فى ظل المخاوف التى تحيط برجال العسكر، فى كل مكان بالبلاد بسبب الإهمال الشديد المستشرى فى جميع قطاعات الدولة، أعلن المحافظين، عن تطبيق قرار مجلس وزراء النظام، بمنع دخول المواطنين والعاملين إلى المنشآت العامة ومعهم هواتفهم المحمولة، بحجة تشديد إجراءات أمنية. وكانت آخر تلك المنشآت التي طبقت هذا القرار، مبنى محافظة أسيوط، حيث قرر المحافظ ياسر الدسوقي منع دخول مبنى الديوان العام، سواء للموظفين أم المترددين عليه من المواطنين ونواب البرلمان والصحفيين، ومعهم هواتف محمولة أو كاميرات، وذلك بدءا من الاثنين المقبل. وأكد الدسوقي في تصريحات صحفية، أن القرار يأتي لتأمين المنشأة والعاملين بها والمترددين عليها، والحفاظ على المستندات المهمة بالإدارات المختلفة. وكشفت صحيفة "الأهرام" أن المحافظ رفض الرد على أسئلة الصحفيين حول دوافعه لمنع دخول الكاميرات والهواتف المحمولة إلى ديوان عام المحافظة، مطالبا الصحفيين بالرجوع إلى المستشار العسكري للمحافظة لمعرفة أسباب صدور القرار. وأثار القرار غضب المواطنين وأعضاء مجلس النواب والسياسيون الذين قالوا إنه قرار سيئ وغير مدروس، ويزيد من تعطيل مصالح المواطنين، مشيرين إلى أنه أدى إلى حدوث فوضى عارمة، وحالة من التذمر والزحام الشديدين داخل المنشآت التابعة للمحافظات، بعدما طلب الأمن من المواطنين ترك هواتفهم في قسم الأمانات قبل دخول المباني. وبعد تصاعد اعتراضات المواطنين على هذا القرار، قال محافظ الإسماعيلية اللواء ياسين طاهر، إن تعليمات رئاسة الوزراء بمنع الهواتف الذكية والكاميرات "تقتصر فقط على مكاتب المسؤولين أثناء الاجتماعات الرسمية التي يتم خلالها مناقشة موضوعات تخص المحافظة والسياسات العامة للدولة". وأوضح طاهر، في تصريحات صحفية، أنه لم يتم منع دخول الهواتف الذكية إلى مبنى ديوان عام المحافظة؛ لأن الموظفين يتعاملون يوميا مع آلاف المواطنين، ولا يمكن منعهم من الدخول بسبب امتلاكهم للهواتف المحمولة. وأكد محافظ الإسماعيلية أن هذا القرار يستهدف منع التنصت على الاجتماعات الهامة، أو اختراق هواتف المسؤولين، ضمانا لسلامة المعلومات أو المحتوى الموجود عليها، مشيرا إلى أنه كان أول الملتزمين بهذا القرار منذ توليه مسؤوليته. وتعليقا على هذا القرار، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي إن "من الواضح أن السبب الرئيس في ذلك هو الخوف من التسريبات التي تبثها قنوات الإخوان ومعارضي النظام، وآخرها المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية سامح شكري والسياسي الإسرائيلي إسحاق مولخو، والتي تحدثا فيها عن تفاصيل اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير، وقبلها تسريبات عديدة لعبدالفتاح السيسي نفسه، ومدير مكتبه عباس كامل". وأعرب علوي عن تأييده لهذا القرار "لأن بعض الاجتماعات الرسمية تناقش خلالها موضوعات مهمة، أو قضايا حساسة، وتتخذ فيها قرارات ومواقف قد لا يريد المسؤولون نشرها بسبب تقديرات سياسة معينة"، لافتا إلى أن التجسس على الهواتف المحمولة واختراقها "بات أمرا سهلا؛ بسبب التقدم التكنولوجي الهائل". ومن اللافت للنظر أن المحافظين الذي اهتموا بهذا القرار وسارعوا إلى تطبيقه؛ هم من اللواءات السابقين الذي عملوا في القوات المسلحة، والذين تسيطر عليهم العقلية العسكرية، بحسب مراقبين. وقال الباحث السياسي عمر هاشم، إن الهواجس الأمنية باتت تسيطر على المسؤولين في البلاد، وتتحكم في قراراتهم "بسبب التسريبات المتلاحقة التي شاهدناها في الفترة الأخيرة". وأضاف هاشم أن الخوف من التسريبات لا يمكن أن يكون مبررا لمثل هذه القرارات الغريبة، مشددا على أنه "لا يجوز منع تصوير أو تسجيل الاجتماعات الرسمية؛ لأنه من الطبيعي أن يتم إطلاع الرأي العام ووسائل الإعلام على هذه الاجتماعات، وما تمت مناقشته فيها من قضايا، وما تم اتخاذه من قرارات تتعلق بحياة المواطنين". وأكد أن من المفهوم أن يتم منع الأجهزة الإلكتروينة في هذه الاجتماعات السرية التي تتعلق بقضايا حساسة، "لكن الغريب هو أن توجه إحدى المحافظات دعوات للصحفيين لحضور اجتماع أو مؤتمر رسمي، ثم تقوم بمنعهم من الدخول بسبب الهواتف المحمولة أو الكاميرات التي بحوزتهم، وهو ما يؤكد حالة الارتباك والتضارب التي تسيطر على المسؤولين".