تتشابه كلا من تركيا وتونس في الكثير من المحفزات التي أدت إلى نجاح كلا من حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان و حركة النهضة الإسلامية برئاسة الغنوشي فكلا البلدين إسلامي في الأساس وبرغم محاولات بورقيبه وبن على لتحويل تونس إلى بلد علمانية وكذلك ما قام به كمال أتاتورك عقب سقوط الدولة العثمانية إلا أن الجماهير في اتجهت نحو البديل الإسلامي بعدما جربت كل ما جادت به قريحة العلمانيين واليساريين ولم يستطع تحقيق ما تطمح إليه.
تتشابه أيضاً في اعتماد كلا منها بشكل أساسي على السياحة وما يصاحب ذلك من أمور تخل بهوية دولة 99% من سكانها مسلمين مما جعل الحزبين يضعون الصناعة الحقيقية نصب أعينهم لان أرباح السياحة مهما كانت فهي بالأساس فيد الغرب الذي يسيرها كيفما يشاء
يتشابه الواقع السياسي والاقتصادي في كلتا البلدين قبل اعتلاء حزب العدالة وحركة النهضة منصة الحكم حيث أن انتخاب حزب العدالة والتنمية جاء بعد أن كانت تركيا على شفا الإفلاس نتيجة الفساد السياسي والمالي وهى نفس الأوضاع التي أدت إلى تفجير الثورة التونسية.
يتشابه كلا الحزبين في فهم طبيعة المجتمع الموجود فيه ومدى تأثٌره بالعلمانية التي حاول كلا من كمال أتاتورك و بورقيبه طمس هوية البلدين بها وفرضها علي المجتمع مما جعلهم يختارون التدرج في تقديم الحلول ذات الصبغة الإسلامية وان لم يعلنها اردوغان صراحة فاهتموا أولاً بالناحية الاقتصادية والتي هي بؤرة اهتمام رجل الشارع العادي حتى يكتسبون الثقة ومن بعدها خلقوا حوار مجتمعي وحالة من التدافع من اجل تطبيق ما يقره الشرع وان كان الحال في تركيا أكثر صعوبة أمام حزب العدالة والتنمية بسبب محاولات النخبة العلمانية والجيش تقويض ذلك حتى لا يفقدون مزاياهم وقد ظهر ذلك في توجه إنذار بالحل للحزب إذا ما قدم مشروع قانون إباحة ارتداء الحجاب في الأماكن العامة عام 2008 إلا أن في تونس الموضوع أسهل إلى حد ما لان حتى النخبة العلمانية تعترف بأنهم في بلد إسلامي دينها الإسلام ولغتها العربية كما يقول النص الأول من الدستور.
وهناك من يتهم حركة النهضة بأنه ليسوا إسلاميين "بما يكفى" وإنهم علمانيون ويحاولون استغلال الدين ... دعونا نفترض ذلك .. ولكن هل بإمكانكم الاجابه على السؤال التالي: لماذا أذن تم انتخابهم بأغلبية كبيره برغم أن لدى منافسيهم المال و المساندة والأفكار الأكثر تحرريه ؟!!! الإجابة ببساطه هي أن الناس قد جربت كلا من النظام الرأسمالي والاشتراكي و لم يحقق لها شيْ سواء على المستوى المادي أو الروحي ولذلك اتجهت بالفطرة إلى البديل الإسلامي كما أن الأنظمة عندما هاجمتهم وحاربتهم قدمت لهم بذلك أضخم دعايا مجانية وعندما تعامل الناس معهم وجدوا لديهم الصدق و المرونة والشفافية و طهارة اليد و التجرد من اجل الوطن.
وحسب جريدة "لوفيجاروا" الفرنسية التي تقول فيها " لماذا كل هذه الدهشة من فوز حركة النهضة في تونس أن العالم العربي مؤهل لصعود التيار الإسلامي منذ عام 2005 حيث جرت انتخابات ديمقراطية نزيهة وجاءت بحركة حماس إلي السلطة ولذلك فان أي انتخابات نزيهة ستجرى ستأتي بالإسلاميين".
فهل يعقل أن يعترف الغرب بهزيمته وننكرها نحن تحت دعاوى إنهم ليسوا إسلاميين ؟!!! * كاتبة المقال عضو باتحاد شباب حزب العمل