أوضاع سيئة وسوء معاملة وانتهاكات وعدم تطبيق اللوائح وعدم مراعاة حقوق الإنسان , كل ذلك تتميز به السجون المصرية منذ سنوات عديدة , فالسجناء داخل السجون المصرية يعانون من عدم الاعتراف بآدميتهم ولا بحقوقهم , نظرا لسيطرة إدارات فاسدة تتبع أنظمة لا تقل عنها فساد على إدارة السجون , وهذا ما أكدته جهات عديدة مختصة بذات الشأن كمركز "ماعت" للدراسات الحقوقية والدستورية والذى أعد تقريرا يفيد بعجز كثير من الدول ومن بينها مصر عن تنفيذ قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء والتي أقرتها الأممالمتحدة في عام 1955، وبقاء سجونها بيئة غير صالحة لعملية إصلاح المحكوم عليه، الأمر الذى استدعى طلبات لا حصر لها من قبل حقوقيين ونشطاء سياسيين بوضع قوانين و آليات من شأنها حماية السجناء وضمان عدم سلب حقوقهم وإنسانيتهم , حيث أن الأوضاع داخل السجون قد تؤثر سلبا على الدور المنوط بالسجون والهدف العام لها والمتمثل فى تهذيب وإصلاح المجرمين وتفريغ الطاقة الإجرامية الكامنة بداخلهم. وقد قدمت لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب اقتراحا بنقل اختصاصات السجون وادارتها إلى وزارة العدل كخطوة فاعلة من أجل تحسين الأوضاع المتدهورة داخل السجون , تلك الخطوة التى لقت ترحيب من قبل عدد كبير من الحقوقيين والسياسيين والمشرعين بالرغم من اعتراض وزارة الداخلية على هذا المقترح بزعم صعوبة تنفيذه من الناحية العملية . ويأتى ذلك بعد ضغوطات كثيرة من جانب العديد من نواب الشعب من أجل إقرار قانون يتضمن إصلاح شامل لمنظومة السجون فى جميع أنحاء الجمهورية ,واستنكر النائب حسين إبراهيم عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب الإزدواجية التى تشهدها سجون مصر , فبينما هناك سجونا في مصر فى حالة سيئة و لا يوجد بها الخدمات الرئيسية التي يحتاجها المواطنون ، يوجد سجون خمس نجوم تتمتع بخدمات وإمكانات عالية ,بما يثير الكثير من الشكوك والتساؤلات . من جانبه يقول النائب محمد عامر عضو لجنة حقوق الإنسان بالمجلس أن اللجنة ناقشت جميع السلبيات التي تعتدي على حقوق الإنسان في جميع هيئات ومنظمات مصر وليس السجون بمفردها ، واعترف بوجود عدد من المشكلات الخدمية داخل السجون المصرية كالتكدس والازدحام الشديدين . وطالب النائب بتعديل تشريعي جديد يقضى بعدم إخطار إدارة السجون مسبقا قبل أي زيارة من قبل منظمات حقوق الإنسان حتى لا تغيب الحقيقة لأن هذه السجون بمجرد معرفتها بقدوم منظمات حقوق الإنسان تستعد الاستعداد الأمثل لهذه الزيارة ثم تعود المشاكل والأخطاء كما كانت بمجرد مغادرة اللجان السجون . وأبدى المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق رفضه لنقل تبعية السجون للعدل قائلا : " السجون هى أماكن تخضع للقوانين واللوائح الخاصة بها , وهى لوائح تهدف إلى رعاية المسجونين وتثقيفهم وتهذيبهم واعدادهم لتعلم حرف وأنشطة كى لا يسلكون طرق الإجرام بعد تأديتهم لمدد السجون الخاصة بهم , وهذه العملية تحتاج إلى خبرات عديدة من كافة النواحى الثقافية والإجتماعية والتعليمية والأمنية , وأظن أن الأقرب إلى امتلاك هذه الخبرات هى وزارة الداخلية , على أن يتم الاشراف على ما يجرى فى السجون من الناحية الفعلية بواسطة وكلاء نيابة للتحقق من احترام حقوق الإنسان وتطبيق القوانين واللوائح التى تحقق المساواة والعدالة بين السجناء وهذا هو المتبع فى معظم دول العالم " , وأضاف " وزارة العدل شغلتها العدالة وليس لها غلاقة برعاية وحماية وتدريب السجناء , حيث أن ذلك يمثل ثقلا لا تستطيع وزارة العدل تحمله . وما بين تأييد القانون أو رفضه , يبقى قانون نقل اختصاصات السجون إلى وزارة العدل الذى دعى إليه الكثير من الحقوقيين والنشطاء السياسيين كثيرا لإصلاح أوضاع السجون مجرد فكرة تنتظر تطبيقها و البت فيها .