قبل عامين، ثارت ثائرة الإسرائيليين، مواطنين ومؤسسات ووزارات، على خطأ تقني لم يُظهر كلمة «إسرائيل» على الخارطة الملاحية في بعض طائرات شركة الطيران البريطاني بي ام اي BMI العاملة على خط لندن - تل أبيب، بينما ظهرت كلمة حيفا باللغة العربية، واتهم المسؤولون شركة الطيران بالتعمد في إخفاء دولة «إسرائيل»، وهو الخطأ الذي سارعت الشركة بالاعتذار عنه مبررة الأمر على أنّه مجرد خطأ غير مقصود سببه عدم قيام الشركة باستبدال الخرائط بعد شراء الطائرات من شركة كانت تعمل في الشرق الأوسط، وأضاف المسؤولون أنّ الشركة ليس لديها أيّ أجندات سياسية ولا تنوي إغضاب «إسرائيل» وإلاّ لما كانت استثمرت المبالغ الطائلة في تشغيل خط تل أبيب، وقال مدير وزارة النقل الإسرائيلية أنّه من غير المقبول إطلاقا أنّهم شطبوا «إسرائيل» من الخارطة، مما اضطر شركة الطيران وسط عاصفة الاحتجاجات والإدانات الإسرائيلية والتهديد بالمقاطعة والاتهام بمعاداة السامية، إلى سحب الطائرتين من خط تل أبيب واستبدالهما بطائرتين جديدتين تُظهر «إسرائيل» على الخارطة دون الإشارة إلى فلسطين أو أيّ من الأسماء العربية للمدن. وفي تصعيد وتأكيد آخر لهذه النظرة الإسرائيلية الاستثنائية للوجود والحق العربي الفلسطيني انتشرت في قطارات الأنفاق في العاصمة لندن إعلانات لوزارة السياحة الإسرائيلية ملصقات تروج للسياحة في «إسرائيل»، وتُظهر خريطة «إسرائيل» تضم الضفة الغربية وشرق القدس وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، دون أيّ اعتراض عربي أو فلسطيني وبتسهيل من الشركات الإعلانية البريطانية. يحرص الإسرائيليون على بيان موقفهم فيما يظنونه أبسط التجاوزات لكيانهم وسيادتهم وهويتهم، ومطالبة المخالفين بالاعتذار وتصحيح موقفهم، ويتجاوزون كل الاعتبارات السياسية والقانونية والإنسانية في إثبات وتحصيل ما يرونه حقا لهم، بينما نفرّط نحن طواعية بحقوقنا وذاكرتنا وأسمائنا. لم يمنع «إسرائيل» شروعها المزمع في عملية السلام وتوقيعها للمعاهدات من التمسك بما تراه كيانها السياسي غير القابل للتجزئة أو التنازل عنه، بينما نسارع عن التخلي عن فلسطين حتى ولو برمزية الخرائط وأسماء المدن والقرى، وتقسيمها إلى كانتونات رقمية تذكرنا بكوارثنا وهزائمنا: فلسطين 67، فلسطين 48، الضفة، القطاع، ونخاف أن تظل تصغر وتتلاشى لتصبح فلسطين ليست أكثر من المقاطعة في رام الله. مفزع فوق حد الاستنكار ما حصل لخارطة فلسطين في دولة قطر في افتتاح دورة الألعاب العربية، حيث قُدّمت منقوصة بالضفة وغزة، مفزع أن يقوم العرب باغتصاب فلسطين وتقطيع أوصالها، مفزع أن يصدر الجرم من قطر وهي التي تقوم بدور عربي ريادي في كل قضايا العرب على المستويين الرسمي والشعبي، إن حصل بقصد فتلك مصيبة، وإن حصل بجهل وتقصير فالمصيبة أعظم. غريب لماذا لا تحصل الأخطاء إلاّ مع فلسطين ولا تنسى إلاّ مأساتها، كلما شغلنا شاغل ولو كان بحجم الرياضة أفيون الشعوب وملهاتهم الدائمة! لقد مرت ستين سنة وفوقها ثلاثة وغيّر الكل حتى رؤوس العرب خريطة فلسطين في عقولهم وممارساتهم ومعاهداتهم ومناهجهم، إلاّ أنّ الشعوب ما زالت تراها بالرغم من أنف غوغل الأرضي من بحرها إلى نهرها فلسطين التاريخية التي وضعها المجاهدون على قمة أولويات العالم وخرائطهم. يا قطر ربما أُكلت يوم أَكلت خريطة فلسطين. وصدق من قال بعض الأخطاء تقع في مقتل لا ينفع معها اعتذار. ------------------------------------------------------------------------ التعليقات حماده السعيد الأربعاء, 14 ديسمبر 2011 - 07:35 pm لقد اسمعت إن ناديت حيا لقد اسمعت إن ناديت حيا .. ولكن لا حياة لمن تنادي .. قطر لا تريد اغضاب امريكا وباقي حلفائها من الغرب .. باعت فلسطين من أجل أولمبياد وألعاب كرة وغيرها .. هبه مصطفى الجمعة, 16 ديسمبر 2011 - 03:47 am عنوان معبر لمقال رائع فلسطين كامله ان شاء الله قبل من قبل و رفض من رفض فلسطين كامله في قلب كل عربي لكن كما اشرت الي الإعلانات السياحيه لزيارةاسرائيل فهي في العالم كله ولايوجد اي جهد موازي او حتى ضعيف من قبل فلسطين او اي من الدول العربيه لتعريف الناس بفلسطين و خريطتها الصحيحة أخشى ما أخشاه ان فلسطين من عقول و قلوب الأجيال الجديده