معاناة شديدة يعانيها المصريون من أصحاب الأمراض المختلفة، وذلك بسبب نقص الإمكانيات المتعمد من قبل النظام فى قطاع الصحة. فمنظومة الصحة في انهيار متواصل في ظل حكم العسكر، واقتصار تطويره ودعمه لمستشفيات الجيش والشرطة فقط، بجانب التوسع في العلاج الاستثماري الذي لا يستطيعه الفقراء، والذين يبلغ نسبتهم أكثر من 80 % من الشعب المصري.
ومع تفاقم الأزمات المعيشية بسبب لغلاء وارتفاع الأسعار بصورة متصاعدة، يجد المصريون انفسهم معرضون للطرد من المستشفيات الجكومية والعسكرية ، كما جرى، مطلع الأسبوع الجاري مع أحد المعاقين، الذين تم طرده من داخل مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، لعدم قدرته على دفع التكاليف العلاجية.
وتبرز مشاكل القطاع الصحي في العديد من الأوجاع التي تفاقم المعاناة، ومنها؛ نقص الأدوية، اختفاء لبن الأطفال، إغلاق أبواب المستشفيات في وجوه المرضى، قلة الأسرة بالمستشفيات. عبد الرحمن طه، طفل مصاب ب85% من حروق الدرجة الثالثة، ورغم سوء حالته، إلا أن مستشفى جامعة أسيوط رفض استقبال الطفل بعد محاولات استمرت من الساعة الخامسة فجرًا حتي الثامنة صباحًا، دون مبالاة من إدارة المستشفى على حياته.
ولم يكن عبد الرحمن، الحالة الأولى من نوعها، بل سبقه العديد من المرضى ممن أغلقت المستشفيات أبوابها في وجوههم، أبرزهم، إلقاء أفراد أمن مستشفى بالإسكندرية مريض مسن خارج أسوارها؛ بحجة رائحته الكريهة، بالإضافة إلى واقعة طرد مريض من مستشفى حكومي بالشرقية. وأصاب إهمال المستشفيات أيضا، الطفل بلال يوسف، المصاب بالتهاب حاد في المخ، ولم يجد سريرًا في العناية المركزة بمستشفى الطلبة بالإسكندرية، وغيره العديد من الحالات، مثل صبري عبد الحميد، الذي يبلغ من العمر 57 عاما وأصيب بفيروس كبدي، وعندما طرق أبواب معهد الكبد، لم يجد سريرًا واحدًا يرقد عليه؛ نظرًا لاكتظاظ المعهد بالمرضى، ما دفعه لافتراش الأرض؛ لأنه لا يستطيع توفير ثمن العلاج في مستشفي خاص...
ومثالا للكارثة، يبلغ عدد المدمنين في مصر 3 ملايين، بحسب التقرير الصادر عن وزارة الصحة لعام 2015، في مقابل 600 سرير فقط توفرهم الدولة لعلاج الإدمان...
وبحسب خبراء، الأزمة لا تكمن فقط في نقص الأسرة بالمستشفيات، بل في قلة عدد فريق التمريض، مضيفين: "إذا وفرت وزارة الصحة أسرة للمستشفيات بشكل عام والرعاية المركزة بشكل خاص، فلن نجد فريق تمريض يستطيع تلبية خدمات المرضى".
فيما أكد الدكتور محمد عز العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، وجود نقص حاد في أسرة المستشفيات، خاصة غرفة الرعاية المركزة، مضيفًا أننا نواجه أزمة حقيقية، تكمن في إغلاق أبواب الكثير من المستشفيات في وجوه المرضى.
وألقى عز العرب المسؤولية على عاتق وزارة الصحة، مؤكدًا في تصريحات صحفية، مؤخرًا، أنه بحسب المواصفات الدولية، يجب تحديد عدد السكان في كل منطقة، وبعدها يتم توفير أسرة الرعاية المركزة على أساس ذلك، قائلا: "الأمر ليس مجرد أسرة تلقى بالمستشفى فقط، لكن هناك معايير دولية يجب اتباعها".