هنا نافذة على مأساة داخل الجيش الاميركي: حيث مقابل كل جندي يقتل في ساحة المعركة ، ينتحر نحو 25 من قدامى المحاربين يموت جندي اميركي كل يوم ونصف، في المتوسط، في العراق أو أفغانستان. اما المحاربين القدامى يقتلون أنفسهم بمعدل واحد كل 80 دقيقة. تم تسجيل أكثر من 6500 حالة انتحار في كل عام - أكثر من إجمالي عدد الجنود الذين قتلوا في افغانستان والعراق مجتمعين منذ بدأت تلك الحروب. في ميادين القتال الغير مرئية توجد مدينة مدلتاون ،او هايو حيث شيريل دي بو التي ربت ابناها ما يكل ورايان يوركيسون ، وقد اعدتهم للرحيل الى العراق ..بعد وقت قصير من هجمات 11/9. "لا يمكنني مجرد الجلوس بل يجب القيام بأي شيء"، قال لأمه. بعد ذلك بعامين، لحق اخيه الأكبر رايان للجيش. عندما انتهى مايكل من الخدمة قابلته دي بو "عند نزوله من الطائرة حيث كان هزيلا وكأنه قذيفة فارغة،" قالت لي. " كان جسده يهتز." بدأ مايكل شرب الكحول وتعاطي المخدرات، تقول والدته، و القى في نفسها الرعب حينما اشترى بندقية من نفس النوع الذي كان يستعمله في العراق. "وقال انه كان ينام مع بندقيته هناك، وانه بحاجة الى هذا هنا"، تتذكر. ثم عاد ريان الى المنزل في عام 2007، وبدأت تظهر اشارات تعبر انه يعاني من ضغط شديد. قال انه لا يستطيع النوم، بدأ يتعاطى الكحول والمخدرات ليعانى بعدها من نوبات حادة . انتابته حالات من الهوس الشديد و لم يكن يستطيع الجلوس إلى جانبك ويسمع بأنك تتنفس،" دي بو تتذكر. كان مخرج سينمائي موهوب، وحول رايان العدسة على نفسه لتسجيل فيديو لعملية تنفسه اثناء نومه وتصرفاته غير العقلانية - حتى محاولته الانتحار. قد تكون أحد أسباب انتحار قدامى المحاربين(والجرائم، التي تشد الانتباه ) انها دائما تأتي في مرحلة ما بعد الصدمة، إلى جانب إصابات الدماغ. عانى رايان ارتجاج في انفجار في العراق، وعانى مايكل من اصابة بالدماغ قد شخصت منذ شهرين مضيا. التقديرات لاضطراب ما بعد الصدمة وإصابات الدماغ تختلف بشكل واسع، ولكن رقم تقريبي هو أن تلك المشاكل يعاني منها واحد على الأقل من كل خمسة من المحاربين القدامى في أفغانستان والعراق. أكثر من ربع الجنود يعانون من مشاكل عقلية . الأرقام الأولية تشير إلى أن رقم المحاربين القدامى يتضاعف الى اربعة مرات نحو الانتحار للشباب من 17 إلى 24، وفقا لدراسة في المجلة الأمريكية للصحة العامة. مايكل وريان، مثل قدامى المحاربين الاخرين طلبوا المساعدة من وزارة شؤون المحاربين القدامى. ورفض اريك شينسكي، وزير شؤون المحاربين القدامى، التحدث معي، ولكن الرأي الأكثر شيوعا بين أولئك الذين قابلتهم في شئون المحاربين ان الامور تحسنت ولكنها لم تفعل ما فيه الكفاية فيما يخص مشكلة الانتحار. واضاف "انه وباء لم يتم معالجته بشكل كامل"، قال بوب فيلنر عضو الكونغرس الديمقراطي من سان دييغو، والديمقراطي البارز في لجنة مجلس النواب لشؤون المحاربين القدامى. وتابع "يمكننا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير". حسب معلوماته ان شئون المحاربين ..أنشأت خطا ساخنا للانتحار وتعيين منسقين للوقاية من الانتحار. غير انها بعيدة عن ثقافة المحارب والتي تعتبر فيها مشاكل الصحة العقلية مهملة . لا يزال قدامى المحاربين ينزلقون بشكل روتيني من خلال الشقوق. في العام الماضي، أصدرت محكمة استئناف الولاياتالمتحدة في سان فرانسيسكو قرارا بصدد وزارة شؤون المحاربين القدامى واتهمتها بعدم الكفاءة والاهمال في الفحص في التعامل مع صحة قدامى المحاربين العقلية. باتريك بيلون، رئيس المحاربين القدامى من أجل الحس العام ، الذي رفع الدعوى قال ان شئون المحاربين تحسنت فعلا ولكن لا تزال تكافح. قائلا " سيكون هناك مليون من المحاربين القدامى الجدد خلال السنوات الخمس المقبلة"، وقال"انهم بالفعل يعبرون عن مشكلة يواجهها الشعب الامريكي الآن، لذلك أنا لا أعرف ماذا سيفعلون." في الشهر الماضي، ذكر المفتش العام لوزارة شؤون المحاربين القدامى ان محارب قديم يناهز 26عاما عثر عليه يتجول عاريا خلال حركة المرور في ولاية كاليفورنيا. وحاول رجال الشرطة العناية به ولكن مستشفى المحاربين القدامى قال أنه لا يمكن القبول به حتى الصباح. ولم تنجح المحاولات الفاشلة الحاقه بالمستشفى وحصوله على علاج .. وفي النهاية القى نفسه امام قطار. ومات منتحرا . وبالمثل، لم يتلق مايكل ولا رايان علاج من مستشفى قدامى المحاربين في أوائل عام 2010، بدأ ريان التحدث كثيرا عن الانتحار ، و نقلته دي بو الى غرفة الطوارئ وناشدت شئون المحاربين الحصول على مساعدة. وقيل لها أن عليه ان يبق في قائمة الانتظار لمدة ستة أشهر. (وزارة شؤون المحاربين القدامى تقول ان ليس هناك طلب لادخال رايان المستشفى للعلاج.) "ريان كان يتألم وقال انه ذاهب لانهاء كل شيء، وأشياء من هذا القبيل"، يتذكر صديقه، ستيف شيفر، الذي عمل معه في العراق ويقول انه ناضل بالمثل مع شئون المحاربين للحصول على خدمات الصحة النفسية. وأن الحصول على موعد هو مثل خلع الأسنان،" قال. "يمكنك الحصول على موعد بعد ستة اسابيع اذا كنت في حاجة له اليوم." في حين أن رايان كان ينتظر موطيء قدم في برنامج إدمان، وفي مايو 2010، مات من جرعة زائدة من المخدرات. وقد ادرج على أنه قتل غير متعمد، ولكن نحن مقتنعون و العائلة والأصدقاء انه كان انتحار. مع الحسرة واليأس على شقيقه تحسن مايكل قليلا "انه قادر على الخروج من السرير معظم الصباح"، قالت دي بو . "وهذا تحسن كبير ويرفض مايكل اجراء مقابلات معه قائلا : إنه يريد أن ينظر إلى الأمام وليس الى الوراء. أما بالنسبة للسيده دي بو ، كل يوم هي في صراع. وقالت انها ارسلت اثنين من الشباب الاقوياء الأصحاء لخدمة بلدها، والان ابناها احدهما انتحر والثاني يعاني .. هي تتحدث الى نفسها .. وقالت "عندما انضم رايان الى الجيش، كان على استعداد للتضحية بحياته في سبيل بلاده"، قالت. "وهذا ما فعله، فقط بطريقة مختلفة، من دون مجد. وقال انه كان يريد النهاية بهذه الطريقة. " "بيتي كان كابوسا"، وأضافت دي بو من خلال الدموع، وصفت فيه كيف ثلاثة من أصدقاء ريان في الجيش قد قتلوا أنفسهم منذ عودتهم. "و هذا يحدث في كل مكان." نحن نجدد الدبابات بعد القتال، ولكن لا نساعد الرجال والنساء في طرد كوابيس الحرب. الرؤساء يلتزمون بارسال القوات الى ساحات القتال البعيدة، ولكن لا ينفقون ما يكفي من الدولارات على خدمات المحاربين القدامى بعد ذلك. نحن نجند جنود لحمايتنا، ولكن عندما يعودون الى الوطن نحن لا تحميهم. "الامور في حاجة الى تغيير"، تقول دي بو بصوتها الكسير : "هؤلاء الرجال الذين رحلوا من بين كثير. إذا كان هناك شخص يستحق المساعدة، فمن غيرهم "....