الرئيس مرسى فى موقفه "المعتدل" من هذين العدوين، بل الخلاف حول كيفية تقسيم السلطة، والأمور التى يجب للرئيس أن يرجع فيها للمؤسسة العسكرية، والأمور التى يجب أن يخضع فيها لها. وليس الخلاف على مبدأ مسالمة الذئبين الإسرائيلى والأمريكى.
لقد كان لنا فى السابق تحليل متفائل من التوجه الوطنى داخل قيادة المؤسسة العسكرية ولكننا اكتشفنا قبل الثورة ب6 أو سبع سنوات أنه سراب. أما بعد الثورة فقد أصبح الأمر يقينيا: ليس لأن كبيرهم الفارس (عمر سليمان) قد ظهر فساده وفساد أسرته ومدى تورطه مع أمريكا وإسرائيل. ليس لهذا فحسب؛ بل أساسا لأن سياسة المؤسسة العسكرية ظلت تعتبر العلاقة مع أمريكا وإسرائيل فى إطار كامب ديفيد من الثوابت الوطنية والعقدية والإستراتيجية إلى أجل مفتوح وغير مسمى، وقد كانت هذه هى نقطة الالتقاء القوية بينها وبين الإخوان. وليس الخلاف إلا حول توزيع أنصبة السلطة ومراكز النفوذ. وهذا هو المقصود بصورة جادة من استخدام تعبير الأخونة. فإذا أعطى الإخوان ما يريح قيادة العسكر، فستهدأ الأمور تماما. ولن يكون هناك لا تمرد ولا عصيان ولا مولوتوف ولا مضايقات من المحكمة الدستورية، وهى أحد أهم أدوات العسكر. والواقع إن الإخوان قدموا الكثير، ففى الدستور استجابوا تقريبا لكل مطالب العسكر. ولكن الأجهزة الأمنية ترى أن الإخوان يتمسكنون حتى يتمكنوا، ولا يأمنوا لهم، ولا يزال الحوار الخشن مستمرا بين الطرفين تحت الحزام وفوق الحزام. وسيظل الإخوان يخسرون فى هذه السجالات طالما لا يشركون معهم الشعب.
فى سيناء تبدو الصورة واضحة وشفافة، فلا يوجد سر. الأحمق وحده هو الذى يتصور أنه يمتلك سرا!! فى سيناء ترى الأفق ممدودا فى الصحراء أو فى البحر لا يخفى شىء عليك. ولا يخفى أحد شيئا على قبيلته، وإذا علمت القبيلة كلها السر فكيف يكون سرا؟! فى الماضى كان البدو يسكنون فى الخيام، ولا يزال بعضهم يسكن فيها، فكيف يمكن لك أن تخفى السر فى مجتمع مكشوف لبعضه البعض، الكل يجلس على باب الخيمة ويرى الآخر حتى على البعد. وحتى إذا استخدمت البيوت الأسمنتية فستبقى العادات متأصلة.
قمت بشىء عجيب فى هذه الزيارة للعريش؛ فقد قررت السير بمفردى فى الشوارع والتحدث مع الناس بصورة طبيعية وتلقائية. القليل تعرف علىّ، والأكثر لم يتعرف علىّ وكان هذا أفضل لمعرفة رأيهم دون إحراج سياسى. استمعت لحكم عجيبة. قال لى شيخ غير طاعن فى السن بعد أن اطمئن لى: المخابرات هى التى تحكم سيناء وليس "مرسى"، بل هى تريد إفشال حكم مرسى. وركز آخرون على مسئولية الإخوان وعدم ترحيبهم بمشاركة أحد معهم فى السلطة. وأجمع الكل وبغض النظر عن الأسباب أن سيناء لم تشهد أى تقدم من أى نوع منذ مجيء الإخوان للحكم. لم يحدث تقدم مادى ولا حتى معنوى. ومن العيب أن تسمى بعض شوادر اللحم ب45 جنيها أنها إنجاز لعهد جديد.
ولكن دعونا نركز على أخطر نقطة؛ على نظرية الأمن المصرية الرسمية للأجهزة وهل يتفق الإخوان معها أم لا؟ لأنها تتوافق مع نظرية الصهاينة فى النهاية حتى وإن انطلقت من منطلقات مختلفة. إنها ثقافة كامب ديفيد التى عجنت الشعب المصرى على مدار أكثر من 3 عقود حكاما ومحكومين، عسكرا ومدنيين، إلا من رحم ربى وقليلا ما هم، إلا فى الصعيد فهم كثر. (أقول الحق حتى لو زعل منى أهل الدلتا والقاهرة. والحقيقة لو قطعتم جسدى ستجدون فيه قطعة من الصعيد وقطعة من بحرى وقطعة من القاهرة وقطعة تركية من جزيرة كريت). ولا بد لمصر كلها أن تتحرر من عبودية كامب ديفيد الفكر وليس المعاهدة، فالمعاهدة لا تهم فى شىء، وهى قطعة ورق لا تستحق حتى أن تمزق!
الدراسة للخبير الإسرائيلى فى شئون الشرق الأوسط أيهود يعارى
تحت عنوان (سيناء: جبهة جديدة)، صدرت عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وأعاد نشرها المركز الدولى لمكافحة الإرهاب التابع لمعهد هيرتزاليا الإسرائيلى المتعدد المجالات، مطلع شهر يناير 2012، وتتعلق الدراسة بتطورات الأوضاع فى سيناء والرؤية الإسرائيلية الخاصة لهذه التطورات، وحاول خلالها تحديد إمكانيات التعامل الإسرائيلى خلال الفترة الراهنة مع التغيرات التى تشهدها مصر الآن.
فى نهاية الدراسة يوصف يعارى الحالة فى سيناء بمنتهى الموضوعية:
يسلط الضوء على السلطة المتنامية للبدو، خاصة عقب الإطاحة بمبارك، وإدراك السلطات المصرية للثمن المحتمل لأى تجدد للصدام مع القبائل البدوية فى سيناء فى حقبة ما بعد مبارك. ولهذا السبب، تحمست القاهرة إلى فتح حوار مع قادة البدو، على الرغم من أنه لم يسفر حتى الآن عن نتائج حقيقية.
وبالنسبة لسياسة مصر تجاه سيناء، يشير الكاتب إلى أن التعزيز التدريجى لتجارة التهريب كالدعامة الأساسية للنشاط الاقتصادى فى سيناء يعود إلى تخلى الحكومات المصرية المتعاقبة عن خططها الطموحة لتنمية شبه الجزيرة. فبعد أن وضعت مصر فى آخر عهد الرئيس الأسبق أنور السادات خططا لتوطين ملايين مواطنين فى سيناء وزراعة أراضٍ هناك وكذلك فى عهد مبارك؛ ورصدت لذلك ميزانية تقدر بالمليارات، تحولت القاهرة إلى مشروع توشكى فى جنوب مصر. وهذا يعنى أن مصر عاملت سيناء على أنها أرض مهملة – قبل وبعد الإطاحة بمبارك، وفيما يتعلق بالتحدى الذى تمثله سيناء بالنسبة لإسرائيل، يقول الكاتب فى دراسته إن إسرائيل مجبرة منذ عام على إجراء تقييم جديد وشامل للوضع على الحدود المصرية، وذلك بعد ثورة يناير 2011.
وفى النهاية تقترح الدراسة نفس الاقتراحات التى نسمعها كل يوم من الخبراء الإستراتيجيين المصريين من اللواءات المتقاعدين التى تمثل المؤسسة العسكرية فى الإعلام والعمل السياسى.. فماذا تقترح الدراسة؟
تقترح نشر الجيش المصرى على طول الحدود مع إسرائيل، وتعزيز التنسيق المصرى – الإسرائيلى، وتعديل دور القوة متعددة الجنسيات والمراقبين؛ وهى قوات دولية مسئولة عن حفظ السلام بين البلدين، بالإضافة إلى تغيير أولويات المساعدات الأمريكية للحيلولة دون تفجر الأوضاع فى سيناء. شكرا إيهود يعارى! فالمشكلة دائما فى إعلامنا هى مجرد تعديل بعض نقاط معاهدة السلام لزيادة القوات المصرية فى سيناء لضبط الأمن فيها بغرض حماية إسرائيل!
وجاء فى الدراسة كلام مهم عن تعمد السلطات المصرية عدم تنمية سيناء:
وبإيجاز، عاملت مصر –قبل وبعد الإطاحة بمبارك– سيناء على أنها أرض مهملة، حيث تبقى على أدنى مستوى من الاستثمارات فضلا عن الانتباه الحكومى والعسكرى. وقد سمحت السلطات المصرية بصفة عامة بثغرات فى الحدود مع كل من إسرائيل وغزة، مما سمح للبدو بتعزيز اقتصادهم المستقل وميليشياتهم المسلحة.
وتشير الدراسة إلى حقائق مؤلمة ومذهلة، فعلى خلاف ما ينشر لدينا فإن عدد القوات المسلحة فى سيناء حتى يناير 2012 كان أقل من العدد المسموح به وفقا للمعاهدة. ولا تزال مصر لا تدخل إلى سيناء عدد الدبابات الذى وافقت إسرائيل على دخوله إلى المنطقتين (ب) و (ج)!! وهذا قبل الحملة الأخيرة بطبيعة الحال.
نظرية الأمن الإسرائيلى تجاه سيناء كالتالى: أن تظل قطعة صحراء مفرغة من السكان أى قليلة الكثافة، بحيث يسهل احتلالها عند الضرورة دون تكلفة عالية من الاحتكاك بكثافة سكانية. وأن تظل قليلة الكثافة فى عدد القوات النظامية المصرية وفقا للمعاهدة بحيث تظل سيناء رهينة يمكن احتلالها فى 24 ساعة كما قال الفريق الشاذلى (رحمه الله). وتظل سيناء صندوق رمال أو منطقة عازلة بعمق لا يقل عن 180 كيلو مترا وقد يصل إلى أكثر من ذلك. وبذلك تصبح عمقا إستراتيجيا للكيان الصهيونى ولكن بصورة عكسية. فالعمق الإستراتيجى يكون عادة فى الخلف، أما فى هذه الحالة فهو فى الأمام بحيث لا يمكن مفاجأة الكيان بأى هجوم. والمفترض أن يكون الأمن المصرى عكس ذلك.. أى بتوطين ملايين المصريين فى سيناء حتى ينسى الإسرائيليون فكرة إعادة احتلالها مرة واحدة وإلى الأبد. وهذا فى تقديرى أهم من تعديل معاهدة السلام لإدخال قوات أكبر، لمحاربة أهل سيناء!! وليس لمحاربة إسرائيل لأن هذا ليس فى جدول أعمال الإخوان أو المؤسسة العسكرية. فمشكلة سيناء بالنسبة لنا ليست أمنية ولكن اجتماعية وتنموية وحضارية ووطنية وعدالة اجتماعية. وجماع كل ذلك تأمين وتحصين سيناء من الخطر الخارجى.
أركان الخطة الأمنية الرسمية المصرية تقوم على نظرة أمنية ضيقة تؤدى إلى الإضرار بالأمن ذاته، فهى تقوم على التالى:
عدم تنمية سيناء بشكل حقيقى؛ لأن اكتظاظها بالسكان لا يساعد فى السيطرة الأمنية عليها، بل يجب أن تظل هكذا شبه خالية من السكان، وحيث تعرف الأجهزة الأمنية كل الأفراد بالاسم حتى وإن كانت لا تستطيع القبض عليهم!!. وهناك أركان أخرى تتفاعل مع هذا العنصر، فرفض تمليك أهل سيناء للأرض يرتبط بذات النظرة الأمنية الضيقة؛ فبعض أهل سيناء يتعاونون مع إسرائيل، وبالتالى فسيكون ذلك السبيل إلى تملك يهود لأراضٍ فى سيناء، وهذا خطر على الأمن القومى (الله أكبر على الأمن القومى). بالمناسبة هذه الفكرة شائعة لدى أجهزة الأمن فى بلدان عديدة، ففى سوريا يمنع أهل درعا من تملك الأراضى؛ بحكم أنهم منطقة حدودية مع الأردن، رغم أن الأردن بلد عربى. خوفا من شراء أردنيين لأراضٍ سورية وتعديل الحدود واقعيا. وبالمناسبة فقد كان التظاهر للمطالبة بحق امتلاك الأراضى فى درعا وقمع السلطات لهذه المظاهرات الشرارة الأولى للثورة السورية. ثم هناك عنصر ثالث: عرقلة أى مشروع استثمارى عربى أو أجنبى أو مصرى فى سيناء، فقد يتسلل اليهود عبر شركة عربية أو أجنبية أو حتى مصرية من بلاد وادى النيل، فالخيانة ليست عند البدو فحسب؛ فأهل الدلتا والوادى وخط القناة لديهم استعداد أيضا للخيانة، ويمكن أن يتسلل اليهود عبرهم، لذلك لا بد من موافقة مجلس الوزراء ذات نفسه على تأسيس مشروع استثمارى حقيقى فى سيناء. عنصر رابع: وجود حالة مقاومة فى غزة تثير القلق لانتقال الحالة الثورية لسيناء، فكيف أعطى زخما سكانيا وشعبيا وإستراتيجيا لحالة المقاومة فى غزة، بل يركز الجناح الإعلامى للأجهزة الأمنية على أن غزة هى الخطر الأساسى على الأمن القومى المصرى. إذن لا بد من استمرار سيناء كمنطقة عازلة بين غزة الملعونة فى التوراة ومصر المذكورة فى القرآن! وهذا الكلام يتعارض مع العقيدة القتالية للجيش المصرى بأن إسرائيل هى العدو الرئيسى إن لم يكن الوحيد إلا إذا كان قد تم تعديلها ونحن لا نعلم. وقد يقال إن اللواءات المتقاعدين الذين يتحدثون فى الفضائيات لا يعبرون عن المؤسسة العسكرية. ولكن فى لقائى الوحيد مع الفريق عبد الفتاح السيسى خلال لقائنا مع الرئيس مرسى عقب حادثة رفح سمعت كلاما أذهلنى إلى درجة أننى أوهمت نفسى أننى لم أسمع جيدا لأن صوت الفريق السيسى كان خفيضا، فسألت من حولى بعد انتهاء اللقاء هل ما سمعته صحيحا، قالوا: بلى. كان الفريق السيسى فى ذلك الوقت رئيس المخابرات الحربية، وعرض لنا المعلومات حول مقتل 16 جنديا مصريا فى رفح ولم يكن فى المعلومات جديدا عما هو منشور كما لاحظ أبو العلا ماضى. أما القسم الذى لفت انتباهى والذى تصورت فى البداية أننى لم أسمعه جيدا فكان يتعلق بغزة، حيث قال إن غزة أكبر تجمع سكانى ملاصق لسيناء، وهى تتعرض للضغط من الشرق (أى من إسرائيل) وليس لديها فى الغرب إلا البحر، ولذلك فهى معرضة للتمدد إلى الجنوب أى إلى سيناء. إذن هذه فكرة جوهرية تتسلط على فكر المؤسسة العسكرية وجناحها الأمنى (سيناء من أهم مجالات عمل المخابرات الحربية). إعلاء هاجس الخوف من غزة يتعارض مع الدستور السابق والحالى، ويتعارض مع الوقائع التاريخية والجغرافية العنيدة، ويتعارض مع العقيدة الإسلامية، وأن المؤمنين أخوة، وأن اليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا رغم أنف كامب ديفيد.
وهكذا يتضح أن معظم اللواءات المتقاعدة المتحدثة فى الفضائيات يتحدثون عن مواقف حقيقية للمؤسسة العسكرية ومع قدر من تقسيم الأدوار فى إطار نفس الرؤية. وأنهم يركزون على تأمين سيناء بتعديل بنود معاهدة السلام الخاصة بالتواجد العسكرى فى سيناء لا تلك المتعلقة بالتطبيع أو غير ذلك! وأن السلام مع إسرائيل إستراتيجى والعلاقة العسكرية مع أمريكا إستراتيجية، وأننا نتنافس مع إسرائيل فى حب وصداقة أمريكا. وهى نفس نظرية الرئيس السادات الفاشلة. النظرة الأمنية المصرية تقوم على لعبة التحضين فى الملاكمة. عندما يتعب اللاعب يحضن فى منافسه ويظل يضربه بلكمات قصيرة وبسيطة أشبه بالمداعبة، بينما يحرص الخصم الأقوى والحكم على إبعاد الملاكم الضعيف عن التحضين، ولكنه كلما تعب عاد من جديد إلى حضن الخصم وهى طريقة ماكرة لأن الخصم الأقوى يحتاج لمسافة كى يسدد ضربة قاتلة أو حاسمة!
وهكذا نجد أن نظرية الأمن المصرية تتلاقى بالمصادفة مع نظرية الأمن الإسرائيلية فى استمرار تفريغ سيناء وعدم إعمارها بصورة جدية. مع الافتراض الكامل لحسن النية. ولكن حسن النية وحده لا يمكن أن يفسر حدوث هذه المأساة. ثقافة كامب ديفيد لا تمت بصلة لحسن النية. إنها خيار خاطئ حتى لا نقول خيانيا. لأنها تحول الهدنة مع العدو إلى صداقة إستراتيجية.
والمثير للدهشة والعجب أن كل هذه الهواجس تجاه أهل سيناء وتجاه أى مستثمر فى سيناء يقابلها حالة واضحة وحقيقية من التنسيق الأمنى مع العدو الصهيونى، مع استمرار التطبيع فى المجالات التجارية والصناعية والسياحية. كل زائر فلسطينى مشكلة أمنية، بينما كل زائر إسرائيلى يدخل دون تأشيرة إلى سيناء، وهناك معلومات مؤكدة أن عددا كبيرا من السياح الإسرائيليين عملاء مخابرات، ولكن هذا الأمر لا يثار أبدا فى العلن. بينما تمنع امرأة فلسطينية أو رجلا فلسطينيا لأسباب واهية بل دون سبب على الإطلاق!
يذكر للمؤسسة العسكرية وهذا ليس بالشىء القليل أنها تغض الطرف إلى حد ما عن تهريب السلاح إلى غزة (على خلاف الموقف الأردنى) لدعم المقاومة. ويرى البعض أن هذا يتم من وجهة نظر أمنية مصرية: أن تبقى غزة شوكة فى جنب إسرائيل. ولا بأس فى ذلك فنحن نريد للحكام أن يدركوا أن مصلحة مصر تتلاقى مع مصلحة فلسطين. ولكننى أركز فى هذا المقال على تعمير سيناء باعتباره هو الحل الشافى والجازم لتأمينها من مخاطر الغزو والاحتلال، بل وحتى من الخطر المزعوم لما يسمى التوطين الفلسطينى. وأيضا لأن غزو الصحراء ضرورة حياتية للشعب المصرى ولمشروعه الحضارى التنموى.
لقد كان قرار عدم تعمير سيناء فى عهدى السادات والمخلوع قرارا واعيا بالتفاهم مع أمريكا وإسرائيل (لا يوجد فى سيناء إلا مصنعين فقط!) ولا يزال هذا القرار ساريا بعد الثورة وحتى الآن. وقد أصبح قرارا مشتركا يتحمل نتيجته الرئيس والمؤسسة العسكرية. ومشروع ممر القناة ليس مشروعا لتعمير سيناء بل قد يؤدى إلى عزل القناة عن سيناء. وهذا موضوع آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.