غدا، بدء تسكين الطلاب الجدد بالمدن الجامعية بسوهاج    «كدواني وفرحات» يتفقان على تنسيق الجهود لتفعيل المبادرة الرئاسية «بداية»    اليوم.. الحوار الوطني يجتمع لمناقشة الدعم    الأنبا توما يترأس القداس الإلهي لأبناء الأقباط الكاثوليك بدبي    ارتفاع الدينار الكويتي.. أسعار العملات العربية مقابل الجنيه اليوم الاثنين بالبنك الأهلي    وزير التموين والتجارة الداخلية يعقد اجتماعًا مع شركة مكسب لتجارة التجزئة في إطار التعاون مع القطاع الخاص.    وزير الإنتاج الحربي يبحث التعاون المشترك مع سفير كوت ديفوار    النقل: وصول الدفعة الأولى من أوناش محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط تمهيدا لافتتاحها    رئيس البورصة: التضخم يجذب الشباب لسوق المال    أستاذ علوم سياسية: الدولة تقدم الكثير من الدعم بمختلف أشكاله للمواطن المصري    وزير قطاع الأعمال العام يجتمع برؤساء شركات القابضة للتشييد لمتابعة مؤشرات الأداء وموقف المشروعات    قبل قصف فيلته.. إسرائيل تحذر شقيق الرئيس السوري: ستكون هدفنا لو نقلت أسلحة للبنان    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    وكيله: الجزيري تلقى عرضا ب 3 أضعاف ما يتلقاه في الزمالك.. ومفاجأة بشأن اعتزاله    ناصر ماهر: قادرون على التتويج بالدوري.. وكنا نريد مواجهة الأهلي لولا قرار الإدارة    ضبط تاجر بتهمة النصب على مواطنين في 620 ألف جنيه بسوهاج    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهم بالاتجار في النقد الأجنبي    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بالحوامدية    احتفالا بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر.. وزير الثقافة يعلن فتح جميع المتاحف والمسارح مجانا    طبيب: 30% من أمراض القلب يمكن تجنب الإصابة بها تماما    فيتامينات يجب عدم الإفراط في تناولها أثناء الحمل    مع إرجاء تشييعه ودفنه .. بدء الحداد الرسمى فى لبنان لمدة 3 أيام علي رحيل حسن نصر الله    أسعار الدواجن تنخفض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    أمطار وحرارة واضطراب الملاحة.. توقعات طقس خلال الساعات المقبلة    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 14574 قضية سرقة كهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاعين الخاص والعام.. هل سيتم ترحيلها؟    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    اقرأ في «أيقونة»| بعد واقعة مؤمن زكريا.. هل السحر موجود؟    عقب مباراة الوصل| أهلي جدة يستقر على إقالة يايسله    وزير الثقافة يعلن فتح جميع المتاحف والمسارح مجاناً وخصم 50% احتفالاً بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    «الرعاية الصحية»: إجراء 20 عملية زراعة قوقعة لأطفال الصعيد بمستشفى الكرنك الدولي    الصحة اللبنانية: استشهاد 4 وإصابة 4 آخرين جراء العدوان الإسرائيلي على منطقة الكولا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    موعد عرض الحلقة 13 من مسلسل برغم القانون بطولة إيمان العاصي    مين فين ؟    كرمة سامي في اليوم العالمي للترجمة: نحرص على تأكيد ريادة مصر ثقافيا    إعلام إسرائيلي: متظاهرون مطالبون بصفقة تبادل يقتربون من منزل نتنياهو    صحف خليجية: حل القضية الفلسطينية مفتاح بناء السلام بالمنطقة    وزارة العمل تُطلق مبادرة «سلامتك تهمنا»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    الحرس الثوري الإيراني: اغتيال حسن نصر الله سيحدث تغييرا تاريخيا    بوليتيكو: أمريكا تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    جثتان و12 مصابا.. ننشر الصور الأولى لحادث تصادم سيارة نقل وأخرى ميكروباص بأسيوط    تفاصيل إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بأكتوبر    اصطدام «توكتوك» بتريلا ومصرع سائقه في المنوفية    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    موظف أمام «الأسرة»: «مراتى عايزة 4 آلاف جنيه شهريًا للكوافير»    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    الأهلي يلجأ للطب النفسي بعد خسارة السوبر الأفريقي (تفاصيل)    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العارف بالله عبد الحليم محمود
د. بلال محمد علي ماهر
نشر في الشعب يوم 11 - 08 - 2016

بالرجوع إلى ويكيبيديا الموسوعة الحرة نستهل هذه الكوكبة المشرفة بالعارف بالله الصوفي والمجاهد المستنير الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود. عالم أزهري ووزير أوقاف سابق وشيخ الأزهر في الفترة بين عامي 1973-1978م
ولد عام191۰م بمحافظة الشرقية، ونال العالمية عام 1932م, سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي، نال درجة دكتور في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسبي عام194۰م. بعد عودته من فرنسا عمل مدرسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، ثم عميدًا لكلية أصول الدين عام ۱964م، وعضوًا ثم أمينًا عامًا لمجمع البحوث الإسلامية، فنهض به وأعاد تنظيمه. عين وكيلًا للأزهر الشريف عام 197۰م، فوزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر، ولقب بالعارف بالله وهو به جدير.
تولى مشيخة الأزهر في ظروف بالغة الحرج، وذلك بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور قانون الأزهر عام196۱م الذي توسع في التعليم المدني ومعاهده العليا، وألغى جماعة كبار العلماء، وقلص سلطات شيخ الأزهر، وغلّ يده في إدارة شئونه، وأعطاها لوزير الأوقاف وشئون الأزهر، وهو الأمر الذي عجّل بصدام عنيف بين الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الذي صدر القانون في عهده وبين تلميذه الدكتور محمد البهي الذي كان يتولى منصب وزارة الأوقاف. وفشلت محاولات الشيخ الجليل في استرداد سلطاته، وإصلاح الأوضاع المقلوبة. استطاع الدكتور عبد الحليم أن يسترد للمشيخة مكانتها ومهابتها، والتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية على نحو غير مسبوق، وأصبح للأزهر رأيًا وبيانًا في كل موقف وقضية. وأعانه على إنجاز تلك المهام الجسام صفاء نفسه ونفاذ روحه، واستشعاره بالمسئولية الملقاة على عاتقه، وثقتة الخالصة في الله، جعلته يتخطى العقبات ويذلل الصعاب.
ولفضيلته أكثر من ستين مؤلفًا في التصوف والفلسفة، بعضها بالفرنسية، وقد بدت بوادر الإصلاح واضحة في سلوكه بعد توليه أمانة مجمع البحوث الإسلامية الذي حل محل جماعة كبار العلماء، فبدأ بتكوين الأجهزة الفنية والإدارية للمجمع من خيار رجال الأزهر، وتجهيز المكتبات الكبرى وتوفير الكفايات العلمية التي تتلاءم ورسالة المجمع العالمية. أثناء توليه لوزارة الأوقاف عني بالمساجد عناية كبيرة فأنشأ عددًا منها، وضم عددًا كبيرًا من المساجد الأهلية، وجدد المساجد التاريخية الكبرى. إسترد وأصلح جميع الأوقاف المغتصبة من وزارة الإصلاح الزراعي وغيرها من الأوقاف.
صدر قرار تعيين فضيلته شيخًا للأزهر في 27 مارس 1973م، وما كاد يتولى مهام منصبه حتى بوغت بصدور قرارٍ مفاجئ من الرئيس السادات في 7 يوليو ۱974م يكاد يجرد شيخ الأزهر مما تبقى له من اختصاصات ويمنحها لوزير الأوقاف والأزهر، فما كان من الشيخ إلا أن قدم استقالته لرئيس الجمهورية على الفور، معتبرًا أن هذا القرار يقلص قدر المنصب الجليل ويعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم العربي والإسلامي. روجع الإمام الأكبر في أمر استقالته لإثنائه عن قراره، لكن الشيخ أصر على استقالته، وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، ورفض تناول راتبه، وطلب تسوية معاشه، وأحدثت هذه الاستقالة دويًا هائلًا في مصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي، وتقدم أحد المحامين الغيورين برفع دعوى حسبة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف، طالبًا وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية. إزاء هذا الموقف الملتهب اضطر أنور السادات إلى إعادة النظر في قراره، وأستصدر قرارًا أعاد فيه الأمر إلى نصابه الصحيح، وانتهت الأزمة وعاد الإمام الأكبر إلى منصبه ليواصل جهاده.
وجدير بالذكر أن قرارًا جمهوريًا صدر بعد وفاة الإمام بمساواة منصب شيخ الأزهر بمنصب رئيس الوزراء.
كما تصدى لقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت الدكتورة عائشة راتب إصداره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان هذا القانون قد تضمن قيودًا على حقوق الزوج بما يخالف الشريعة الإسلامية، ونجح الإمام في قتل القانون في مهده. كما تصدى لمقترح البابا شنودة بطريرك الأقباط في مصر لتأليف كتب دينية موحدة يدرسها الطلبة المسلمون والمسيحيون على السواء, وهدد مرة أخرى بتقديم استقالته.
ومن مواقف الإمام الشجاعة ما أبداه تجاه المحكمة العسكرية التي تصدت للحكم في قضية جماعة التكفير والهجرة المصرية، وكانت المحكمة قد استعانت بعدد من علماء الأزهر لإبداء الرأي في فكر هذه الجماعة، غير أن المحكمة لم تسترح لرأيهم، وكانت في عجلة من أمرها، الأمر الذي جعلها تصدر أحكامًا دون استئناس برأي الأزهر. لم تكتف هذه المحكمة بذلك بل تضمن حكمها هجومًا على الأزهر وعلمائه، مما ما أغضب الإمام الأكبر، فأصدر بيانًا حاسمًا امتنعت معظم الصحف اليومية عن نشره، ولم تنشره سوى صحيفة الأحرار.
أدرك الشيخ خطورة تقلص عدد المعاهد الدينية فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق آمال الإمام في التوسع في التعليم الأزهري، فكفاه الناس مئونة ذلك، وكان لصِلاته العميقة بالحكام وذوي النفوذ والتأثير، وثقة الناس فيه، أثرًا بالغًا في تحقيق ما يصبو إليه، فزادت المعاهد في عهده على نحو لم يعهده الأزهر من قبل.
ومن أهم مواقف الإمام الأكبر دعوته إلى تطبيق الشريعة الإسلامية فكتب إلى المسئولين مطالبًا بالإسراع في تطبيقها، كما كون لجنة بمجمع البحوث الإسلامية لتقنينها في صيغة مواد قانونية تسهل استخراج الأحكام الفقهية على غرار القوانين الوضعية، فأتمت اللجنة صياغة القانون المدني كله في كل مذهب من المذاهب الأربعة.
كما كان للإمام الأكبر مواقف عديدة لفض منازعات الدول العربية، فقد أصدر بيانًا بشأن الحرب الأهلية في لبنان، دعا الأطراف المتنازعة من المسلمين والنصارى إلى وقف إراقة الدماء والتخريب، وأهاب بزعماء العرب والمسلمين إلى المسارعة في معاونة لبنان على الخروج من أزمته. كما دعا إلى فض النزاع بين المغرب والجزائر بشأن مشكلة الصحراء الغربية التي كانت أسبانيا تحتلها، وأدى الخلاف بينهما إلى مناوشات حربية كادت تتحول إلى حرب شاملة، حيث سارع إلى إرسال برقية إلى كل من ملك المغرب ورئيس الجزائر، كما أرسل برقية إلى الرئيس السادات، والعاهل السعودي خالد بن عبد العزيز يدعوهم جميعًا للتدخل لفض النزاع، وقد أحدثت تلك البرقيات أصداءً قويةً، وكانت عاملًا جوهريًا في فض النزاع، وهدوء الحالة بين الدولتين الشقيقتين.
كانت حياة الإمام جهادًا متواصلاً ، فلم يركن إلى قلبه الحاني، أو إلى جلال منصبه، فتحرك في كل مكان يرجو فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأحس الناس فيه بقوة الإيمان والصدق، فكان يقابل مقابلة الملوك والرؤساء، بل أكثر من ذلك، حيث كانت الجموع المحتشدة في كل البلاد تخرج عن حب وطواعيةٍ، لا عن سوق وحشد أو وإرغام.
في خضم الأحداث المتتالية، والرحلات المتتابعة لتفقد قضايا المسلمين وأحوالهم شعر بآلام شديدة بعد عودته من الأراضي المقدسة فأجرى عملية جراحية وعلى أثرها لقي ربه في صبيحة يوم 17 أكتوبر ۱978م تاركًا ذكرى طيبة وقدوة حسنة، ونموذجًا فريدًا يحتذى به لما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر والإمام الأكبر للأمة الإسلاميه .
*** د. بلال محمد علي ماهر
أستاذ متفرغ
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.