آخر تحديث في أسعار الذهب اليوم السبت بختام التعاملات    جالانت: إسرائيل مستمرة في تفكيك حماس وتقليص القدرات المهمة لحزب الله    «الخسارة الأولى».. آرسنال يسقط أمام بورنموث في الدوري الإنجليزي الممتاز (فيديو)    الأهلي يحرز لقب بطولة أفريقيا لكرة اليد للمرة السابعة في تاريخه    نوة رياح الصليب تبدأ غدًا.. تحذيرات من أمطار غزيرة واضطرابات تضرب الإسكندرية ومدنًا اُخرى    محمد مهران ينضم لأسرة مسلسل فهد البطل مع أحمد العوضي    إقبال جماهيري على الحفل الثاني ل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية (صور)    بالصور.. احتفالية لتكريم حفظة القرآن الكريم بالمنيا    حملة 100 يوم صحة.. تقديم أكثر من 124.7 مليون خدمة مجانية خلال 79 يوما    درجات الحرارة غدا الأحد 20-10-2024 فى مصر    الداخلية تنهي خدمة أمين شرطة لتجاوزه مع أحد السائحين بالأهرامات    آخر موعد لتقديم التظلمات على نتيجة مسابقة 30 ألف معلم 2024 .. الحق خلال ال48 ساعة المقبلة    إعلام إسرائيلي: بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء لبحث تطورات صفقة التبادل    رئيس مركز الفرافرة يتفقد أعمال إنشاء وتطوير الجزيرة الواسطى    بنزيما يقود هجوم الاتحاد لمواجهة القادسية بالدوري السعودي    أوكرانيا تنشر فيديو يزعم انضمام جنود كوريين شماليين إلى القوات الروسية في أوكرانيا    خبير: لقاء الرئيس السيسى مع أعضاء مجلسى الكونجرس يوحد المواقف الإقليمية    اقرأ غدًا في «البوابة».. الرئيس: يجب وضع حد للحرب الدائرة فى غزة ولبنان    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    أكسيوس: وزير الخارجية الأمريكي يزور إسرائيل «الثلاثاء»    المؤبد و المشدد 15 سنة لشخصين تاجرا في المواد المخدرة بالخانكة    "الستات مايعرفوش يكدبوا" يرصد مواصلة حياة كريمة تقديم خدماتها للعام الخامس    عباد الشمس تزين صحراء جنوب سيناء.. نجاح زراعة مستدامة في قرية الوادي    أستاذ حديث بجامعة الأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    تصريحات مثيرة من مدرب بيراميدز قبل مباراة الزمالك بالسوبر المصري    السيطرة على حريق مخزن خردة في أبو النمرس    الداخلية تكشف شبكة استخدام برامج عالمية مسروقة    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    "صناع الخير" تدعم صحة أطفال مدارس زفتى في حملة "إيد واحدة لمصر"    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    بيولي: حققنا الأهم أمام الشباب.. ولا نملك الوقت للراحة    فعاليات فنية عن تاريخ مصر الفرعوني والثقافي ببوليفيا    جهاز العاشر من رمضان يطرح قطعة أرض ومحطة تموين سيارات في مزاد علني    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    تعرف على قيمة الجوائز المالية لبطولة كأس السوبر المصري للأبطال    لأول مرة.. فيرجسون يكشف سر رحيله عن مانشستر يونايتد    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    مات بطل| تعليق الإعلامي عمرو أديب على مشهد نهاية السنوار    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحولت الضربة الأمريكية لسوريا إلى خيبة ثقيلة؟
ايران عرضت 10 مليارات على طنطاوي ومرسي وكلاهما رفض
نشر في الشعب يوم 29 - 04 - 2018

أردوجان لا يمكن أن يقود العالم الاسلامي بهذا التخبط
هل صنع اليهود الثورتين الفرنسية والروسية؟!
بقلم: زرقاء اليمامة
هذه هي الحلقة 4 من دراسة (مع روسيا ضد الطغيان الأمريكي) التي تصدرها مجموعة (نحو حركة إسلامية جديدة) (نجاح)
(مرة أخرى نحن مجموعة فكرية لم تقرر بعد العمل في السياسة اللهم إلا إصدار مثل هذه المواقف والله الموفق والمستعان).
لا يزال بعض الاسلاميين- وإن لم يكن أغلبهم- عواطفهم مع أمريكا ضد روسيا أو على الأقل إذا لم يستطيعوا الانحياز صراحة لطرف، يركزون الهجوم والسخرية على الطرف الآخر. الأيام القليلة التي أعقبت ضربات أمريكا وذيليها فرنسا وانجلترا على روسيا كشفت عن هذه المشاعر أو المواقف لدى عينات من الاسلاميين والتي يمكن اكتشافها إما من خلال الاتصال المباشر أو من خلال الفيس بوك. وهذه عينة تكشف أن الاسلاميين في بلادنا فاقدون للبوصلة ولا يعرفون الفرق بين العدو والصديق أو بين العدو الأقل عداءاً، وبين من يجوز التعاون معه ومن لا يجوز، التعليقات التي تم رصدها من عينة من الاسلاميين تتركز في اتجاه واحد: السخرية من بوتين وروسيا والتأكيد على أن أمريكا قد أدبت روسيا ووضعتها في حجمها وكشفت خطل ادعاءات بوتين عن قوة روسيا العسكرية. وقد لاحظنا أن هذا هو الوجه الأبرز وليس الشماتة في النظام السوري، لأن الصراع قد أصبح روسيا- أمريكيا، وسيظل هذا أحد الأوجه البارزة طالما بقى الموقف العربي- الاسلامي ضعيفاً أو باهتا.
ونؤكد مجدداً: نحن لا ندعو لحزب روسيا في مواجهة حزب أمريكا، بل سنظل دائما دعاة المشروع العربي الاسلامي المستقل، ولكننا أيضا دعاة لفهم طبوغرافية منطقة الصراع أو مسرح العمليات. فقائد الجيش الذي لا يعرف التلال والمنخفضات والمرتفعات في ساحة المعركة فسيهزم من كل بد. لابد من ادراك المساحات المشتركة بين مشروعنا الاسلامي وبلاد مثل روسيا والصين والهند في منطقة المصالح المشتركة أو المتداخلة في إطار صراعنا الضاري مع الخطر الرئيسي المميت والقاتل (الحلف اليهودي- الصليبي). ولكن لنبدأ اولا بفهم ماذا جرى فيما يسمى العدوان الثلاثي أو الضربة الأمريكية- الفرنسية- الانجليزية؟ لأن هذا يساعدنا على حسن تقدير الموقف في أبعاده الاقليمية- الدولية. كما قلنا فإن تعليقات بعض الاسلاميين السطحية قالت إن تهديدات بوتين جاءت على (فشوش).. وأن ترامب كسب الجولة، والمثير للسخرية فإن هذا ما لا يقوله الاعلام الغربي!!
- ترامب قال انه سيضرب روسيا خلال 24 ساعة أو على الأكثر خلال 48 ساعة ليعاقبها على الضربة الكيماوية المزعومة.
- ردت روسيا على لسان لافروف وزير الخارجية وليس فقط على لسان السفير الروسي في لبنان بأن روسيا ستتصدى لصواريخ أمريكا وستضرب مصدر النيران، وكان هذا أول تهديد من نوعه منذ بدأت الحرب الباردة الأولى بين أمريكا وروسيا (السوفيتية)، لأنها أول مرة تهدد دولة عظمى نووية بضرب بلد حليف للدولة العظمى الأخرى في ظل وجود قوات لها، وهذا يعني احتمال ضرب عسكريين روس، بل واستهانة بقانون احترام تقاسم النفوذ في العالم. وهذا يعكس حالة الخطل التي يعاني منها ترامب.
- ويدرك ذلك العسكريون والاستراتيجيون الأمريكيون في الجيش والأجهزة الأمنية، وبصروا ترامب بعواقب ذلك، وأن أمريكا يجب ألا تسعى لصدام مباشر مع روسيا قد يفضي في النهاية إلى صدام نووي حيث لا غالب ولا مغلوب.
- أدت هذه المراجعة الجدية لمواقف ترامب إلى تأخير الضربة عن موعدها حتى لقد مر أكثر من 48 ساعة دون تنفيذها، حتى وصل الأمر إلى تحليلات تقول أن ترامب قد تراجع عن تهديده تحت الضغط العسكري والأمني الأمريكي.
- أدى هذا إلى حالة قد تؤدي إلى انتكاسة في هيبة أمريكا، وهيبة رئيس أمريكا التي يجب الحفاظ عليها حتى وإن كانت لشخص ترامب (غير المحترم).
- وهنا حدثت اتصالات محمومة مع روسيا لتقديم كل الضمانات الممكنة لعدم تعرض الجنود الروس أو القواعد الروسية لأي مخاطر وأيضا تقديم ضمانات بأن الضربة ستكون محدودة ورمزية حفاظاً على ماء وجه الرئيس الأمريكي.
- هذه الاتصالات المحمومة هي المسئولة أساساً عن تأخير الضربة عن موعدها ليومين وكانت أشبه بمفاوضات حول حجم الضربة وأماكنها، وهذا ما حدث في الضربة الأولى لمطار الشعيرات حيث تم اخلاء حتى الطائرات السورية منه!!
- يبدو أن الروس وافقوا حيث لاحظوا أن أمريكا أخذت تهديداتهم بجدية، ولكن لاشك أن الروس قالوا ما معناه: سنمرر هذه المرة ولكن (كما نقول للأطفال) إيكم أن تكرروا ذلك مرة أخرى!!
- وبالفعل جاءت الضربة محدودة للغاية وإن كانت أكبر قليلا من ضربة الشعيرات، ويبدو ان السوريين كانوا يعرفون أيضا الأماكن التي ستضرب، ولذلك لم تحدث أي خسائر بشرية ولم تضرب أي طائرة سورية (نقول سورية وليست روسية!) وجاء في صحيفة التايمز البريطانية أن قطعاً من الأسطول الروسي في البحر المتوسط منعت الغواصة البريطانية من إطلاق صواريخها على سوريا!!
- حرص الأمريكان على اعلان انتهاء الضربة خلال ساعة واحدة مع التأكيد أنه لن تكون هناك ضربة أخرى في الأفق.
- ولعلم النظام السوري بكل هذا تم اخراج مظاهرات حاشدة فعلاً وفقا للصور والفيديوهات فور انتهاء الضربة للاحتفال بالصمود السوري في مواجهة العدوان!
- ويقول الاعلام الروسي- السوري أنه تم إسقاط 70 صاروخا من 110 صاروخ تم إطلاقها، وإن صح ذلك فهي نتيجة جيدة جداً للدفاعات السورية القديمة.
- لم تغير الضربة في موازين القوى ولم تضرب كما يزعمون برنامجاً كيماوياً لا وجود له في حقيقة الأمر. لأن النظام السوري وحلفاءه حققوا انتصارات عديدة بدون كيماوي ولا يحتاج له خاصة في الغوطة ودوما التي يدعون أنها ضربت بالكيماوي بعد اكتمال الانتصار العسكري!! فلماذا إذاً يُستخدم الكيماوي؟!
- تحدث الاعلام الغربي عن سخافة ومحدودية وعدم تأثير الضربة، وان الأسد أصبح أكثر قوة من الناحية السياسية بعدها. ولكن الأهم أن المعارضة البريطانية بالاجماع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كانت ضد الضربة ولا ترى لها مبرراً، وكذلك المعارضة الفرنسية، وايضا المعارضة الأمريكية في الكونجرس (الديمقراطيون مع بعض الجمهوريين) وطالبت المعارضتان الأمريكية والبريطانية بضرورة العودة للبرلمان قبل توجيه مثل هذه الضربات، وهذه أمور نوقشت بالفعل في مجلس العموم البريطاني والكونجرس الأمريكي ولا تزال، وستقيد القرارات التنفيذية في هذا المجال.
**************
ولكننا نعود ونحذر من أن روسيا ستظل لها حسابتها الخاصة وأن الخطة العربية – الاسلامية لا تقوم على هذه الحسابات ولا تعتمد عليها ولكنها تضعها في الاعتبار والتقدير فحسب. وطبعا ستقولون ردا على ذلك.. وأين هي الخطة العربية الاسلامية؟!
هذه ليست مسئولية روسيا طبعا! والكارثة انه لا توجد خطة عربية اسلامية موحدة وشاملة.
وهذه مسئولية الحركة الاسلامية السنية التي لا تريد ان تخرج من الأسر السعودي- القطري- الاماراتي، أو الأسر الأمريكي الغربي عموماً.
لا يوجد مشروع حقيقي إلا لدى ايران، والمشروع وضعه آية الله خميني ولا تزال ايران تسير عليه بدرجة أو بأخرى. ولكنها لا تزال تلتزم به من الناحية الأساسية. في الشق الداخلى هناك بناء للمجتمع الايراني وفقا للقواعد الاسلامية في إطار المذهب الجعفري الاثنى عشري ورغم انتصار الثورة منذ أربعين عاما إلا أن التيار العلماني والمتغرب لا يزال قوياً ويهدد النظام من حين لآخر، ونحن لسنا بوارد الحديث طويلا عن الوضع الداخلي في ايران فهذه قضية ايران والشعب الايراني بروافده المتعددة، ولكننا من بعيد يجب أن ندرك أن النظام الراهن بقيادة آية الله خامنئي وريث مدرسة الخميني هو النظام الأفضل لنا كمسلمين عموما وكمسلمين سنة من الناحية السياسية والاقتصادية، لأن البديل المحتمل له لن يكون سوى نظام من نوع السادات- مبارك. نظام كامب ديفيد إن جاز التعبير، وهذا يتضح من شعارات المظاهرات المعادية للنظام.. (لا غزة ولا لبنان مصلحتنا وحياتنا في ايران). نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ ايران من هذا الاحتمال بل وأن يحفظ كل بلد عربي أو اسلامي من هذا التوجه الانعزالي الذي يصب في اختيار أمريكا واسرائيل كبديل للعرب والمسلمين وهو خيار شاه ايران المقبور.
خارجيا- وهذا ما يهمنا أكثر ويدخل في اطار تخصصنا- فإن المشروع الايراني- الخميني يدعو إلى الوحدة الاسلامية، وإلى الخلاص من التبعية لأمريكا، وبناء النهضة الاسلامية المستقلة، وتحرير فلسطين. ولا ينكر أحد أن ايران تسعى لقيادة هذا المشروع بما يعطي للشيعة قصب السبق والقيادة. ولكن القيادة الايرانية- كقيادة عاقلة لا تتصور أن تنفرد بقيادة العالم العربي والاسلامي ولطالما سعت ايران حثيثا ومدت يدها مراراً لمصر لتشاركها المشروع ذاته: من أجل النهضة والاستقلال والوحدة الاسلامية وتحرير فلسطين. ولكن مصر رفضت بدورها مراراً وتكراراً هذه اليد الممدودة عشرات ومئات المرات، في عهد مبارك ثم في عهد طنطاوي (الانتقالي)، ثم في عهد مرسي القصير، ثم في عهد السيسي. ونقول بناء على معلومات مؤكدة أن إيران عرضت في عهد طنطاوي تقديم قرض بشروط ميسرة قرابة 10 مليارات دولار، ورغم الموافقة المبدئي لرئيس جهاز أمني كبير إلا أن المشير طنطاوي رفض العرض رفضاً مبرماً، بل كان قد أطاح بوزير الخارجية العربي لأنه صرح بأن مصر ستحسن العلاقات مع ايران وأنه سيزور غزة وعين بدلا منه العرابي وتجدد العرض في عهد مرسي ولكنه رفض بدوره (ليس لدينا تفاصيل شروط هذا القرض).
القيادة الايرانية عاقلة وتدرك أنها لا يمكن أن تستوعب مصر أو تضعها تحت جناحيها،ولم يثبت في أي وقت من الأوقات أنها سعت جدياً لإحداث أي اضطرابات لاسقاط النظام المصري في أي عهد. طبعا كان العداء شديداً في عهد السادات بسبب استضافة الشاه وكامب ديفيد، ولكن كانت ايران مشغولة باضطراباتها الداخلية لتثبيت أقدام النظام الجديد. كما أن فكرة نشر التشيع ليست مسألة أساسية أو موجهة للسياسة الايرانية في المنطقة العربية. ربما يكون المجال مفتوحاً في أفريقيا لذلك. وبغض النظر عن الحسابات الايرانية، فالمشكلة في عالمنا السني العربي، حيث التنظيم السني الأكبر (الاخوان المسلمين) يعمل بالتوافق مع أمريكا- حتى وان طعنته أمريكا- وكأنها مسألة من الثوابت ، يظهر هذا في كل الساحات العربية عدا فلسطين أي عدا حماس التي لا تزال متمسكة بخط الجهاد المسلح ضد اسرائيل وعدم الاعتراف بها، ولكننا نجد توافقاً أمريكيا اخوانيا في المغرب والجزائر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والعراق ويسير معظم التيار السلفي في نفس التوجه وأردوجان لا يزال متقلباً بين إظهار الوجه الاسلامي المبدئي وبين التوازنات العلمانية التركية، وبين التحالف مع روسيا و ايران وبين الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا وأوروبا، وإذا لم يحسم أردوجان وحزبه موقفه اسلاميا ويظل في لعبة التوازنات واللعب على الحبال فإن هذا سيكون مقتله ومقتل تجربة العدالة والتنمية وهذا ما لانتمناه ولكن تركيا بهذا الأسلوب لا تصلح لقيادة العالم الاسلامي السني.
ومن ناحية أخرى رأينا تجربة داعش والقاعدة كبديل فاشل لمدرسة الاخوان ما نشرحه في دراسة أخرى. ولكل هذه التخبطات دعونا إلى حركة إسلامية جديدة نحاول أن نبرز ملامحها الأساسية في دراساتنا المتوالية.
ونقول من ضمن ملامح نجاح المشروع الايراني كمشروع سياسي في قلب العالم الاسلامي لمناهضته التحالف الاسرائيلي- الأمريكي، إدراك أهمية إقامة علاقات تحالفية مع روسيا والصين وعدد من الدول الآسيوية والأمريكية اللاتينية. فهذا يعكس اللياقة السياسية لأصحاب مشروع استقلالي حقيقي. وقد كنا ولا نزال نعول على تدعيم المحور التركي- الايراني- الروسي، ولكن أردوجان كما قلنا يقدم قدماً ويؤخر قدماً، وهو أسلوب عموما لا يصلح لانجاح أي مشروع من أي نوع. لابد لصاحب المشروع أن يكون واضحاً قاطعاً محدداً لا يحيد عنه، ولا يتصور أن الإمعان في البراجماتية سيفيده، فالغربيون براجماتيون ولكن في إطار الحفاظ على مشروعهم.
ودائما كنا نرى ان التحالف الايراني- التركي إذا انضمت له مصر لحُسم الأمر في المنطقة ولقُضي على النفوذ اليهودي الأمريكي ولأصبحت العلاقات مع روسيا أكثر صحية. فهذه بلادنا نحن، ومنطقتنا نحن، وهذا هو اسلامنا بجناحيه السني- الشيعي، وهذه بلادنا العربية- العجمية ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
****************
كنا قد وصلنا في الحلقة السابقة إلى دور السلاح السوفيتي في حروبنا مع اسرائيل خاصة في معركة العبور العظيمة في اكتوبر 1973. ولكن قبل المواصلة كان يجب أن نستكمل ما تعرضت له روسيا الاتحادية ومن قبلها روسيا السوفيتية من هجوم غربي كاسح لا يبقي ولا يذر. فمنذ النجاح الأول لثورة اكتوبر 1917 تحت رايات الاشتراكية الشيوعية والمصابيح الحمراء أضيئت في كل العواصم الأوروبية فهذا التيار إذا تمدد إلى غرب اوروبا سيقوض النظام الرأسمالي وهو أمر لم يقبل المزاح أو المساومة رغم أن الصراع يدور في إطار الفكر والحضارة الغربية، إلا أن الجناح الماركسي هذا كان يهدد كل البنيان الرسمي القائم، الأنظمة والطبقات الحاكمة. ويشار إلى أن ألمانيا التي كانت تحارب روسيا خلال الحرب العالمية الأولى سهلت عودة فلاديمير إيليتش لينين زعيم الثورة الروسية من ألمانيا إلى روسيا عبر أحد القطارات، للمساعدة في إذكاء الثورة واسقاط النظام الروسي مما يؤدي إلى اخراج روسيا من الحرب. وهذا ما حدث بالفعل. ولكن بمجرد انتهاء الحرب عام 1919 رأت الدول الأوروبية مجتمعة بما فيها ألمانيا ومن ورائهم أمريكا أن النظام الشيوعي في روسيا تهديد خطير للرأسمالية، فقامت مجتمعة بدعم وتأييد وتمويل ثورات مضادة مسلحة في كافة ربوع روسيا خاصة في المناطق الفلاحية حيث فقد كبار الملاك أراضيهم في إطار سياسة توزيع الأراضي على الفلاحين، وكانت من أوائل مراسيم الثورة، وكانت حروب أهلية قاسية مدعومة من الغرب استمرت عدة سنوات في العشرينيات من القرن العشرين. ولكن روسيا تمكنت في النهاية من الحفاظ على الدولة الاشتراكية الشيوعية وإن لم تتمكن من تصدير الثورة غرباً، وجمعت العلاقات بين روسيا والغرب الرأسمالي ما بين سياسة الستار الحديدي من قبل روسيا لحماية النظام والدفاع عنه، وسياسة الحصار والعزلة من جانب الغرب.
اليهود وروسيا:
لأن معركتنا الكبرى هنا في قلب العالم الاسلامي مع اليهود كما أنبأنا القرآن الكريم (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ).
فإن علاقة كل طرف في العالم باليهود لها أهمية قصوى عندنا في مجال تقديراتنا الاستراتيجية. يوجد في الأسواق عدد من الكتب التي تصيب المسلمين بالاحباط وتدخل في روعهم أن اليهود يحركون العالم ولا مجال لتحديهم وهي كتب عن الماسونية وأشهرها (أحجار على رقعة الشطرنج) ونحن لا ننكر مسألة وجود الماسونية (وهي الآن كيانات رسمية معترف بها في دول الغرب) ولا دورها، ولا ننكر دور اليهود الخطير في العالم من خلال السيطرة على النظام المصرفي بل يكاد يكون أن اليهود هم الذين أسسوا النظام المصرفي الحديث (البنوك) بريادة روتشيلد والذي لا تزال عائلته لها كلمة مسموعة في عالم المال والصناعة والاقتصاد. كذلك لا ننكر دور اليهود في الثورة الفرنسية (من خلال المنظمات الماسونية) ولا دور اليهود في الثورة الروسية الشيوعية. ولكن من الخطأ تفسير هذه الثورات بالخطة اليهودية، فحقيقة الأمر إن اليهود يدسون أنفهم في كل الحركات المؤثرة للتأثير فيها ومحاولة ركوبها أو الاستفاددة منها. وقد كان اليهود يعانون حتى القرن التاسع عشر من موجات متوالية من الاضطهاد المروع في مختلف بلدان أوروبا وروسيا بسبب أفعالهم الشريرة خاصة في مجال الأعمال الربوية التي دمرت اقتصادات الشعوب، ومن اعجاز القرآن الكريم أنه أولى مسألة الربا كل هذا الاهتمام، ومن معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم انه تناول ضمن خطبة الوداع قضايا بالغة الأهمية لا تزال قضايا محورية في العالم حتى الآن كقضايا المرأة والمساواة بين البشر ورفض العنصرية، وكان تحريم الربا من هذه القضايا. والآن فإن خبراء الاقتصاد في الغرب يرون ألا حل لمشكلاتهم الاقتصادية بدون إلغاء فوائد البنوك أي جعلها تساوي صفرا أو قريبا جدا من ذلك. المهم لقد كانت الأعمال الربوية المجحفة من أخطر أسباب تدمير حياة الأشخاص والمجتمعات الأوروبية لذلك كره الأوروبيون اليهود، وثاروا عليهم بين حين وآخر يذبحون فيهم ويبيدونهم ويطردونهم من بلادهم، ولم يكن هتلر إلا آخر هذه الطبعات.
كان اليهود غير معترف بهم خلال العصور الوسطى الأوروبية كمواطنين من الدرجة الأولى بل كانوا من الدرجة الثانية أو الثالثة أو حتى المعدومة، لذلك كانوا أصحاب مصلحة أصيلة في تأييد الثورة الفرنسية (البرجوازية) أي الثورة على الاقطاع وإقامة نظام يقوم على المساواة السياسية والاقتصادية ( حرية- إخاء- مساواة) حيث سيتيح لليهود هكذا أن يندمجوا في المجتمع وفق حقوق المواطنة العامة ويخرجوا من الجيتوهات (المعازل)، وهي معازل معنوية حيث كانوا محاطين بالكراهية وأحيانا معازل مادية حيث يعيشون في أحياء خاصة معزولة أطلق عليها (الجيتو)، لذلك لا شك أن الماسونية اليهودية في فرنسا لعبت دوراً حاسماً ومعروفاً وثابتاً تاريخياً في الثورة الفرنسية، وهي في أحد أبعادها كانت ثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية، بل وضد الدين عموما، وهذا أيضا لصالح اليهود، لأنهم أقلية دينية متناهية الصغر، وتتعرض للتفرقة والاضطهاد الديني، وبالتالي فإن إلغاء الدين كإطار للمجتمع هو مصلحة أكيدة لهم. أما هم فقادرون بوسائلهم الخاصة على الحفاظ على رابطتهم الدينية ولا يحتاجون للدولة أو التعليم في ذلك. ولكن من العبث الفكري والتاريخي أن نصور الثورة الفرنسية على انها من صنع اليهود، فاليهود ليسوا سحرة، وليس بإمكانهم صنع التطورات التاريخية الكبرى، لأن هذه شديدة الارتباط بسنن الله في خلقه، شديدة الارتباط بالقوانين الاجتماعية التي تحكم حياة البشر، فاليهود ليسوا هم صناع الثورة الصناعية، أو التطور التكنولوجي أو تطور التجارة العالمية، أو اكتشاف العالم الجديد، وليسوا هم صناع الأفكار والنظريات، كما لم يكونوا صناع الاقطاع والملكية، فهم ليسوا صناع الرأسمالية والجمهورية، ولكنهم بلا شك فئة نشيطة وديناميكية وتعمل في كل هذه المحاور، فأنشتين كان يهودياً، ولكن كل التطورات العلمية لم تكن مرهونة بعناصر يهودية. فالتقدم العلمي العالمي قام به في مرحلة سابقة علماء العرب والمسلمون خاصة من وسط آسيا والأندلس، ثم حمل الأوروبيون مشعل التطور العلمي خاصة منذ القرن 19، والمشعل الآن يعود لآسيا من جديد، بالتدريج. وبالتالي فإن تفسير أبرز التطورات العالمية بخطط اليهود ومؤامراتهم رؤية سطحية للعالم، ومفيدة لليهود، فهم يحبون أن تنتشر عنهم هذه الفكرة لتساعدهم في إخضاع البشر وهو هدف حقيقي لهم، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ففرق بين أن يكون هذا هو هدف اليهود، وبين إمكانية تحقيق ذلك فعلاً أو بشكل كامل، وهذه أهمية التحذير من هذه المخططات والاستعداد لمواجهتها بدلاً من الاذعان لهم باعتبارهم القدر المتجلي، وكأن كل ما يقولونه حقاً صحيح من أنهم شعب الله المختار!
سيتصور القارئ أننا خرجنا عن الموضوع (روسيا)، أبداً فقد كان هذا ضروريا للحديث عن دور اليهود في الثورة الشيوعية الروسية وهذا أيضا ما تقوله الكثير من الكتب المتداولة بين الاسلاميين وعلى رأسها (أحجار على رقعة الشطرنج).
ومشاركة اليهود بالثورة الشيوعية بروسيا كانت أكثر صراحة وسفوراً، لقد كان أبرز قادة الحزب الشيوعي الروسي يهود بما في ذلك لينين نفسه قائد الثورة، وزينوفييف وكامينييف، وليون تروتسكي الزعيم الأشهر لتيار ما يزال قائماً حتى الآن اسمه التروتسكية وكان مؤسساً للجيش الأحمر، وزيرجينيسكي مؤسس المخابرات السوفيتية- كى جى بى- وهو بولندي الأصل، بل كان كارل ماركس منظر ومؤسس النظرية التي نسبت إليه يهودياً، وليس من قبيل الصدفة أن الاثنين: كارل ماركس، ولينين لكل منهما دراسة بعنوان (المسألة اليهودية). وأيضا النظرية الماركسية تقدم حلاً ناجعاً لأزمة اليهود كفئة دينية مضطهدة في الواقع الأوروبي، نقول في المجتمع الأوروبي حيث لم يشهد التاريخ مذابح مماثلة لليهود الذين عاشوا بصورة طبيعية في الأندلس ومصر وبلاد المشرق العربي واليمن مثلا في العالم الاسلامي. النظرية الماركسية قائمة على فكرة الصراع بين الطبقات حيث لا تقيم وزنا للخلافات العرقية أو القومية وترى البشر ينقسمون أساساً إلى طبقات وأن النظرية الماركسية تستهدف تحقيق المساواة التامة بين البشر بعد القضاء على الطبقات البرجوازية (الرأسمالية) المستغلة. وهكذا فإن الماركسية تدعى المساواة التامة بين البشر اجتماعيا واقتصاديا وهذا سيؤدي إلى تحقيق المساواة السياسية وكل أشكال الحرية في المجتمع الشيوعي الأعلى وهو جنة الله على الأرض، حيث يذهب كل انسان إلى المراكز التجارية ليحصل على كل احتياجاته دون أن يدفع مالاً وكل يأخذ حسب حاجته كأن يثبت عدد أولاده لكي يأخذ قطع ملابس بعددهم مثلا. أما الرأسمالية فتركز على الحرية السياسية (الديمقراطية) وعلى الحرية الاقتصادية: حرية التملك والاستثمار والتجارة بدون تدخل الدولة وهكذا تتوزع الثروات بين الأفراد على أساس الكفاءة والجهد والعمل. وكلا النظريتان حالمتان ولذلك فإن العالم كله يتجه الآن إلى منطقة وسط مابين التطرف الرأسمالي غير الواقعي والتطرف الشيوعي غير الواقعي، وهذه المنطقة الوسط هي منطقة الاقتصاد الاسلامي أو بالأحرى المبادئ العامة التي دعا إليها الاسلام في المجال الاقتصادي، مما سنشرحه في دراسات أخرى إن شاء الله. أما فيما يتعلق باليهود فإن النظرية الماركسية تنهي معاداة المجتمعات الأوروبية لليهود، وتحولهم إلى مجرد أفراد ومواطنين عاديين ومتساويين مع غيرهم، ووفقا للنظرية الماركسية فإنها تدعوهم للالتحاق بالحركات الشيوعية التي لا تعرف التفرقة على أساس الدين وهكذا يمارسون كل حقوق المواطنة بدون اضطهاد بل تنفتح أمامهم الأبواب ليكونوا قادة المجتمع، وهذا ما تحقق بالفعل في روسيا أكثر وضوحاً من فرنسا والغرب في ذلك الزمان (أوائل القرن العشرين). وكانت روسيا من البلاد المشهورة بالمذابح التي تقام لليهود بين الفينة والأخرى وذلك في العهد القيصري الملكي. ولكن قبل أن نتحدث حول ماذا حدث لليهود في روسيا السوفيتية الشيوعية، لابد أن نعود لنؤكد- كما أكدنا خلال حديثنا عن الثورة الفرنسية- أن بواعث الثورات الاشتركية- الشيوعية التي اندلعت في أوروبا بأسرها، كانت لأسباب اجتماعية عميقة، وليس لأنها من تدبير اليهود أو غيرهم من أي جماعات اثنية أو دينية أو سياسية. لأن النمو الرأسمالي في بدايته كان شديد الوطأة على العمال (الذين سمتهم الماركسية بروليتاريا) خاصة عمال المصانع والفلاحين والفقراء عموماً، وكان القرن التاسع عشر كما هو قرن انطلاق الثورة الصناعية، كان قرن البؤس الرهيب للطبقات الشعبية، وهذا ما تغنت به الماركسية بل أحاطته بما أسمته التحليل العلمي والمادية التاريخية وقد تفجرت ثورات عمالية بقيادة اشتراكية في مختلف أنحاء أوروبا وبالأخص في انجلترا وفرنسا وألمانيا حيث كان بها التقدم الصناعي أكبر من غيرها، ثم امتدت نيران الثورة إلى روسيا، ولكن الثورة العمالية- الاشتراكية لم تنجح وتستقر إلا في روسيا لأسباب تاريخية عديدة ليس هنا مجال شرحها، وهذا بالمخالفة للنظرية الماركسية التي كانت ترشح البلاد الرأسمالية الأكثر تطوراً لنجاح الثورة. واليهود شاركوا بديناميكية في الثورة الروسية كما شاركوا في الثورة الفرنسية.
ولكن ماذا حل باليهود في روسيا بعد نجاح الثورة وتبوء عناصر اليهود لقيادة الدولة؟ نتابع.
لقراءة الأجزاء السابقة :
* مع روسيا.. ضد الطغيان الأمريكي
* محبة الكافر الأمريكي وكراهية الكافر الروسي
* حكام الخليج ينصبون ترامب خليفة للمسلمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.