قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يوم السبت إن التزام بلادها بمستقبل الديمقراطية في العراق ما زال قويا رغم القرار الذي أعلنه الرئيس باراك اوباما يوم أمس بسحب كامل القوات الأمريكية من البلاد بحلول نهاية العام الجاري. وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي عقدته في العاصمة الطاجيكية دوشانبه "رغم انسحاب قواتنا، فإن التزام الولاياتالمتحدة بمستقبل العراق كدولة مستقرة وآمنة وديمقراطية يبقى قويا. سيطوي الانسحاب صفحة الحرب، ويفتح صفحة جديدة من العلاقات بيننا." وكان الرئيس الأمريكي أوباما قد أعلن يوم أمس أن الحرب في العراق قد انتهت بعد تسعة أعوام، وأن بلاده ستكمل سحب قواتها من البلاد بنهاية اليوم الأخير من العام الحالي. وقال أوباما في بيان للصحفيين في البيت الأبيض إنه أجرى اتصالا يوم الجمعة برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أكد له فيه التزام الولاياتالمتحدة بتنفيذ تعهداتها. وأضاف أوباما على أنه اتفق مع المالكي على تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق بين البلدين، ودعاه لزيارة واشنطن. وقال اوباما إن العلاقات بين البلدين بعد الانسحاب من العراق ستكون منذ اليوم الأول من العام المقبل علاقات طبيعية كما تكون العلاقات بين دولتين ذات سيادة. وتطرق الرئيس الأمريكي إلى مسألة تدريب وتجهيز القوات العراقية والذي أثار الجدل حول طلب القوات الأمريكية منحها حصانة أثناء قيامها بهذه المهام في العراق قائلا إننا سنواصل مناقشاتنا حول مساعدة العراق في وأضاف أن الولاياتالمتحدة ستواصل اهتمامها بالعراق مذكرا بأن العراقيين حاربوا ضد القاعدة مع القوات الأمريكية وحققوا معا انتصارات عليها. وقال "كما بقي العراقيون صامدين خلال الحرب، لدي أمل كبير في إنهم سيعرفون كيف يبنون مستقبلا على مستوى تاريخهم". وأضاف "سنبقى شركاء مع عراق يساهم في الأمن الإقليمي وفي السلام, وكذلك ندعو البلدان الأخرى إلى احترام سيادة العراق". كما نوه باستعدادات بلاده للخروج من أفغانستان وأكد تقليص عدد القوات الأمريكية المتمركزة في أفغانستان بنهاية العام الحالي إلى النصف. وأشار إلى مساهمة القوات الأمريكية في "مساعدة الشعب الليبي على وضع نهاية لنظام القذافي الذي تم الخميس". وبعد إعلان انتهاء العمليات القتالية للقوات الأمريكية في العراق الصيف الماضي وصل عدد الجنود الأمريكيين هناك إلى 39 ألفا بعد أن بلغ ذروته عام 2008 حين كان عدد الجنود 165 ألفا. ولا تزال الولاياتالمتحدة تشغل 18 قاعدة عسكرية في العراق. وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد أعطى الأربعاء موافقته على بقاء عسكريين أمريكيين في العراق لأغراض التدريب شرط انسحاب جميع القوات الأمريكية وإبرام اتفاق جديد مع الولاياتالمتحدة يسبقه تقديم تعويضات للعراقيين، من دون أن يحدد طبيعة هذه التعويضات. وكان موعد استكمال انسحاب القوات الأمريكية بنهاية العام الحالي موضع اتفاق تم التوصل إليه عام 2008 بين البلدين. لكن واشنطن وبغداد كانتا تجريان مفاوضات لإبقاء بضعة آلاف عسكري لتدريب الجنود العراقيين. واصطدمت المفاوضات خصوصا بالوضع القانوني لمن يبقى من العسكريين الأمريكيين بعد 2011. فواشنطن تطالب بحصانة شاملة لجنودها تحميهم من أي ملاحقة قضائية في العراق، لكن بغداد ترفضه. وقد اعتبر اوباما أن الانسحاب الذي بدأ بمغادرة القوات المقاتلة صيف 2010 "أتاح لنا أن نركز معركتنا على تنظيم القاعدة وتحقيق انتصارات ضد قادتها بمن فيهم أسامة بن لادن". أما زعيم الأكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي هاري ريد فقد رحب بإعلان أوباما، وقال إن على المسئولين في إيران أن يعلموا "إن الربيع الذي أزهر في هذه المنطقة على وشك أن يزهر في بلادهم أيضا". وفي المعسكر الجمهوري أبدى السيناتور لندسي غراهام تحفظه على الخطوة وأعرب عن مخاوفه من "أن ينجم عن هذا القرار أوضاع تعود لتؤرق بلادنا". وكان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قد أمر باجتياح العراق في 2003 بهدف القضاء على أسلحة الدمار الشامل التي كان يسود الاعتقاد بأنها كانت في حوزة قوات الرئيس صدام حسين، كما أعلن رسميا حينها. ولم يعثر على هذه الأسلحة واعتقل الجيش الأمريكي صدام حسين في ديسمبر/كانون الأول 2003 ثم اعدم بعد صدور حكم قضائي بحقه في 2006. وقد أسفرت الحرب عن مقتل نحو 4400 جندي أمريكي ونحو 175 ألف مدني عراقي بحسب بعض التقديرات.