قرية يوسف عدلى السنباطى، هى إحدى القرى التابعة لمركز ومدينة يوسف الصديق، وتقع فى قلب الصحراء وسط قرى الخريجين المستصلحة. تبعد عن الفيوم نحو 100 كيلو متر، ويسكنها نحو 2000 نسمة، والقرية معدومة نهائيا من الخدمات، سواء مياه شرب أو صرف صحى أو غاز أو كهرباء، وأصبح المواطن يعيش فيها عيشة الإنسان المصرى القديم عندما كان يصارع الطبيعة من أجل البقاء واستأنس الحيوانات واستخدم الأشجار فى بناء مسكنه، وطهى طعامه. ففى البداية يقول يوسف عدلى أحمد، من أبناء العزية وأحد مؤسسيها؛ إننى أمتلك 85 فدانا مستصلحة، وكانت هذه الأراضى صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، وجئت إلى هنا من أجل استصلاح هذه الأراضى، وقد اشتريناا الفدان من الحكومة ب20 ألف جنيه، وتم استصلاحه بنحو 25 ألف جنيه، وقد جئنا إلى هنا بعد ما أخذنا أكثر من وعد من الحكومة بتوفير كافة هذه المرافق، ولكن صُدمنا بعد ما أنفقنا عليها جميع أموالنا، ولم نر أية خدمة تقدم إلينا، ونعيش هنا كالكلاب الضالة؛ فلا يوجد أى شىء لمقومات الحياة البشرية التى من حق أى إنسان على وجه الأرض.. من توفير مياه شرب وصرف صحى وكهرباء. ويضيف نادى عبدالتواب على: إننا نعيش فى هذا المكان وكأننا فى عصر الإنسان الحجرى، فهل يعقل ونحن فى هذا المكان لخدمة الزراعة والأمن القومى فى استصلاح الأراضى وتشغيل المواطنين الذين ليس لديهم عمل؛ أن نفاجئ بالفاجعة الكبرى وهى عد موجود أية خدمة تقدم إلينا؛ فالعزبة لا يوجد بها كهرباء، مع أننا تقدمنا بمذكرات عديدة إلى محافظ الفيوم ورئيس مجلس المدينة من أجل توصيل الكهرباء للعزبة من أجل أن نشعر بالأمن والأمان وبآدميتنا كبشر. وقد أصدر المحافظ توجيهاته إلى رئيس مجلس المدينة، ولكن رئيس مجلس المدينة ضرب بهذه التوجيهات عرض الحائط بحجة عدم توافر التدابير المالية، لأننا محتاجون إلى ضغط عال، وليس أعمدة عادية، وذلك لمدها من القرية المجاورة التى لا تبعد عن القرية سوى 1700 متر فقط. وأكد عبدالله عكاشة: قد حصلنا على تأشيرة من المحافظ السابق جلال سعيد بتوصيل الكهرباء عن طريق شركة الكهرباء، ولكن قامت الثورة ولم يتم توصليها حتى الآن، مع أنه من المفترض أن تقدم إلينا الدولة كافة التسيهلات والخدمات والمرافق اللازمة من أجل تشجيع الشباب للاستصلاح فى الصحراء بدلا من وضع العراقيل أمامنا؛ فقد عرضنا على رئيس مجلس المدينة محمود عبدالصمد مشاركة الأهالى بمبلغ خمسين ألف جنيه؛ فقال إن التكلفة الفعلية لتوصيل الكهرباء تبلغ نحو 250 ألف جنيه. ويقول عبدالتواب عدلى: إننا نستعمل الكانون فى طهى الطعام وعمل الشاى وكافة المستلزمات نظرا إلى عدم وجود الكهرباء ولا الغاز، وكأننا فى عصر الإنسان الحجرى القديم، لأننا أصابتنا الالتهابات فى العين بسبب الأدخنة الناتجة عن هذه الكوانين، وقد اشترينا ديزل على حسابنا الخاص من أجل توليد الكهرباء، ولم نستخدم الديزل إلا ساعتين فقط فى الليل، ويستخدم أكثر من صفحتين من السولار ب80 جنيها يوميا، مما يحملنا أعباء مالية كبيرة على حياتنا، فلم نعرف طعم المياه الباردة من الثلاجات فى فترة الصيف، ولا نشاهد التليفزيون، وكأننا معزولون عن العالم الخارجى. ونطالب المسئولين بمعاملاتنا معاملة السجناء، فعلى الأقل السجين يوفر له المأكل والمشرب والمسكن والكهرباء، فأى فرق بينا وبين المسجون غير أنه فى سجن ضيق ونحن فى سجن أكبر.. «يا ريت نتسجن فى سجن مزرعة طرة على الأقل هنلاقى عيشة كويسة وتكييفات مركزية فى الشوارع.. حتى الحمامات مكيفة» وهؤلاء سرقوا البلد ونحن الذين خدمنا البلد يعاملوننا معاملة العبيد. ويؤكد عبدالحكيم حسن الخطيب: إننى موجود فى هذا المكان منذ ما يقرب من 17 عاما، ولا توجد وسيلة مواصلات إلا الوسائل البدائية كالحمير أو المشى على الأقدام، ونستخدم لمبات الجاز فى إضاءة منازلنا، ونستخدم الكانون، وعندما نريد شراء مستلزماتنا نشتريها من القرى المجاورة ونقطع مسافات طويلة من أجل البحث عن نقطة مياه فى القرى المجاورة، لأن العزبة لا يوجد بها أبسط مقومات الحياة البشرية، فلا تتوفر فيها نقطة مياه، والتى تعتبر حقا من حقوق البشر، فنملأ الجراكن ونخزنها لقضاء احتاجتنا. وتقول زاهية على سعدواى: إننى امرأة مسنة وأصبت بحساسية فى عينى نتيجة العادم الناتج عن اللمبة الجاز التى نستخدما فى إضاءة منازلنا، وقد كشفت عند أحد الأطباء المتخصصين فى أمراض العيون فحظر على الجلوس تحت اللمبة الجاز بسبب الحساسية، فأين أجلس ولم يكن هناك بديل سوى اللمبة الجاز فى الإضاءة، فأطالب المسئولين بالنظر إلينا بعين الرحمة والشفقة؛ فنحن معذبون فى الأرض، حتى رغيف الخبز لم نحصل عليه ولا أسطوانات بوتاجاز، وكأننا لسنا أحياء على أرض مصر. وتضيف نصرة معوض: الأطفال مصابون بالأمراض نتيجة الحياة غيرالآدمية وعدم الاهتمام بصحتنا ولا صحة أولادنا؛ فلا توجد وحدة صحية، ونحن نعيش فى بيئة صحراوية مليئة بالثعابين والعقارب والحيات التى تهددنا ليل نهار؛ فالشخص الذى يلدغه أى شىء من هذه فمصيره الموت؛ لأن أقرب مكان لنا يبعد عنا جدا، ونبعد عن المحافظة أكثر من مائة كيلو، ولا توجد وسائل مواصلات بالقرية، وعندما أريد استخدام سيارة خاصة ندفع لها دم قلوبنا إن وافق السائق على الحضور خوفا من وعورة الطرق وبعد المسافة.