يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) اجتماعا اليوم تلبية لطلب تركيا بحث إسقاط الجيش السوري طائرة عسكرية تركية، فيما اعتبرت أنقرة -في رسالة بعثت بها إلى مجلس الأمن- أن الهجوم السوري على طائرتها عمل عدائي ويهدد الأمن في المنطقة، وفي السياق ذاته أعلنت الولاياتالمتحدة أنها ستعمل مع تركيا على محاسبة سوريا على إسقاطها الطائرة التركية. وتقدمت تركيا بطلبها للناتو بموجب المادة الربعة في المعاهدة المؤسسة للحلف التي تخول أي دولة عضو طلب مشاورات عاجلة، إذا "تعرضت وحدة أراضيها أو استقلالها السياسي أو أمنها للتهديد". كما تنص المادة الخامسة من معاهدة الحلف على أن كل دولة عضو فيه يجب أن تعتبر تعرض أي بلد منه لهجوم كعمل موجه ضد الأعضاء كافة, وتتخذ التدابير اللازمة لمساعدة الدولة التي تعرضت لهذا الهجوم. ورفعت تركيا رسالة لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة اعتبرت فيها أن "الهجوم (السوري على طائرتها) في الأجواء الدولية الذي قد يكون أدى إلى مقتل طيارين تركيين، يشكل عملا عدائيا من جانب السلطات السورية ضد الأمن الوطني لتركيا". وأضافت أن "تركيا تحتفظ بإمكان الدفاع عن حقوقها استنادا إلى القوانين الدولية"، معتبرة أن الحادث "يشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن في المنطقة". وأكدت الرسالة أن تسجيلات الرادارات والتسجيلات الصوتية التركية "تؤكد أن طائرتنا أسقطت في المجال الجوي الدولي" وأوضحت أن الطائرة لم تقم بأي مناورة عدائية وأن "إطلاق النار لم يسبقه أي تحذير". كما أعلن بولنت أرينج -نائب رئيس الوزراء التركي، في مؤتمر صحفي- أن طائرة ثانية تعرضت لإطلاق نار من قبل الجيش السوري، وكانت الطائرة في مهمة بحث عن الطيارين الاثنين اللذين أسقطت طائرتهما. وأضاف أن الطائرة عادت إلى المجال الجوي التركي على الفور بعد إطلاق النار عليها، وأن عملية البحث والإنقاذ استؤنفت في أعقاب اتصالات "عن طريق قنوات عسكرية ودبلوماسية" موضحا أن أحدا لم يصب بسوء ممن كان على متن الطائرة. وأكد أرينج أن تركيا ستحمي نفسها في إطار القانون الدولي مما سماه "العمل العدائي" من قبل سوريا، مؤكدا أن "على الجميع أن يعرفوا أن هذا النوع من العمل لن يظل دون عقاب". وفي سياق التعاطي الدولي مع الموضوع قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن بلاده ستعمل مع تركيا وشركائها الآخرين على "محاسبة نظام الأسد". وأضاف -من على متن طائرة الرئيس باراك أوباما في طريقه إلى نيوهامبشير- أن الولاياتالمتحدة تتضامن مع تركيا وهي تحقق في حادث إسقاط الطائرة الذي وقع يوم الجمعة وتحدد ردها. كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على لسان المتحدث باسمها النقيب جون كيربي أنها تعتقد أن إسقاط الطائرة كان عملا متعمدا وأكدت على ضرورة أن "يحاسب النظام السوري" معتبرة أن هذا العمل "يبين من جديد عدم شرعية نظام الأسد وما يفعله". وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد وصفت الحادث بأنه عمل "وقح وغير مقبول" في حين تحدث نظيرها البريطاني وليام هيغ عن فعل "شائن"، وأبدى استعداد بلاده لدعم عمل قوي ضد سوريا في الأممالمتحدة. ووصفت إيطاليا ما حدث بإنه "غير مقبول" كما دعا وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع لهم إلى رد هادئ من جانب تركيا وقالوا إن دولهم ستزيد الضغط على الأسد لكن لم يظهر أي إقبال كبير على توجيه أي رد عسكري ضد سوريا. في المقابل حذرت سوريا من أي عمل قد يستهدف سوريا يخرج به اجتماع الناتو، وقال الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي "إذا كان اجتماعهم لأهداف عدائية فإن الأراضي والمياه السورية مقدسة". وأكدت دمشق مجددا أن إسقاطها طائرة الاستطلاع التركية "عمل سيادي"، وحذرت من أي هجوم يستهدفها. وتحدث مقدسي عن "انتهاك صريح" للسيادة السورية قامت به الطائرة التي كانت تحلق -كما قال- على علو مائة متر فقط، وعلى بعد كيلومتر إلى كيلومترين عن الساحل السوري. وأضاف أن سوريا عثرت على بعض حطام الطائرة وأعادته إلى تركيا، منتقدا الرواية التركية لما حدث لأنها "تخالف الوقائع". واتهم مقدسي أنقرة بتعقيد الأمور. يشار إلى أن تركيا من أشد منتقدي النظام السوري بعد أن كانت من أشد حلفائه، وهي تحتضن عشرات آلاف اللاجئين السوريين، إضافة إلى معسكرات الجيش السوري الحر، لكنها تنفي تسليح المعارضة السورية. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة