التطبيع والتوطين بأموال سعودية لعله أضحى من نافلة القول أن الاتصالات السعودية/ الإسرائيلية مستمرة قبل القمة العربية(29/3/2007) وبعد القمة، وأن الأمير بندر بن سلطان كان ولا يزال هو القناة الرئيسية لهذه الاتصالات، والجديد هو أن القمة قد اتخذت قرارات سرية، وفقاً لما تسرب من مصادر عربية وإسرائيلية ونشرتها صحافة العدو، أن ثمة خطط لتوطين الفلسطينيين في البلاد العربية مع إلغاء حق العودة، وأن التوطين سيكون بأموال سعودية (أساساً) وأن واشنطن هي التي ضغطت على آل سعود باعتبارهم أقرب الحلفاء إليها لكي تتخذ هذا القرار، قرار التوطين وعدم العودة، وأن ما قاله ملك الأردن حول هذه القضية كان بالون اختبار متفق عليه بينه وبين السعودية وتل أبيب وواشنطن، وأن الحكام العرب الآخرون لم يكونوا سوى (خيالات ظل) بلا دور أو فاعلية وبلا علم بما اتخذ أمريكياً/ وسعودياً بشأن إسقاط حق العودة، ومن القرارات الخطيرة أيضاً التي بدأ تنفيذها بعد القمة، قرار التطبيع الاقتصادي والسياسي وأن ثمة شركات ورجال أعمال إسرائيليين يجوبون الآن مملكة آل سعود وبجوازات سفر أمريكية كنوع من التحايل على الواقع الشعبي الذي يرفضهم رغم قبول الملوك والأمراء لهم. إن كل هذا الانهيار والاختراق الإسرائيلي لقرارات وسياسات عربية كانت مقدسة (حق العودة عدم التطبيع)، يأتي باسم (المبادرة العربية)، وهي في الواقع ليست سوى مبادرة للكاتب الأمريكي اليهودي (توماس فريدمان)، والذي كتبها وأعدها وروجها عندما التقى الأمير وقتها عبد الله ولي العهد السعودي عام 2002، ناصحاً إياه بترويج هذه المبادرة وإسقاط حق العودة بالتدريج مع التطبيع الجماعي مع إسرائيل، كل ذلك حتى ترضى واشنطن عنه وتقبله ملكاً. إن المبادرة العربية بهذا المعنى وبتلك الممارسات التي نشاهدها اليوم، ليست سوى جريمة جديدة ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، جريمة يتسول فيها الحكام العرب وبدعم وضغط سعودي، التسوية والسلام مع عدو لا يفهم سوى لغة القوة والمقاومة. إن بشائر بيع القضية بالنفط السعودي باتت واضحة، والغريب أن البعض من أصحاب الأقلام والحناجر المؤجرة صوروا قرارات القمة العربية باعتبارها فتحاً وحدوياً حديداً، اليوم نشاهد النتائج المرة لهذا الفتح الوحدوي الذي لم يكن سوى مخطط سعودي أمريكي إسرائيلي للتطبيع والتوطين وتضييع الحق العربي في فلسطين باسم الواقعية، والسلام، وشكلت لجان عربية لتسول هذا التطبيع، ورغم كل ذلك لم تقبل إسرائيل به حتى الآن. بماذا نسمي كل هذه الفضيحة؟ وكيف يتم ذلك باسم بلد يدعي الدفاع عن الحرمين الشريفين ومكة المكرمة؟ وهل سنعيش حتى نشاهد العلم الإسرائيلي بنجمته السداسية وقد راح يرفرف فوق الكعبة المشرفة.. وكله باسم العقلانية والسلام والمبادرة العربية.. هل من حاكم رشيد يجيبنا؟ وهل من صاحب قلم حر يشاركنا في كشف أبعاد الجريمة التي تتم في حق فلسطين والعروبة والإسلام!!