.. كيفك و كيف الاهل .. آسفة لم استطع البارحة اكمال ما بدأناه عبر النت من حوار لأن الكهرباء انقطعت , و عندما دار الموتور كان قد حان موعد انصرافي من المكتب لأتوجه الى الجبل .. تسألينني عن لبنان بعد وقف اطلاق النار ..لأول مرة بعد ثلاثين يوما ننام بدون اصوات المدافع و هدير الطائرات .. ووقف اطلاق النار بدأ يوم الأثنين 14 آب - اغسطس الساعة الثامنة صباحا .. فحتى الثامنة الا ثلاث دقائق كانت اسرائيل لا تزال تغير بطائراتها على مناطق لبنان في الجنوب و منطقة بعلبك و تصطاد الضحايا من الابرياء .. و لكن مع دخول القرار حيز التنفيذ بدأ النازحون من قراهم و الذين استضافتهم بيروت و مدنها التي لم يطالها القصف بحزم حاجياتهم , و يمموا شطر قراهم التي غابوا عنها لشهر واحد .. و شكلوا في قوافل العودة شريان حياة .. زحف بشري هائل و كأنهم تلقوا امرا باقتحام القرى الجريحة حيث امضوا ما بين ثماني و عشر ساعات للوصول , و هذه الطريق يمكن قطعها في الايام العادية في خلال ساعة او ساعتين .. و ذلك بفعل الازدحام الشديد و الجسور المدمرة و التي لم تستثني منها اسرائيل حتى الطرق الفرعية و الطرق الترابية و الجسور الصغيرة.. 85 بالمئة من النازحين عادوا الى ديارهم رغم ان معظم هذه الديار قد هدمت و لم تعد الا اطلال واقفة لتشهد على جريمة اسرائيل , عاد الناس رغم التهديدات الاسرائيلية بأن الحرب لن تنتهي الا بعد انتشار الجيش اللبناني فوق اراضي الجنوب و قوات السلام الدولية .. هذه الحرب التي استمرت شهرا واحدا خلفت وراءها ما يفوق الالف شهيد و اربعة آلاف جريح و مليون نازح , اسرائيل دمرت بنية لبنان التحتية و عددا يكاد لا يحصى من المباني و الجسور و 30 الف وحدة سكنية و مكاتب و محال تجارية تصل كلفة اعادة بنائها حوالى 3,4 مليارات دولار وهناك 15 الف عائلة دون مأوى بعد تهدم منازلها .. اضافة الى استمرار انتشال الجثث , فقد تم بعد عودة اهل الجنوب الى قراهم انتشال 65 جثة من تحت الركام , و بعض هذه الجثث استشهد اصحابها منذ الايام الاولى للعدوان الاسرائيلي الغادر . فالعودة الى القرى و المدن المدمرة كشفت عن مآسي حقيقية .
ففي منطقة حارة حريك , في ضاحية بيروت الجنوبية , القريبة مما اسمته اسرائيل المربع الامني لحزب الله , تحولت هذه المنطقة الى مدينة اشباح حيث المرء يرى الموت من قرب و يشم رائحته , فالدخان لا يزال متصاعدا من هذه الابنية , و تشك بعض المصادر الامنية ان تكون اسرائيل قصفت هذه المناطق بالسموم .. اما خسائر لبنان فحدثي و لا حرج ..فهناك 65مليون دولار خسائر الحصار على المرافيء اضافة الى ما خلفته اسرائيل من خسائر في البنية التحتية ..... و لكن ما يثلج القلب ان ابناء لبنان من الميسورين تدافعوا لبناء الجسور الضخمة التي ساوتها اسرائيل بالارض بفعل قصف الطائرات العنيف.. كما ان حزب ال له تبرع ببناء المساكن التي هدمت على ان يدفع للناس مبالغ ما بين 10 و 20 الف دولار خلال سنة , و هي المدة الكافية لاعادة بناء ما تهدم .. و انا اكتب اليك سمعت لأول مرة و منذ 35 يوما صوت هدير طائرة مدنية و هي الاولى اليوم على ان يلحق بها طائرتان و هذا مؤشر الى بداية عودة فتح مطار بيروت الدولي او مطار رفيق الحريري الدولي .
شعب لن يركع قادر ان يحول لبنان كله الى ورشة اعمار رغم ارادة اسرائيل وآلتها العسكرية التي ارادت تحويل بلادنا الى خراب و ارجاعه 30 سنة الى الوراء .. شن الاسرائيليون الحرب و بعد شهر واحد خرجوا يجرون اذيال الخيبة تاركين وراءهم دباباتهم المدمرة و اشلاء جنودهم .. و قبل ان انسى فان ازمة الكهرباء ستحل قريبا بعد ان حلت ازمة البنزين و المازوت .
دعواتك لنا من قلبك الطاهر بأن يستعيد لبنان عافيته سريعا