قررت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر عبد الواحد اليوم الأحد حجز الحكم في الدعوى المقامة من عددٍ من المستشارين وأساتذة القانون الدستوري والمحامين ببطلان الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة إلى جلسة 1/10/2007م مع السماح للطاعنين بتقديم مذكراتٍ خلال أسبوعين من تاريخ اليوم. وفيما يُعتبر فضيحةً دستوريةً ارتكبها النظام المصري للإصرار على تمرير تلك التعديلات أكد مندوب الحكومة وهيئة قضايا الدولة في الجلسة اليوم أن مشروع الفقرة الطعينة (وهي الفقرة 2 من المادة 24 الخاصة بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية) تمَّ عرضه على مجلس الشورى لأخذ الرأي فيه إلا أن المفاجأةَ كانت في اكتشاف عدم عرض المشروع على مجلس القضاء الأعلى. وبررت الحكومة ذلك بعدم إلزامية العرض على مجلس القضاء الأعلى وهو ما اعتبره المستشار حسن أحمد عمر- عضو هيئة الدفاع- أنه يتعارض صراحةً مع حكم المادة 173 من الدستور. وقد تقدمت هيئة الدفاع برئاسة د. علي الغتيت وعضوية كل من الدكتور عاطف البنا والمستشار حسن عمر والمحامين محمد العمدة ومحسن بهنسي ومحمد صلاح بطعن جديد يدفع بعدم دستورية المادة 5 من قانون المحكمة الدستورية، التي تنص على تعيين قضاة المحكمة بقرارٍ جمهوري، لتعارض ذلك مع مبادئ استقلال القضاء الذي كفله الدستور، وهو ما يمثل سابقةً في قضاء المحكمة. كما طالبت هيئة الدفاع، بعدم دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية، والمادتين 62 و88 من قانون تعديل الدستور؛ وذلك لمساس تلك المواد بالحقوق الدستورية المقررة للمواطن، وبصفة خاصة ما يتعلق بحقه في الانتخابات والترشح والاقتراع تحت رقابة وإشراف كامل للقضاء، سواء في اللجان العامة أو الفرعية. وقدَّم اليوم الدكتور الغتيت- رئيس لجنة الدفاع- مرافعته في عدم دستورية المادة 24 فقرة 2 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية والتي أحالت محكمة القضاء الإداري أمر دستوريتها للمحكمة الدستورية العليا في 25 مايو الماضي؛ مما يترتب عليه عدم دستورية الاستفتاء. ورأى الغتيت أنه كان على المحكمة أن توقف الاستفتاء ولكن لم يتم ذلك وطالب في مرافعته بوقف اعتماد قرار الرئيس مبارك لنتيجة الاستفتاء لحين الفصل في دستورية المادة الطعينة. أما محمد العمدة المحامي- عضو مجلس الشعب- فقدَّم لهيئة المحكمة الأعمال التحضيرية للدستور، فضلاً عن مسودات وأوراق العمل الخاصة بدستور 71 والتي تؤكد بجلاء عدم دستورية المادة المطعون فيها، كما تؤكد أن المشروع الدستوري يقصد بكلمة "الانتخاب" عموم الانتخابات، كما يقصد بكلمة "الاستفتاء" عموم الاستفتاءات. وأشار العمدة إلى أن تعيين المستشارين في المحكمة يؤثر سلبًا على خط سير القضايا المهمة، مستشهدًا بالدعوى المرفوعة أمام الدستورية بالطعن على إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، والموجودة في أدراج المحكمة الدستورية العليا منذ 12 سنةً، ولم يفصل فيها حتى الآن. كان تقرير المفوضين قد انتهى إلى الرأي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا باعتبار أن الدستور لم يشترط في الاستفتاء على تعديل الدستور، الإشراف القضائي الكامل على الاقتراع، طبقًا لنص المادة 189، كما اشترطه صراحةً بنص صريح فيما يختص بمجلس الشعب في المادة 88 منه "قبل تعديلها". ومن جانبه شدد الدكتور البنا أستاذ القانون الدستوري وعضو هيئة الدفاع على ضرورة الإشراف القضائي الكامل على صناديق الانتخابات في لجانها الفرعية والعامة وفي كل انتخابات أو استفتاء، معترضًا مع ما ذكره تقرير هيئة مفوضي الدولة من أن كلمة استفتاء التي وردت في الدستور لم يقصد بها الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وأوضح البنا أن الكلمة كانت عامةً وبالتالي يؤخذ بعموميتها ما لم ترد كلمة أخرى تخصصها، موضحًا أنه تم العمل بنص المادة 88 المعدلة قبل الاستفتاء عليها؛ حيث استبعد القضاة من الإشراف الكامل على الاستفتاء، وأكد أنه كان يتعين العمل بالدستور القائم وليس الذي لم يتم تعديله والموافقة عليه. يأتي ذلك بينما بدأت الحكومة المصرية خطواتها لإزالة أكثر من 2.5 كيلو متر بطول الحدود المصرية- الفلسطينية لتأمين الكيان الصهيوني والتخلُّص من مشكلة الأنفاق وذلك عن طريق مسح المنطقة المستهدف إزالتها بالرغم من الرفض الشعبي الذي قابل قرار الحكومة بإزالة بعض المنازل بمدينة رفح المصرية. وقد دفع ذلك القبائل إلى تهديد الجهات التنفيذية بتصعيدِ مظاهرِ رفضِهم في حالة استمرار مسح المنطقة أو إزالتها حيث حاول المسئولون بمحافظة شمال سيناء طمأنة القبائل والتأكيد على أن المساحة المُزالة لن تزيد عن 150 مترًا، في حين أن المسْح على أرض الواقع تجاوز 2.5 كم. وبحسب مصادر صحفية فقد طلب الكيان الصهيوني من الحكومة المصرية تحويل المنطقة المزالة إلى مجرى مائي حتى يصعُب حفر الأنفاق على الحدود وسط توقُّعات بأن تشهد مدينة رفح تصعيدًا خطيرًا بين القبائل والحكومة عند بداية إزالة المنطقة المستهدفة!! الجدير بالذكر أن الإسراع في إجراءات إزالة هذه المنطقة جاء في أعقاب قرار الكونجرس الأمريكي باقتطاع 200 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر بدعوى تسهيل النظام المصري تسريب السلاح لحماس عن طريق الأنفاق على الحدود. من ناحية أخرى حذَّر النائب إبراهيم أبو عوف- عضو البرلمان عن الإخوان المسلمين- من خطورة التداعيات البيئية والصحية التي سوف تدمِّر صحة المواطن المصري في ضوء القرار الوزاري الذي أصدره المهندس أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بالسماح باستيراد 130 صنفًا من المبيدات الزراعية المسرطنة مشيرًا إلى أن هذا القرار يمثل فضيحة مدوية!! وأكد النائب في سؤال برلماني عاجل أن الأمر خطير ويتطلَّبُ تدخُّلَ القيادة السياسية لمنع هذه المهزلة والجريمة التي سوف تُرتَكَب في حق الشعب المصري الذي تحاصره العديد من الأمراض نتيجةَ تقاعس الحكومة عن حمايته سواءٌ من خلال مياه الشرب الملوَّثة أو الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية أو مصانع بئر السلم التي تُنتج العديد من الأغذية. وكشف أبو عوف في سؤاله العاجل الموجَّه إلى رئيس مجلس الوزراء عن قيام وزير الزراعة بالسماح للشركات باستيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي المسرطنة تحت دعوى أنه مصرَّحٌ باستخدامها من قِبَل منظمات دولية في أوروبا وأمريكا خاصةً المبيدات التي صدر بسببها حكمٌ بسجن يوسف عبد الرحمن الذراع الأيمن للدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق. وتساءل النائب: هل وصلت الأمور إلى أن يستجيب وزير الزراعة لضغوط المستورِدين بالسماح لهم باستيراد 130 صنفًا من المبيدات المسببة للأمراض السرطانية؟! وكيف يسمح الوزير المهندس أباظة باستيراد تلك الأصناف بعد أن منعَها الوزير السابق حفاظًا على صحة الشعب المصري استنادًا لتقارير وبحوث من علماء مصريين تؤكِّد أن تلك المبيدات شديدةُ السمِّيَّة وتشكك في التقارير الأوروبية والأمريكية الصادرة لحساب الشركات متعددة الجنسيات؟! وأشار إلى ما نشرته بعض الصحف عن اتهامات لجنة المبيدات التي شكَّلها المهندس أحمد الليثي- وزير الزراعة السابق- لوزير الزراعة الحالي وتأكيد لجنة الليثي في بيان لها اعتراضَها على قرار الوزير الحالي الذي يحمل رقم 630 لسنة 2007م والذي يسمح بتداول مبيدات كانت محظورةً من قبل وقيام لجنة المبيدات التي قام بتشكيلها الليثي بشطب 162 مركبًا تجاريًّا وعدم السماح باستيراده؛ اعتمادًا على قائمة تصنيف المواد المسرطنة الصادرة من وكالة حماية البيئة الأمريكية إضافةً إلى نفي البيان الصادر من تلك اللجنة ما يتردَّد من عدم وجود مبيدات مسرطنة واتهام البيان من يردِّد ذلك بإنكار حقائق علمية وإتباع المنهج السياسي الأمريكي في إحداث فوضى خلاَّقة للوصول إلى الربح. ويأتي قرار أباظة بالسماح باستيراد المبيدات من خلال الشركات ضاربًا عرض الحائط بالتحذيرات التي أطلقتها لجنة الزراعة بمجلس الشعب برئاسة عبد الرحيم الغول والتي طالبت بضرورة مراقبة أسواق المبيدات وإحكام السيطرة على المنافذ لمنع وصول أي مبيدات ضارَّة بالصحة أو غير مصرَّح بها دوليًّا إلى الأسواق المصرية ومطالبة اللجنة للحكومة بخفض الاعتماد على المبيدات في مقاومة الآفات من خلال دعم طرق المقاومة اليدوية والبيولوجية. وكانت صحيفة الشعب الناطقة بلسان حال حزب العمل قد خاضت معركة قانونية وسياسية كبيرة ضد وزير الزراعة الأسبق والأمين العام للحزب الحاكم يوسف والي لإصراره على استيراد هذه المبيدات التي أدى استخدامها إلى زيادة الإصابة بالسرطان بين المصريين . وقد تعرض صحفي الشعب إلى مؤامرة شارك فيها يوسف والي والقاضي عبد السلام جمعة واللواء هتلر طنطاوي لإدانتهم وحبسهم بإدعاء السبل والقذف بحق والي . في هذه الأثناء فما زالت يتواصل مسلسل الإهمال بحق مياه البحر في محافظة الإسكندرية حيث ما زالت المصبَّات الضخمة تُلقي بملايين الأمتار المكعَّبة من سموم ومخلَّفات الصرف الصحي والصناعي والزراعي في مياه البحر بمنطقة غرب المحافظة رغم تصريحات المسئولين بالإسكندرية والحكومة بإغلاق جميع مصبَّات الصرف الصحي على شواطئ البحر بشرق وغرق الإسكندرية!! هذا بالإضافة إلى مخلَّفات السفن وتسرُّب مئات الأطنان من حمولتها- من مواد بترولية وزيوت- إلى مياه البحر بالمنطقة والتي تتسبَّب- بدون شكّ- في كوارث لتأثيرها الضارّ على الكائنات البحرية وعلى صحة الإنسان سواءٌ كان عن طريق الاستحمام بمياه البحر أو تناول الأسماك والكائنات البحرية الأخرى التي يتم اصطيادها إلى جانب تأثيرها على إنتاج الثروة السمكية لجميع أنواع الأسماك وضياع مصدر رزق آلاف الصيادين فضلاً عن الأمراض الخطيرة التي تُصيب الأهالي جرَّاء هذا التلوث. وكشف تقرير حديث أصدرته الإدارة المركزية لشئون البيئة حول نوعية المياه الساحلية في البحر المتوسط عن تلوث 55% بالبكتريا المسبِّبة للأمراض من المواقع التي قامت بتحليل مياهها بالإسكندرية؛ حيث احتلت منطقة المكس المرتبة الأولى في التلوث، ثم الدخيلة، فالميناء الغربي، فمنطقتا الأنفوشي وشرق أبو قير. وأوضحت النتائج أن هناك 15 موقعًا- من بين 27 موقعًا تم رصدُها- كان بها تلوث بواحد أو أكثر من هذه البكتيريا، كما تميَّزت أغلب المواقع بمحافظة الإسكندرية بمستويات مرتفعة من الأملاح المغذية، وقد نتج عنها وجود كميات كبيرة من الهائمات النباتية في المياه، التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى النموِّ الشاذِّ للطحالب البحرية، أو إلى حدوث ظاهرة المدِّ الأحمر، بما لها من آثار ضارة بالبيئة والصحة العامة.