«مدن القابضة» توقع اتفاقيات مع شركاء ومستثمرين لتطوير مشروع رأس الحكمة    وفد من طلاب جامعة حلوان يزور بانوراما حرب أكتوبر احتفالاً بذكرى النصر    ما الأهداف التي قد تهاجمها إسرائيل ردا على هجوم إيران الصاروخي الأخير؟    ظُلمت لحسابات شخصية.. لاعب الزمالك يعلن فسخ تعاقده    وزير الرياضة يطمئن على جاهزية استاد القاهرة لاستضافة مباراة مصر وموريتانيا    أحلام ممرض المنيا انتهت بكابوس.. حكاية مقتل مينا موسى والتمثيل بجثته    ضمن مبادرة بداية جديدة.. فعاليات متنوعة لهيئة الكتاب في معرض دمنهور السابع    الفنان محمد الطوخي يقدم ليلة طرب في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    6 أكتوبر فخر الأمة المصرية    أسعار تذاكر العمرة 2024.. قبل حلول شهر رجب وأبرز الضوابط    "بسبب تأجير الملعب".. إلغاء مباراة في الأسبوع الأول لدوري السيدات (مستند)    توافد أعضاء حزب العدل للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    محافظ بيروت: حجم الأضرار في العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية كبير جراء العدوان الإسرائيلي    الأمين العام السابق لحلف الناتو ينس ستولتنبرج يتحدث عن أوكرانيا    رئيس وزراء ولاية بافاريا يزور منطقة الأهرامات    مركز التأهيل الشامل بشربين يستضيف قافلة طبية مجانية متكاملة    النجمة الفرنسية ماريان بورجو : محمود حميدة عملاق وأنا من جمهوره    الطب البيطري بدمياط: ضبط 88 كيلو لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية    أعضاء حزب العدل في المحافظات يتوافدون للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    حياة كريمة ببنى سويف: مبادرة بيع اللحوم بأعلى جودة وأقل سعر تحارب الجشع    شركات عالمية ومصرية وإماراتية.. تفاصيل إطلاق شراكة لتعزيز الابتكار في المركبات الكهربائية الذكية    «الداخلية» تحرر 591 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة».. وتسحب 1536 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    المرصد العربي يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    مستوطنان إسرائيليان يقتحمان المسجد الأقصى ويؤديان طقوسا تلمودية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب لبنان    «الجمارك» تكشف موقف سيارات المعاقين الجديدة غير المفرج عنها    الحكومة تبدأ تسليم المرحلة الأولى من أراضى مدينة رأس الحكمة.. وأكبر منطقة صناعية بالمنطقة لتوطين المنتج المحلي    رهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين في لبنان... منتسِبة تروي اختبارها الروحانيّ    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    الشوط الأول.. الأهلي يتقدم على الزمالك في أول قمة تاريخية لكرة القدم النسائية المصرية    «العمل» تعلن 4774 فُرصة عمل تطبق الحد الأدنى للأجور في 15 محافظة    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    الأنبا توماس يستقبل رئيس وزراء مقاطعة بافاريا الألمانية    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    وزارة الثقافة تحتفي بنصر أكتوبر على مسرح البالون    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    «وما النصر إلا من عند الله».. قافلة دعوية ببني سويف تزامنًا مع احتفالات أكتوبر (صور)    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    «جولة مفاجئة وتفتيش بالمخازن».. وكيل صحة مطروح يحيل مشرفي تمريض بمستشفى للتحقيق    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سليمان: زيزو أيقونة زملكاوية.. وبنتايك مثقف جدا    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس النيابة قال له : كيف هانت مصر عليك ؟!.. فريد الديب محامي الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام
نشر في الشعب يوم 06 - 04 - 2013


كتب: تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
ما الفرق بين من دافع عن الجاسوس الإسرائيلى عزام وبين من دافع عن المحتل البريطانى فى دنشواى؟!
• سفير إسرائيل فى القاهرة يعترف: من يدافع عن الإسرائيليين أمام المحاكم المصرية يحصل على "أتعاب" تزيد كثيرا عن الأتعاب المعروفة!
• ورئيس النيابة يقول: التطبيع يستهدف تخريب مصر.. وللأسف بيننا من شبّ عبدًا لذاته وملذاته وباع نفسه للإسرائيليين فى سوق النخاسة باسم التطبيع!
• بعد محاكمة دنشواى.. إبراهيم الهلباوى المحامى طلب المغفرة من المصريين وقال إن الشعب المصرى "يحتقر" من يدافع عن المحتلين.. فهل يفعلها فريد الديب ويطلب المغفرة من المصريين؟!

(سبع سنوات فى بلاد المصريين) هذا هو اسم المذكرات التى صدرت فى إسرائيل عام 1992 لموشيه ساسون، ثانى سفير للكيان الصهيونى فى القاهرة.. هذا هو اسم المذكرات التى ترجمتها وأصدرتها باللغة العربية "دار الكتاب العربي" فى كل من دمشق والقاهرة عام 1994.
وعلى صفحة (113) من هذه المذكرات، قال السفير الإسرائيلى نصا: (المحامى المصرى الذى يقبل أن يدافع عن شخص إسرائيلى أمام المحاكم المصرية، يحصل على أتعاب "كريمة" تزيد كثيرا عن الأتعاب المعروفة)!!
وفريد الديب المحامى، هو أشهر نموذج دافع عن الإسرائيليين أمام المحاكم المصرية باسم التطبيع، وحصل طبعا على تلك الأتعاب "الكريمة" التى تحدث عنها السفير الإسرائيلى فى مذكراته.. لهذا اخترت أن نتوقف عنده، لنعرف المدى الذى يمكن أن يصل إليه المطبّعون فى الدفاع عن الإسرائيليين المحتلين، خصوصا وأن فريد الديب فى هذه القضية لم يدافع عن مواطن إسرائيلى متهم فى حادث مرور، وإنما عن شخص إسرائيلى متهم بالتجسس ضد مصر لصالح الكيان العدوانى الغاصب المسمى "إسرائيل".. فهل هناك فرق بينه وبين زميله إبراهيم الهلباوى المحامى، الذى وقف "زمان" فى محكمة دنشواى يدافع عن "جريمة" عساكر المحتل البريطانى ضد أهالى قرية دنشواى؟!
أمام المحكمة التى نظرت القضية رقم 1574 لسنة 1997 أمن دولة طوارئ.. والمعروفة باسم قضية الجاسوس الإسرائيلى "عزام متعب عزام" قال المستشار هشام بدوى رئيس نيابة أمن الدولة العليا بالحرف: (إذا كانت مصر قد هانت على المحامى فريد الديب، لدرجة أنه اعتبر أن ما ارتكبه المتهم الإسرائيلى عزام فى حق مصر لا يشكل أى إضرار بمصالح مصر العليا، فمصر لن تهون علينا أبدا مهما كان الثمن ومهما كانت الأتعاب)!!
وبصوت وأداء مسرحى، كان المحامى فريد الديب قد وقف قبلها، وقال ضمن ما قاله دفاعا عن الجاسوس الإسرائيلى: (حضرات القضاة.. الهدف الحقيقى من هذه القضية ومن الضجة الإعلامية المثارة حولها، هو وقف عجلة التطبيع مع إسرائيل!!).. فهل تعرف ما الذى قاله يومها رئيس النيابة، ردًّا على فريد الديب وفضحا للتطبيع والمطبعين؟! وهل تذكر ما الذى قاله فريد الديب وقتها فى حق الصحفيين المصريين أو فى حق المخابرات المصرية؟! وهل تعرف كيف دافع الديب يومها عن الجاسوس الإسرائيلى بالقطن والبصل والملابس الداخلية؟!
لكل ذلك وغيره، ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو صهينوها.. حررنا هذا المحضر، لإيداعه ضمير الناس والتاريخ وذاكرة الوطن، لكشف نموذج آخر من الذين تعاملوا مع العدو الصهيونى ودافعوا حتى عن "جواسيسه"!!
وبناء على:
بمعرفتى أنا الموقع أعلاه، تم فتح هذا المحضر فى ساعة تاريخه، حتى لا ننسى يوما رصاصة "الرحمة" التى أطلقها فى ساحة المحكمة المستشار هشام بدوى رئيس نيابة أمن الدولة العليا، على منطق "هلباوى التطبيع" ومغالطاته.. خصوصا وأن ذاكرة جهاز التسجيل ما زالت تحتفظ بكلمات المحامى فريد الديب ومنطقه، وما زالت تحتفظ أيضا بكلمات هشام بدوى رئيس النيابة وبغيرها من وقائع تلك المحاكمة الشهيرة، التى حضرت كل جلساتها بتصريح "رسمى" من رئيس المحكمة، وانتهت فى 31 / 8 / 1997 بمعاقبة الجاسوس الإسرائيلى عزام بالأشغال الشاقة المؤقتة، أى بالسجن لمدة (15) عاما.. ثم فجأة، أفرج الرئيس مبارك عن الجاسوس الإسرائيلى فى 5 / 12 / 2004 أى بعد أن قضى سبع سنوات فقط من العقوبة التى قررها القضاء، رغم أن مبارك كان قد قال قبلها للصحفيين أكثر من مره: (مصير عزام فى يد القضاء المصرى وحده!!).. ووفقا لذاكرة شريط التسجيل، وقبل أن ينتهى هشام بدوى من كلامه فى حق التطبيع مع الكيان الصهيونى، أو فى حق فريد الديب وأتعابه.. انتفض الديب من مقعده فى قاعة المحكمة شاحب الوجه والكلمات.. ليس فقط ليصرخ فى قاعة المحكمة مطالبا رئيس النيابة ب(التحرز فى ألفاظه).. وإنما أيضا ليتحسس موضع باقى طلقات هشام بدوى فيه وفى دفاعه عن المتهم الإسرائيلى عزام.. تلك الطلقات التى اغتالت فجأة البسمة العريضة التى كانت تملأ وجه "الديب" منذ قليل، وهو يستمع فى نهاية دفاعه عن عزام إلى كلمات التهنئة وإيماءات الاستحسان سواء من أشقاء الجاسوس عزام، أو من أعضاء السفارة الإسرائيلية فى القاهرة، أو من أسعد الأسعد مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذين حضروا جميعا كل جلسات المحاكمة.. خصوصا حينما وقف فريد الديب فى ساحة المحكمة، وقال بأداء مسرحى: (حضرات القضاة.. الهدف الحقيقى من هذه القضية ومن الضجة الإعلامية المثارة حولها، هو للأسف وقف عجلة التطبيع مع إسرائيل!!).. عندها، وقف هشام بدوى رئيس نيابة أمن الدولة العليا على الفور، وقال بالحرف الواحد: (أى تطبيع هذا الذى يستهدف أمن مصر وضرب ازدهارها.. أى تطبيع هذا الذى يستهدف تخريب مصر والتجسس على شعبها.. ولماذا كل هذه الهرولة نحو هؤلاء الذين يريدون بحقدهم وعدائهم الدفين تدمير مصرنا العزيزة، إما بأيديهم أو بأيدى بعض من أبناء مصر الخونة أو السماسرة.. إذا كان هذا هو ما يريده الإسرائيليون، فليعلموا جيدا أن مصر كانت داما مقبرة لكل من أرادها بسوء.. وإذا كان بيننا من شبّ عبدا لذاته وملذاته وباع نفسه للإسرائيليين فى سوق النخاسة والخيانة، فمصر بها أيضا شرفاء كثيرون يحمونها بأرواحهم ودمائهم، فى كل وقت).. وقال هشام بدوى أيضا بالحرف: (مصر يا حضرات القضاة رفعت لواء السلام والعدل والاستقرار بعد أن لقنت الإسرائيليين درسا لن ينسوه فى حرب أكتوبر 1973 فانصرفوا عن لواء السلام ورفعوا لواء الغدر والشك والارتياب، لأنهم أشد الناس عداوة وأصحاب نفوس حاقدة لا يحترمون عهدا ولا يعرفون ذمة، لكن إخلاصنا للسلام يدفعنا إلى أن نقول بأن مثل هذه الأفعال الدنيئة سوف تجرد هذا السلام من معناه وتفضح أيضا حقيقة جدواه.. فهل هؤلاء الإسرائيليون يريدون سلاما مبنيا على مشاعر الود والثقة ؟!! هل يريدون سلاما يحقق الأمن لجميع الأطراف ويراعى جميع الحقوق، أم يريدون سلام الغدر والشك والإضرار بالمصالح القومية لمصرنا الغالية؟!).
وبناء عليه:
لا يحق لأحد أن يتجاهل ذلك السؤال الذى فجّره هشام بدوى رئيس نيابة امن الدولة العليا فى ساحة القضاء، أثناء مرافعته ضد الجاسوس الإسرائيلى عزام متعب عزام.. ويبدو أن بنيامين نتنياهو وكان وقتها رئيسا لوزراء إسرائيل، قد أراد أن يقطع الشك باليقين، ويعلن لكل العرب والمصريين على بلاطة، حقيقة السلام الذى يريده الكيان الصهيونى، فقال فى الخطاب الذى ألقاه فى الجيش الإسرائيلى ونشرته مجلة المصور على صفحة (13) من عددها الصادر فى 22/8/1997 ما نصه (السلام الذى نريده مع العرب هو سلام الردع والقوة، والذى يتطلب منّا أن نطور باستمرار قدرت إسرائيل العسكرية، والمثل الساطع للعلاقة التى تريدها إسرائيل مع العرب، هى علاقة أمريكا بالاتحاد السوفيتى سابقا، وهى العلاقة التى لم تتطلع فيها أمريكا أبدا إلى تطبيع علاقاتها مع الاتحاد السوفيتى، ولكن كان هدفها دائما هو الحفاظ على قوتها العسكرية وتطوير هذه القوة باستمرار حتى انهار أمامها الاتحاد السوفيتى واختفى.. وبالمثل يجب أن يكون هدفنا دائما هو الحفاظ على تفوقنا العسكرى وإضعاف العرب وبث الفرقة بينهم.. ويجب أن يكون سلامنا دائما، قائما على القوة وفرض الأمر الواقع، وحتما سوف يأتى اليوم الذى ينهار فيه العرب أمام إسرائيل مثلما انهار الاتحاد السوفيتى واختفى أمام أمريكا!!).. هذا هو ما قاله نتنياهو، ونشرته مجلة المصور فى 22 / 8 / 1997.. وهذا هو أيضا ما قاله رسميّا هشام بدوى رئيس نيابة أمن الدولة العليا فى حق التطبيع والمطبعين فى ساحة القضاء المصرى، ضمن تعقيبه على مرافعة فريد الديب أمام المحكمة، التى وصفها رئيس النيابة يومها حرفيا، بأنها: (نوع من الإفلاس ولا تستحق البحث أو التعقيب، وأنها تضمنت أمورا وتقارير مضحكة، وكلاما لا يصدر إلا ممن ليس له دراية بالقانون، بل وتضمنت أيضا من الفساد والمغالطات ما يستعصى على العقل والمنطق تقبله، وما لا يستند إلى الواقع أو الحقيقة!!).. وهى المرافعة استمرت على مدى ثلاثة أيام، أكثر من عشر ساعات متفرقة، استعان خلالها فريد الديب المحامى بأربعة من مساعديه الشبان كانوا يلازمونه فى كل جلسة.. واستعان أيضا فريد الديب فى دفاعه عن الجاسوس الإسرائيلى ب (خمس شنط كبيرة مملوءة بالكتب والمذكرات والملابس الداخلية، وأكياس ملح الليمون، والقطن وعلب الكارتون، وقشر البصل، وزجاجات صغيرة قال فريد الديب إنها مملوءة بحبر سرى يباع عند البقالين وأنه اشتراها من عم أحمد الأمريكانى!!).. وهى أيضا نفس المرافعة التى استخدام خلالها فريد الديب من فنون الأداء والتقليد والتعبير الحركى والصوتى المنغم، ما جعل القاعة تنفجر أحيانا بالضحك، وأحيانا بالدهشة أو الاستهجان، ولكن يبدو أن كل ذلك لم يشفع للمحامى الشهير فريد الديب عند المستشار هشام بدوى رئيس النيابة، فوقف بدوى فى 31 / 8 / 1997 أى فى الجلسة الأخيرة لتلك المحاكمة الشهيرة، التى انعقدت برئاسة المستشار محرم درويش، وعضوية المستشارين عبد الرحمن أبو المجد، وعبد الراضى أبو ليلة، يصف دفاع فريد الديب عن الجاسوس الإسرائيلى عزام، بأنه: (دفاع حافل بالفساد والمغالطات والأمور المضحكة، يحاول المحامى فريد الديب من خلالها إيجاد منفذ أو ثغرة تؤدى به إلى براءة موكله الإسرائيلى ولكن هيهات!!)
وبناء عليه:
ومن أجل إيجاد ذلك المنفذ، أو تلك الثغرة التى قد تؤدى إلى براءة الجاسوس الإسرائيلى عزام، لم تسلم الصحافة المصرية هى الأخرى من مغالطات فريد الديب التى وصفها هشام بدوى بالمغلطات المضحكة.. حيث وقف "الديب" فى جلسة 19 / 7 / 1997 وقال نصّا: (الصحفيون المصريون ارتكبوا جريمة من جرائم أمن الدولة العليا، وهى جريمة تستوجب أن تبادر النيابة بالتحقيق فيها دون انتظار بلاغ، لأن الصحفيين ضخموا القضية على عكس حقيقتها.. وقدموا عزام للرأى العام المصرى والعربى فى صورة شيطان، وأثاروا حول قضيته ضجة إعلامية مفتعلة!!).. وفى جلسة أخرى، طلب فريد الديب أيضا من هيئة المحكمة، وبالحرف الواحد أن (تضرب بيد من حديد على أيدى الصحافة والصحفيين المصريين) لوقف ما وصفه الديب ب (الهراء والفجاجة والاعتداءات المتكررة التى يرتكبها الصحفيون المصريون فى حق القضاء وفى حق المحكمة.. أما ما يرتكبونه فى حقه هو، أى فى حق الغضنفر فريد الديب، فهو متنازل عنه!!) هل تعرفون لماذا؟! لأنه كما قال حرفيا أمام المحكمة: (أكبر من أن يقف موقف الخصومة مع هؤلاء الصحفيين الضعفاء)!!
هذا- على سبيل العينة- بعض ما قاله فريد الديب أمام المحكمة لإرهاب الصحافة والصحفيين فى مصر.. وهو فى الحقيقة لا يختلف كثيرا عما قاله "فريد الديب" أيضا سواء فى حق زملائه المحامين المصريين الذين وقعوا بأسمائهم على الشكوى التى قدمها ضده وقتها زميله المحامى "نبيه الوحش" إلى نقابة المحامين بالقاهرة، أو فى حق المحامين الذين جاءوا مع زميلهم المحامى مرتضى منصور إلى قاعة المحكمة للإعراب عن احتجاجهم وغضبهم من فريد الديب، لدفاعه عن الإسرائيلى المتهم بالتجسس ضد مصر.. علما بأن المطبعين المصريين، وبالذات عبد المنعم سعيد، وصلاح منتصر، وعلى سالم، كل منهم وقتها، دافع عن فريد الديب على صفحات الصحف دون خجل!
وعلى عكس فريد الديب، وقف أحمد محمود بكر، محامى المتهم المصرى عماد إسماعيل فى ذات القضية، وأشاد أمام المحكمة بالمخابرات العامة المصرية وقال نصا إنها: (كانت أمينة على موكله وأثبتت فى أوراق القضية كل أقوال موكله عماد إسماعيل دون زيادة أو اجتزاء!!).. وعلى عكس فريد الديب أيضا، أشاد أحمد محمود بكر المحامى بالإجراءات التى اتبعتها النيابة مع موكله عماد إسماعيل، ووصف النيابة بأنها: (كانت هى الأخرى أمينة على موكله وعلى كل اعترافاته).. ومن قاعة المحكمة، وجه نفس المحامى شكره وتقديره للصحافة وللصحفيين المصريين وأعرب عن سعادته لما أسماه ب(اهتمامهم المحمود بهذه القضية، لتنبيه الشباب المصرى إلى مخاطر التعامل أو السفر إلى إسرائيل) التى وصفها أحمد محمود بكر المحامى أمام المحكمة بأنها (دولة من الجواسيس).. وطالب أيضا نفس المحامى فى مرافعته كل المخلصين فى مصر بفضح حقيقة إسرائيل وبالمزيد من التوعية الأمنية والإعلامية للشباب المصرى (حتى لا تخدعهم أكاذيب السماسرة الذين يروجون للسفر إلى إسرائيل أو التعامل مع الإسرائيليين) على عكس ما قاله فى المحكمة المحامى الشهير فريد الديب، الذى لم يكتف بالدفاع عن الجاسوس الإسرائيلى عزام وحدة، وإنما تطوع أيضا فى جلسة الاثنين 18/8/1997 بالغزل فى إسرائيل، وفى تكنولوجيا إسرائيل، وفى قيم إسرائيل، وفى الفوائد التى يمكن أن تعود علينا من التعامل مع إسرائيل.. وتغزل فريد الديب أيضا فيما وصفه أمام المحكمة ب(نبل المتهمة الإسرائيلية الهاربة منى أحمد شواهنه، وفى جدعنة زميلتها الهاربة أيضا زهرة يوسف جريس) وبرر فريد الديب عرض المتهمة زهرة على المتهم عماد إسماعيل العمل معها لصالح المخابرات الإسرائيلية بأنه: (كان على سبيل الهزار، كلام فى الهجايص يعنى) هكذا نصا قال المحامى الشهير فريد الديب أمام المحكمة!!
وبناء عليه:
ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو صهينوها.. زمان، كان فى مصر محام شهير آخر اسمه إبراهيم الهلباوى.. وفى المحاكمة الشهيرة التى جرت لأهالى قرية دنشواى بتهمة أنهم منعوا جنود الاحتلال البريطانى من صيد الحمام فى قريتهم، وقتلوا أحد الجنود.. فى تلك المحاكمة التى جرت صباح الأحد 24 يونيو عام 1906 أسندت قوات الاحتلال البريطانى فى مصر رئاسة المحكمة إلى "بطرس باشا نيروز غالى" جد وزير المالية الحالى بطرس بطرس غالى.. وأسندوا إلى إبراهيم الهلباوى مهمة القيام بدور ممثل الاتهام ضد أهالى دنشواى لإثبات التهمة عليهم.. وبالفعل، نجح الهلباوى ليس فقط فى تبرئة جنود الاحتلال الإنجليزى من قتل "أم صابر" وحرق أجران القمح فى قرية دنشواى، وإنما نجح أيضا فى إثبات أن الإنجليز هم الضحايا، وأن أهالى دنشواى هم المذنبون.. ووفقا لما نشرته جريدة "الأهرام" زمان، وتحديدا فى 25 / 6 / 1906 وفى كلمات لا تختلف كثيرا عما قاله فريد الديب فى دفاعه عن الجاسوس الإسرائيلى عزام، قال إبراهيم الهلباوى زمان أمام محكمة دنشواى: (الاحتلال الإنكليزى لمصر حرر المواطن المصرى وجعله يترقى ويعرف مبادئ الواجبات الاجتماعية والحقوق المدنية!!).. وقال أيضا: (هؤلاء الضباط الإنكليز، كانوا يصيدون الحمام فى دنشواى، ليس طمعا فى لحم أو دجاج، ولو فعل الجيش الإنكليزى ذلك لكنت خجلا من أن أقف الآن أدافع عنهم!!).. وقال الهلباوى أيضا: (هؤلاء السفلة، وأدنياء النفوس من أهالى دنشواى، قابلوا الأخلاق الكريمة للضباط الإنكليز بالعصى والنبابيت، وأساءوا ظن المحتلين بالمصريين بعد أن مضى على الإنكليز بيننا خمسة وعشرون عاما، ونحن معهم فى إخلاص واستقامة!!).
وعليه: وبفضل ما أبداه إبراهيم الهلباوى هو وغيره يومها من إخلاص واستقامة فى الدفاع عن جرائم المحتلين الإنجليز، تم تعليق أهالى قرية دنشواى على أعواد المشانق.. فنبذه ولفظه عموم المصريين، وهاجمه مصطفى كامل، وعباس العقاد، وحافظ إبراهيم، وأحمد لطفى السيد، ومحمد حسين هيكل، بل ووصفه عبد العزيز جاويش على صفحات جريدة "اللواء" بجلاد دنشواى، وراح المصريون يطاردونه كلما رأوه هاتفين (يسقط جلاد دنشواى).. أما بطرس باشا غالى الذى رأس محاكمة دنشواى وأصبح بعدها رئيسا لوزراء مصر.. ففى 20/2/1910 اقتص منه لأهالى دنشواى صيدلى شاب اسمه "إبراهيم ناصف الوردانى" وأطلق عليه الرصاص فقتله فى الحال.. ولما علم إبراهيم الهلباوى باغتيال بطرس غالى، وسمع الأهالى يغنون لمن اغتاله: (يا ميت صباح الفل على الوردانى) لم يهدر الهلباوى فرصة التكفير عن سقطته، وقرر أن يدافع هذه المرة عن الوردانى نفسه.. ونقلا عن مذكرات إبراهيم الهلباوى التى أصدرتها الهيئة العامة للكتاب عام 1995 وقف الهلباوى فى المحكمة يقول نصا: (المصريون كلهم كرهوا محاكمة دنشواى، واحتقروا كل من شارك فيها ودافع عن المحتلين الإنكليز.. ولست هنا فى مقام التوجع ولا الدفاع عن نفسى.. ومع ذلك أستطيع أن أؤكد أن الشعب المصرى يحتقر كل من يدافع عن المحتلين أو يأخذ صفهم أو يبرر جرائمهم.. وأؤكد أيضا أن مواطنينا لم يقدروا الظروف التى دفعتنى أنا وغيرى إلى ذلك.. لهذا جئت للدفاع عن الوردانى الذى قتل القاضى الذى حكم على أهالى دنشواى بالإعدام.. جئت نادما استغفر مواطنينا عما وقعت فيه من أخطاء شنيعة.. اللهم إنى استغفرك وأستغفر مواطنينا!!).
آخر سطر: حينما أعدت على ذاكرة المحامى الشهير فريد الديب حكاية زميله إبراهيم الهلباوى، وسألته فى حوار مسجل داخل مكتبه: (متى تفعلها أنت أيضا وتستغفر المصريين؟!).. قال غاضبا: أنا لست إبراهيم الهلباوى!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.