- لماذا خرج مشروع الملك سلمان في هذا التوقيت ؟. - ما هو دور محمد بن سلمان في تسليم سيناء للكيان الصهيوني ؟. - لماذا نعارض برنامج الملك سلمان ؟. قبل زيارة للعاهل السعودي ، الملك سلمان بن عبدالعزيز ، إلى القاهرة في 4 إبريل الماضي ، وهي الزيارة التي شهدت التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وتنازل النظام عن جزيرتي تيران وصنافير ، وقع الجانبين مذكرة الاتفاق الذي عرف باسم "برنامج الملك سلمان لتنمية سيناء". أصدر قائد نظام العسكر عبدالفتاح السيسي، قرارًا بالموافقة على مذكرة الاتفاق الموقع بين مصر والسعودية لتنمية شبه جزيرة سيناء ، ونص القرار، الذي نشر في عدد الجريدة الرسمية الصادر ، يوم الخميس الماضي ، على "الموافقة على مذكرة الاتفاق بشأن برنامج الملك سلمان بن عبدالعزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء الموقعة بين حكومتي جمهورية مصر والمملكة العربية السعودية". المشروع هو اتفاقية كبيرة لمشروعات وصفت بالتنموية في شبه جزيرة سيناء ، بتمويل وإشراف سعودي كامل ، وقعت عليها وزيرة التعاون الدولي في حكومة العسكر "سحر نصر" في مدينة الرياض في مارس 2016 ، ووافق عليها عبد الفتاح السيسي في 27 أبريل ، ثم مجلس نواب العسكر في 26 يونيو ، وقرر سامح شكري ، وزير خارجية النظام ، العمل لها بداية من 4 أغسطس ، ثم نشرتها الجريدة الرسمية في 26 يناير 2017. الاتفاق ينص على تخصيص 1.5 بليون دولار، مخصصة من الصندوق السعودي للتنمية ، والذي يهدف إلى تمويل مشروعات رئيسية عدة في المرحلة الأولى، على رأسها مشروع جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز في مدينة الطور، ومشروع طريق محور التنمية بطول 90 كلم، ومشروع محور التنمية بالطريق الساحلي، ومشروع التجمعات السكنية، وعددها 9 منها 8 على محور التنمية، ومشروع طريق الجدي ، أما المرحلة الثانية من البرنامج فتتضمن تمويل مشروع إنشاء محطة معالجة ثلاثية، ومشروع إنشاء سحارة جديدة، ومشروع طريق "النفق– النقب". تنازلات بالجملة أصدر قائد النظام ، أوامره من خلال وزارة في حكومته الوهمية ، بالقرار رقم 1091 لسنة 2016، الذي تم بموجبه إغلاق "محمية نبق" بجنوبسيناء ، تمهيدًا بيعها لمستثمرين أجانب ، زاعمة أن أسباب الإغلاق أن المنطقة من المحتمل أن يحدث بها انجراف للألغام، الأمر الذي يهدد الأمن والسلامة ل"زوار المحمية"، والعاملين بها، ومن ثم رأى من الحكمة بيع المحمية لمجموعة من المستثمرين "الكبار"، وأن قرار الإغلاق المؤقت، هو تمهيد لهذا الأمر. وقالت وزارة البيئة إن إغلاق المحمية تم بالتنسيق مع محافظ جنوبسيناء؛ لاتخاذ كافة التدابير الاحترازية لتوفير إجراءات الأمن والسلامة، بعد أن تعرضت محمية نبق للإهمال الشديد منذ فترة، تحت سمع وبصر المسئولين، على الرغم من الثروات التي تضمها، ولكن تم تركها عرضة للسرقة. وكشف مصدر بمحافظة جنوبسيناء، عن تردد أحاديث خاصة ببيع المحمية لمجموعة من المستثمرين "الكبار"، وأن قرار الإغلاق المؤقت، هو تمهيدًا لهذا الأمر. ثمة تطور مهم آخر دارت حوله التحليلات، وهي الأنباء المتداولة في وسائل إعلام بنية الحكومة المصرية تأجير محمية نبق الطبيعية إلى مستثمر سعودي يدعى عبد الرحمن الشربتلي ، لمدة 99 عامًا، وهي الأنباء التي ترددت بقوة بعد قرار النظام بإغلاق محمية نبق أمام الزوار والسائحين في 2016. محمية نبق، هي قطعة أرض تطل على ساحل خليج العقبة من الجانب المصري، وتقع تقريبًا جنوب مدينة دهب، وتطل على مضيق تيران. يأتى هذا القرار بعد الأيام التى عصفت بالساحة المصرية عقب تنازل النظام عن جزيرتي تيران وصنافير ، وكما نجد موضح بالخريطة ، فإن السيطرة على المحمية يضمن أمن تام وكامل للملاحة بجزيرة تيران خارج السيادة المصرية بشكل كامل في حين اتمام التنازل. لماذا نعارض برنامج الملك سلمان ؟ كلنا يعلم أن تنازل النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير لم يكن كما قالوا لصالح المملكة العربية السعودية ، بل في الأصل هو لمزيد من بسط السيطرة والنفوذ الصهيوني على النضسق ومنها على كامل خليج العقبة. تضمن المرحلة الثانية من البرنامج تمويل مشروع إنشاء محطة معالجة ثلاثية، ومشروع إنشاء سحارة جديدة، ومشروع طريق "النفق– النقب". التحليلات أجمعت على أن مشروع إنشاء طريق "النفق – النقب" هو البداية العملية لتنفيذ خطة صهيونية جديدة يطلق عليها "جيورا إيلاند" ، ظهرت إلى النور في 2009، تقضي بأخذ أراض من سيناء المصرية وضمها لقطاع غزة ، مع تعويض مصر بمساحة مماثلة في صحراء النقب ، التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني. الطريق المزمع إنشاؤه سيربط أنفاق قناة السويس بصحراء النقب، لا تفسير له ، سوى أنه إعادة لإحياء خطة "جيورا إيلاند". خطة الجنرال "جيورا إيلاند" هي خطة اقترحها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني والباحث بمعهد الأمن القومى ، الجنرال "جيورا إيلاند" ، فى عام 2009 ، كحل نهائى لإقامة الدولة الفلسطينية ، وتقوم على مضاعفة مساحة غزة مرتين أو ثلاث مرات ، بضم 600 كيلو من سيناء للقطاع ، لتكون هناك فرصة لبناء مدن جديدة للفلسطينيين فى سيناء مع إقامة ميناء بحرى ومطار دولى ، ما يحقق تنمية اقتصادية حقيقية للفلسطينيين. وتشمل الخطة ضم المساحة المذكورة، لتتجاوز مساحة غزة حدود 1967، التى لم يعد الالتزام بها مقبولًا من الناحية الأمنية لدى الكيان الصهيوني ، فى مقابل منح مصر 600 كيلو من صحراء النقب فى جنوبفلسطينالمحتلة. أكد "أيلاند" في خطته أن عدد سكان قطاع غزة يبلغ أكثر من 1.6 مليون نسمة -وقتها- في مساحة صغيرة نسبيًا ، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.5 مليون نسمة بحلول 2020، وهذه المساحة لن توفر الحد الأدنى لاستمرار الحياة لدولة فلسطينية في حال قيامها في قطاع غزة. وقال "إيلاند" فى خطته: "فى النهاية لن يخسر أى طرف أراضى جديدة، وفى حين أن إسرائيل ستتمكن من التوسع فى المشروعات والمستوطنات بالضفة الغربية، ستستفيد مصر اقتصاديا، فالميناء والمطار الجديدان سيكونان حلقة اتصال بين مصر والخليج العربى وأوروبا، كما يمكن لمصر إقامة ممر برى، لجعل الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط أسهل بكثير، دون الحاجة للعبور بأراضى إسرائيل". بلا أدنى شك ، فإن خطة الجنرال "أيلاند"، حال إقرارها، ستؤدي إلى تهويد مدينة القدس بالكامل ونزع الهوية الإسلامية عنها ، ووأد قضية اللاجئين وعرب 48 وقضية فلسطين بأكملها، لا سيما في المحافل الدولية، وإلغاء المطالبة بحدود 67 ، بل إن شئت فقل ستنهي على النزاع القائم ، وستخرج فلسطين من المعادلة بأرض جديدة ، تاركين أحلام العودة خلف "أيلاند" ، وبالمناسبة فإن المشروع نشر في الوسائل الإعلامية كافة وموثق وتداولته عدد من مراكز الأبحاث. المملكة الصهيونية السعودية ! عند الحديث عن تلك التسوية الإقليمية، تبرز تحليلات مفادها أن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية كان أمرا متفق عليه، ضمن خطة التسوية الإقليمية تلك، لجعل منطقة مضيق تيران، منطقة دولية، وهو ما يمكن للسعودية تحقيقة بدلا من مصر، التي كانت ستعاني من حرج بالغ، حينها، فالأمر يمثل تنازلا أشد وطأة من التنازل عن جزيرتين لدولة "شقيقة". قد يسخر البعض من القلق بأي أطروحة سياسية تتعلق بالصراع في المنطقة ، لكن لا ننسى أن وعد بلفور المشؤوم كان مجرد أطروحة سياسية وتحول إلى أمر واقع بعد ربع قرن ، وبعد محاولات عديدة من عدة دول. العديد من التحليلات والتقارير أكدت أن "محمد بن سلمان بن عبد العزيز" ، نجل العاهل السعودي ، هو المتحكم الفعلي الحالي في سياسات المملكة الخارجية، بالتالي فإن مساهمة السعودية في خطة "جيورا أيلاند"، قد تحمل حلًا مريحًا ونهائيا لصداع القضية الفلسطينية متوافق عليه أمريكيًا ودوليًا، وهو أمر يتماشى مع توجهات "بن سلمان"، الذي ينتمي إلى نفس مدرسة "محمد بن زايد" المناهضة لاستمرار النزاع العربي الصهيوني ، وبالطبع تطبيق الخطة يحتاج إلى تكلفة عالية، وهو أمر آخر قد يفسر دخول السعودية، بأموالها في الأمر، بموافقة مصرية.