هناك أماكن جذابة وأخرى طاردة؛ فقد تدخل مكانا تشعر بأن الجدران تستقبلك وترحب بك، وقد تقف على عتبات مكان آخر وتأبى قدمك الدخول، وعندما يتعلق الناس بالمكان يتمسك المكان بالناس، فتزداد قيمة المكان لما يحمله من ذكريات وتراث.مدينة الإسكندرية مدينة عريقة تجمع بين الأصالة والجمال فى طابع كلاسيكى يأخذك إلى عالم آخر وعلى الفور تتشبع حواسك بالفخامة والأناقة فى طلة عصرية مميزة. فى البداية قهوة فاروق بمنطقة بحرى من أقدم وأشهر المقاهى فى الإسكندرية، لها طابع وتراث وتاريخ فريد من نوعه فيرجع عمرها إلى أكثر من مائة عام؛ فقد أنشئت عام 1928.. تستقبلك صور الملك فاروق وعائلته وأيضا صور مدينة الإسكندرية منذ أربعين عاما، بالإضافة إلى الأغانى الوطنية وأغانى عبد الحليم وأم كلثوم وغيرها من الأغانى القديمة ذات فن الزمن الأصيل، فضلا عن البناء المعمارى الذى يحتفظ بفخامته الملكية وجماله ولم يتغير حتى الآن. ويروى شريف شعبان العامل بالقهوة حكاية تسمية القهوة باسم الملك فاروق، فيقول إن الملك فاروق يوم التتويج مر من أمام القهوة، لذلك سميت باسم الملك فاروق. ويقول: القهوة كان أصحابها يونانيين، ثم بعد ذلك قام المستشار السيد همام بشراء القهوة، وبعد وفاته قام أبناؤه بإدارتها، والقهوة تعد مزارا سياحيا، حتى إن السياح كانوا من زبائن قهوة فاروق. ويضيف أن حاشية الملك كانوا من زبائن القهوة منذ القدم وكان من أشهر زبائن القهوة الشاعر الكبير كامل حسنى وأحمد حسنين وقريبا كان أحمد زويل والروائى نجيب محفوظ قد كتب عن القهوة كونها تراثا أصيلا فى منطقة بحرى. ويقول الحاج سيد 85 عاما وهو زبون القهوة منذ خمسين عاما وهو يستعيد الذكريات الجميلة: كانت أياما جميلة، ولا تزال القهوة تحتفظ بجمال الموقع والروح القديمة فى كل شىء، ويقول إن من زبائن القهوة قديما أيضا كان عبد اللطيف أبو هيف وبيرم التونسى والعديد من الباشوات. كما يروى من ضمن الحكايات أن صاحب القهوة فى أيام الملك فاروق كان ينتظر الملك بكوب من الشربات حتى يقف ويشرب منه فقد كان متواضعا. ويشير الحاج على عطا 75 عاما -مدير العلاقات العامة بشركة النحاس سابقا- إلى أن هناك العديد من الذكريات بالقهوة مثل افتتاح الملك فاروق مسجد البوصيرى، وقيام ثورة 52، والتفاف الزبائن فى المقهى من مختلف الأديان والفئات، فمن المعروف أن اليهود كانوا زبائن القهوة قديما. قهوة سيد دويش.. تتميز بطابعها المعمارى الأثرى الخاص الفريد من نوعه، فيرجع عمرها إلى مائة عام وأكثر، وتوجد بحى كوم الدكة الذى كان مسقط رأسه، حتى البيوت تحف أثرية حيث استقبلتنا صور سيد درويش البحر فى خارج وداخل القهوة فضلا عن البناء المعمارى المتميز الذى لم يتغير بعد ويحتفظ بجماله حتى الآن.ويروى الحاج محمد عبد المنعم صاحب مقهى منعم أو سيد درويش: كان منزل سيد درويش قريبا من المقهى وكان هو ووالده الشيخ درويش البحر مقيمَين فى القهوة، وعلى الرغم من سفره إلى بلاد كثيرة فقد كان يحب القهوة وكان يغنى بعض الأغانى الثورية والوطنية هنا فى ركن القهوة ويلحن أغانيه. ويقول: أما ابنه محمد البحر فكان يعقد مقابلاته هنا، ومعه الكثير من أصدقائه كان منهم محمود بيرم التونسى وأيضا محمد عبده عواد أم كلثوم. ويؤكد الحاج محمد أن القهوة أسست عام 1913.