اعترف فرانسيس ريتشاردوني- السفير الأمريكي بالقاهرة- بتراجع الضغوط الأمريكية على النظام المصري بشأن انتهاكات حقوق الإنسان مشيرًا إلى أن المعارضة الداخلية في مصر سواء للنظام الحاكم أو لتطور العلاقات المصرية الأمريكية مسألة داخلية لا شأنَ لأمريكا بها وأن الإدارة الأمريكية تكتفي بتحليل الموقف من خلال التقارير الرسمية لحقوق الإنسان والحريات الدينية في إطارٍ من الشفافية والموضوعية وإدارة الخلافات من خلال الحوار والاحترام المتبادل. وقال دوني خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في ديوان عام محافظة الإسكندرية أمس الأربعاء وبحضور اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية على هامش افتتاح المركز الذكي لخدمة المشروعات بالإسكندرية بالشراكة بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومحافظة الإسكندرية لتسهيل استخراج تراخيص المشروعات التجارية قال: إنه لا يوجد أي تأثير لتصاعد نجم جماعة الإخوان المسلمين في مصر على المعونة الأمريكية، وأنَّ ما يهم أمريكا في مصر هو استمرار التعاون المصري الأمريكي، إلا أنه ألمح إلى أن شكل المعونة يمكن أن يتغير إلى أشكال أخرى على هيئة تسهيلات تجارية وتعاون اقتصادي بدلاً من المعونة النقدية التي تُقدَّم. ونفى دوني وجود أي اتصالاتٍ بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقال إن استقباله لرئيس الكتلة البرلمانية للإخوان بمجلس الشعب مؤخرًا كان كأعضاء في البرلمان المصري وكان في إطار اللقاءات التي تتم بين الدبلوماسيين وأعضاء البرلمان والمعارضة، معربًا عن احترامه لآراء القوى الرافضة لمثل تلك المقابلات التي أكد على أهميتها ووصفها بالطبيعية. وأعلن دوني أن وفدًا من أعضاء الكونجرس سيزور القاهرة خلال الفترة القادمة للقاء مبارك ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط بالإضافة إلى عددٍ من كبار المسئولين المصريين وأعضاء البرلمان من مختلف التيارات السياسية. من جانبه دافع اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية عن المشروع الأمريكي لتطوير التعليم بالمحافظة نافيًا وجود أي تدخلٍ أمريكي في المناهج الدراسية وإنما الدور الأمريكي يتركز فقط في جودة التعليم. وقد قام السفير بزيارة مكتبة الإسكندرية ثم اختتم جولته بزيارة الكنيسة المرقسية بالإسكندرية حيث التقى لأول مرة بالقمص شاروبيم الباخومي وكيل البطريركية للأقباط الأرثوذكس وأعضاء المجلس الملي بالمحافظة لمناقشة بعض القضايا التي تهم الأقباط. وعلى نفس السياق أكدت منظمة العفو الدولية أن هناك العديد من الأنظمة الحاكمة في العالم تستخدم "سياسة الخوف" من أجل تثبيت سلطاتها على حساب حقوق شعوبها ومن بينها النظام المصري. ونقل التقرير- الذي أعدته نورا بستاني في جريدة (واشنطن بوست) الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس عن لاري كوكس المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال) بالولاياتالمتحدة قوله: إن هناك العديد من الأنظمة التي تَستخدم بعض القضايا التي تهدِّد دولَها من أجل تمرير قرارات تُسهم في تعزيز صلاحياتها على حساب حريات شعوبها بدعوى مكافحة تلك المخاطر. وقال كوكس إن النظام المصري من بين الأنظمة التي تستخدم "سياسة الخوف" لتثبيت قواعده في الحكم، وأضاف أن المرء إذا نظر إلى مصر فسيجد أن قوانين الطوارئ تُطَبَّق هناك منذ عقود، و"الآن تستخدم السلطات تعبير "الإرهاب" لتوسيع قوانين الطوارئ وزيادة صلاحياتها وجعلها قوانين دائمة". كما اتهم كوكس الولاياتالمتحدة بأنها الدولة الأولى في مجال استخدام "سياسة الخوف لتبرير ما لا يمكن تبريره"، وأضاف أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع الآن انتقاد الكثير من الممارسات غير الحقوقية حول العالم، مثل المحاكم العسكرية، واستخدام التعذيب ضد المعتقلين، بالنظر إلى أنها تمارس نفس الانتهاكات داخليًّا. وقالت الجريدة إن منظمة العفو الدولية أدانت في تقريرها الأخير للعام 2006م عددًا من الدول حول العالم باستخدام "سياسة الخوف" في تثبيت صلاحياتها في الحكم، ومن بينها كولومبيا التي استخدمت مسألة المواجهات مع الجماعات المسلَّحة في ارتكاب الكثير من الانتهاكات الحقوقية، كما أدانت روسيا باستخدام أزمة الشيشان في زيادة صلاحيات الأجهزة الأمنية. ولم يتوقف تقرير "العفو الدولية" عند هذا الحد فقد اتهم دول أوروبا الغربية- ومن بينها بريطانيا- بارتكاب انتهاكات سرية لحقوق الإنسان، على الرغم من أن هذه الدول كانت في السابق من الدول التي يُعْتَمَدُ عليها في مجال حماية حقوق الإنسان، لكنَّ التقرير الدولي قال إن منظمات المجتمع المدني تبذل مجهودًا كبيرًا من أجل وقف الانتهاكات الحقوقية المختلفة، مشيرًا إلى الدور الذي يلعبه المدوِّنون في ذلك السياق. واختتمت ال(واشنطن بوست) الموضوع بعبارة من تقرير منظمة العفو الدولية وهي: "إن قوة الشعوب ستغيِّر وجه مسألة حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين"، في إشارةٍ تعبر عن التفاؤل بإمكانية قدرة المجتمع المدني على إجبار النظُم الحاكمة على احترام حقوق الإنسان.