انعكاسا لثقافة الإضرابات والاعتصامات التي سادت قطاعات مهنية وعمالية في الشارع المصري استمر تصاعد حدة الاحتجاجات والاعتصامات العمالية أمس في القاهرة والمحافظات داخل العديد من الشركات والمصانع حتى امتدت إلي الموظفين المؤقتين في مديريات الشباب والرياضة. ففي شركة مصر للألبان والأغذية بالمنصورة اعتصم نحو سبعة وثلاثين عاملا احتجاجاً علي إلحاقهم بشركات «مضارب الدقهلية» و«مصر للزيوت والصابون والسلع الغذائية» مما أدي إلي حرمانهم من جميع المستحقات والحوافز الشهرية والإبقاء علي الراتب الأساسي فقط. محاكمة برلمانية ساخنة للخصخصة ومجموعة عز ترفع مجددا سعر طن الحديد وانتقد العمال قيام الشركة القابضة للصناعات الغذائية بتصفية عمال الشركة وطالبوا بضرورة تدخل الدكتور أحمد الركيبي رئيس الشركة القابضة لإلغاء قرار الإلحاق واستبداله بقرار نقل لأخذ جميع مستحقاتهم المالية من مكافآت وحوافز. وكشف العمال عن الضغوط المتزايدة التي يتعرضون لها من قبل رئيس مجلس الإدارة لإجبارهم علي الخروج «معاش مبكر» بالمخالفة لتعليمات الرئيس مبارك، بأنه لن يضار عامل مادياً أو معنوياً في حالة تصفية شركة أو مصنع. وأوضح محيي البلتاجي مدير إدارة القوي والتشغيل أن عدد العاملين في الشركة عام 90 كان 800 عامل، وصل إلي 150 عاملاً مع بداية العام الجاري، انخفض إلي 37 عاملاً مؤخراً، نتيجة سوء الإدارة التي حرصت علي الضغط علي العمال لإجبارهم علي المعاش المبكر وتفريغ الشركة من الكوادر، رغم الأرباح التي كان يتم تحقيقها. إلي ذلك واصل عمال «المنصورةإسبانيا» اعتصامهم وإضرابهم عن العمل والطعام أمس لليوم الثاني علي التوالي احتجاجاً علي تصفية الشركة وبيعها دون صرف كامل مستحقاتهم وتساقط منهم 3 عاملات بعد شعورهن بالإعياء نتيجة إضرابهن عن الطعام. كذلك فقد هدد حوالي 260 موظفاً من المتعاقدين بمديرية الشباب والرياضة في الدقهلية بالاعتصام أمام مبني رئاسة مجلس الوزراء احتجاجاً علي عدم صدور قرارات تثبيتهم في الوظيفة على الرغم من عملهم بنظام العقود منذ 14 سنة. ووصف الموظفون قرارات وزارتي الشباب والتنمية الإدارية بالتعسف وإهدار حقوقهم وتجاهلهم الاستقرار الوظيفي لعاملين يحتاج إليهم العمل فعلاً. ويقول عادل مروان أحمد والسعيد ثابت السعيد إنهما يعملان بعقود مؤقتة تجدد كل ثلاثة شهور وذلك منذ 10 سنوات، وكان هذا العقد يجدد دون مشاكل، إلا أننا فوجئنا مع بداية أبريل الجاري بعدم التجديد.. وتردد أن النية تتجه للاستغناء عن المتعاقدين دون مبررات منطقية، وهو الأمر الذي سيشردنا ويضع أسرنا في مهب الريح، لأننا لا نملك مصدر رزق آخر. وعلى نفس السياق فقد تواصلت أيضا التظاهرات الشعبية الرافضة للتعديلات الدستورية التي أقرها النظام في أعقاب استفتاء أكدت كل التقارير أنه مزور . فقد قام عشرات الناشطين الإسلاميين واليساريين بابتكار أسلوب جديد للاحتجاج علي التعديلات الدستورية وذلك من خلال إذاعة تسجيل صوتي للشيخ الشعراوي يفسر فيه الآيات القرآنية التي تجسد المواجهة بين النبي إبراهيم عليه السلام والنمروذ ملك بابل. ولجأ المتظاهرون في احتجاجهم الذي نظمته لجنة الحريات في نقابة الصحفيين واللجنة القومية للدفاع عن سجناء الرأي، إلي محاولة إسقاط المشهد الذي جمع بين النبي إبراهيم والنمروذ، علي المعارضة المصرية الرافضة الجبروت والذل والاستبداد، في مواجهة النظام. ودعا المتظاهرون فور انتهاء كلمة الشيخ الشعراوي عبر مكبر الصوت، إلي الحرية، وعلت أصواتهم بهتاف «الحرية والرغيف.. مطلب أي وطني شريف».. وأضافوا: «اللي يزود في الأسعار يبقي عميل للاستعمار»، ونددوا بالتعسف الأمني وربطوا بينه وبين تربص القوي الاستعمارية الخارجية، قائلين: «المباحث علي بابي والصهيوني فوق ترابي» و«لن يحكمنا البنك الدولي، لن يحكمنا الاستعمار، جوع ومذلة وغلا أسعار». وتصاعدت سخونة الهتافات، بالمطالبة بسقوط الولاياتالمتحدة وجهاز مخابراتها «سي.آي.إيه»، وخضوع النظام لهما، حيث ردد المتظاهرون: «صوت الشعب عمره ما مات.. م التزوير في الانتخابات.. يا حكومة الشعب فاق.. م التزوير في الاستفتاء». ودعا المتظاهرون القوي الوطنية والمناضلة للتصدي للإرهاب الجديد الذي تمارسه أجهزة الدولة، لقمع الحريات العامة من خلال الدستور. وفي هذه الأثناء أكد سياسيون ونشطاء حقوقيون أن التغييرات التي حدثت في البنية التشريعية خلال الشهور الأخيرة تهدف إلي تنظيم ترتيبات انتقال السلطة. وقالوا إن مشروع مد سن عمل القضاة إلي 70 عاماً والذي وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب أمس الأول وقدمه نحو 10 من نواب الحزب الوطني يهدف إلي الإبقاء علي عدد من كبار القضاة الذين تحتاجهم الحكومة خلال المرحلة المقبلة. وانتقدوا مشروع قانون الأحكام العسكرية الذي وافق عليه مجلس الشعب بصفة نهائية في جلسته أمس الأول. وقال نجاد البرعي رئيس جماعة تنمية الديمقراطية إن الحكومة تعمل علي إعادة ترتيب البنية القانونية وتجهزها بشكل سريع ومتعجل لعملية نقل السلطة وهو ما كشفت عنه التعديلات الأخيرة في الدستور وبعض القوانين المنظمة للحياة السياسية. وأضاف أن النظام السياسي يحاول تشديد قبضته علي المجتمع وحريات المواطنين علي غرار التجربة التونسية. وأشار البرعي إلي أنه لا يمكن المقارنة بين التجربتين لأنه في الوقت الذي يقوم فيه النظام التونسي بإحكام السيطرة وتقييد حريات المواطنين فقد نجح في تحقيق نمو اقتصادي يتراوح بين 7 و 12% في حين أن النظام المصري سلب المواطنين حرياتهم وتسبب أيضا في تدهور الأوضاع الاقتصادية ولم يحقق أي نمو يذكر. واستبعد المستشار عادل قورة نائب رئيس محكمة النقض السابق الربط بين قانون الأحكام العسكرية ومد سن عمل القضاة، مشددا علي ضرورة أن يتضمن المشروع ضمانات للحفاظ علي حقوق المواطنين. وقال قورة إن مشروع مد سن عمل القضاة إلي 70 عاما بدلا من 67 عاماً يثير الجدل بين القضاة أنفسهم، مشيرا إلي أن هناك اتجاهات تعارضه. ولفت إلي أن عددا من قيادات نادي القضاة وأعضاء صغاراً في السن عارضوا مشروع القانون في حين رأي آخرون أنه ليس هناك ما يمنع مد سن عمل القضاة طالما أنهم قادرون علي العمل والعطاء. وشدد عبدالغفار شكر عضو المكتب السياسي بحزب التجمع علي أن الهدف من قانون مد سن عمل القضاة هو الإبقاء علي القضاة الحاليين، الذين علي وشك الخروج علي المعاش والذين يساندون النظام في إحكام قبضته علي المجتمع والسيطرة علي نادي القضاة وشق وحدة الصف به. واعتبر شكر أن الحكومة تسعي من خلال قانون الأحكام العسكرية إلي سد الثغرة التي أوجدتها في البنية التشريعية، والتي تسمح بإحالة مدنيين إلي محاكم عسكرية، وهو ما يخالف المواثيق الدولية في محاولة منها لتهدئة الرأي العام الدولي والمحلي وإضفاء شرعية شكلية علي التعديلات الدستورية الأخيرة. وأكد الدكتور مجدي عبدالحميد، رئيس الجمعية المصرية لدعوة المشاركة المجتمعية أن الدولة تعاني مشكلة في تعاملها مع القضاة، وتسعي من خلال وزير العدلي الحالي إلي تطويق حركة القضاة، التي استطاعت أن تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق الإنسان والحريات وترفع شعار العدالة في مواجهة الدولة. وقال عبدالحميد إن الغرض الأساسي من قانون مد السن للقضاة هو رشوة كبار السن منهم والحد من تولي الشباب مناصب قيادية عليا داخل المحاكم. وأضاف أن مشروع قانون مد السن للقضاة له علاقة بما ستشهده الساحة السياسية من انتخابات أو فعاليات أخري خلال الفترة المقبلة. من ناحية أخرى خضعت الحكومة المصرية إلي محاكمة برلمانية ساخنة في مجلس الشعب أمس قادها نواب من الإخوان والمعارضة والمستقلين بخمسة استجوابات عنيفة ضد الخصخصة. واتهم النواب الحكومة بالفساد وإهدار المال العام وبيع أصول الدولة للأجانب وطالبوا بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول ما صاحب برنامج الخصخصة من فساد. وانتقد النائب المستقل أنور عصمت السادات بيع الحكومة للشركات الرابحة، إلي جانب بعض المرافق الحيوية، مثل الموانئ وشركات الخدمات الملاحية. وقال: إن الحكومة باعت ميناء العين السخنة لمستثمر وحيد بنظام الأمر المباشر لمجرد أنه كان «زميل دراسة لجمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني». ووصف النائب الإخواني إبراهيم الجعفري برنامج الخصخصة بأنه برنامج تخريب ونهب وفساد، محذرا في استجوابه من سيطرة الأجانب علي الاقتصاد المصري وقطاعاته المهمة، مثل البنوك والسياحة والغزل والنسيج. وشن النائب المستقل مصطفي بكري في استجوابه هجوما حادا علي أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطني، بسبب ما وصفه باستيلائه علي شركة الإسكندرية للحديد والصلب «الدخيلة». هذا وقد فرضت مجموعة عز زيادة جديدة علي أسعار طن حديد التسليح أمس الأول وقررت المجموعة رفع سعر الطن من أطوال 10 و12 مللي من 3270 جنيها للطن شاملا ضريبة المبيعات إلي 3503 جنيهات، كما رفعت بالمعدل نفسه أسعار الأطوال 6 و8 و16 مللي. وقالت مصادر في المجموعة إن السعر ثبت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكن المجموعة رأت أنه لا يمكنها الاستمرار علي الأسعار نفسها تحت زعم ارتفاع أسعار الخامات والحديد العالمية. وأشارت المصادر إلي أن قرار الزيادة اتخذ منذ ثلاثة أيام وجرت عليه تعديلات، قبل أن يبدأ تطبيقه أمس الأول.