مرة آخرى تأتى إلينا قضية الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، الذى قُتل إثر التعذيب الشديد الذى لاقاه على يد الجهات الأمنية فى الذكرى الخامسة لثورة الخامس والعشرين من يناير، لتكون بمثابة دليل على إجرام العسكر، وفضحهم أمام العالم، بجانب فضح التلفيقات العديدة التى يخرجون علينا بها والتى تقدم فى بادئ الأمر إلى الجانب الإيطالى الذى اتخذ عدة اجراءات بشأن ذلك. وهو أول من استمع وكشف قصة الشباب الخمسة الذين تم تصفيتهم فى التجمع الأول بالقاهرة الجديدة، والمعروفون ب"قتلة ريجينى"، إلا أن سرعان ما تراجع النظام عن تلك القصة المفبركة وحاول التغطية عليها، وذلك فى الوقت الذى اتهمته فيه إيطاليا بتضليل التحقيقات. وفى موقف مشابهة ولا يختلف كثيرًا عما سبقه، أعلن النظام، أن النائب العام نبيل صادق، الذى فى رحله حاليًا إلى إيطاليا، قام بتسليم روما أدلة جديدة فى قضية الطالب كانت قد طلبتها، وهى شهادة الضباط المتهمين فى قتل شباب التجمع، ونقيب الباعة الجائلين، وبعض الأشخاص الذين ثبت لهم التعامل مع "ريجينى". وسلم النائب العام المحققين الإيطاليين، التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة المصرية مع محمد عبد الله، رئيس نقابة الباعة الجائلين في وسط العاصمة المصرية، والذي كان قد أبلغ أجهزة الأمن عن نشاط مريب لريجيني يمس الأمن القومي لمصر. كما أرفق بهذه التحقيقات أيضا فيديو كان محمد عبد الله، سجله لريجيني سرا أثناء لقاءه به قبل اختفائه في العاصمة المصرية يناير الماضي. وهنا بيت القصيد فى الفضيحة الأولى، فمنذ أشهر ليست ببعيدة من الآن، أكد نقيب الباعة الجائلين محمد عبدالله تلك الأحداث، وقال فى تصريحات صحافية احداها للشعب الجديد، أنه لم يلتقى "ريجينى" سوى مرة واحدة مع مجموعة من الأصدقاء المشتركين ولم يتبادلا أطراف الحديث إلا فى نطاق عام. كما أنه أنكر فى الوقت ذاته تقديم أى بلاغات ضد الطالب فى أمن الدولة أو غيرها من جهات التحقيق، ليثير بذلك فضيحة حينها، إلا أن النظام غطا على الأمر، وأكمل مشوارة فى التضليل، الذى من المؤكد أن الجهات الإيطالية قد اكتشفته بالفعل خلال تلك الفترة. وهذا مأزق جديد يقع فيه النظام، إذا نجحت احدى الجهات الإيطالية بالتواصلو التؤكد من تلك التحقيقات. وريجيني هوطالب دكتوراة في جامعة كمبريدج البريطانية، (28 عاما) وكان يعد بحثا حول الحركات العمالية في مصر وكان ينشر مقالات عن مصر تتعلق بالمظالم التي يعاني منها العمال في صحيفة "المنافيستو"، واختفى يوم 25 يناير وسط العاصمة القاهرة عندما كان ذاهبا للقاء أحد أصدقائه. وبعد ذلك عثر عليه مقتلو وعلى جسده أثار تعذيب، وآثار مقتله جدلا واسعا وغضبا في الأوساط الإيطالية، خاصة مع تخبط الشرطة المصرية في تقديم أسباب الوفاة الحقيقة، مما زاد الشكوك حول أن القتلة من الشرطة نفسها.