سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا تطهير المؤسسات التركية يرعب الغرب؟| يطالبون "أردوغان" بالتراجع.. ولم يتحدثوا عندما قام الجيش باعتقال 680 ألف مسلم بالبلاد عام 1980 م لوقف تمدد الإسلاميين
من المعلوم للمتابع، أن المعايير الوحيدة التى يستند إليها الغرب هى معادة الإسلام، ودفع أى ثمن لعدم نهوض الدول العربية والإسلامية، فهم يرون أن فى ذلك تعظيم لمصالحهم وحمايتهم، وركيزة أساسية للإطمئنان على الكيان الصهيونى، الذى يعبث بالأراضى المقدسة دون رادع. أكد على ذلك محاولة الانقلاب العسكرى الفاشل فى تركيا، والتى ادت إلى تداعيات لم تكن مكشوفة بهذا الحد من قبل، خاصًة بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبى وأمريكا من ناحية، فبعد صمتهم فى الساعات الأولى من الانقلاب، ودعم اعلامهم للانقلابيين، سيطر الشعب على الأوضاع وأصبح يملك بلاده بيديه، خرجت بعدها التصريحات الصدامية لتلك الدول والتى تلخصت فى انتقاد القبض على الانقلابيين ووصفته بإنه خارج القانون. وتواصل تصعيد الدول الغربية، ومنها فرنسا، فى تصريحاتها ضد أنقرة باستغلال حادثة الانقلاب في اتخاذ إجراءات قاسية، وكانت رسالتها لأنقرة أن إدانة الانقلاب لا تعنى منح السلطات التركية "شيكاً على بياض"، وهو نفس المعنى الذى تقاطع مع الموقف الأوروبى كله، محذرين أنقرة من أنها تتجه بعيداً عن قيم الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى، ما يجعلها عرضةً لفشل كامل المفاوضات بشأن انضمامها إلى الاتحاد. النمسا خطت نفس خطوات فرنسا، حيث اتهمت تركيا باتخاذها إجراءات "تعسفية" و"عقوبات جماعية"، واعتبرتها خارج إطار القانون. وزير تركى يتهم أمريكا بالضلوع فى الانقلاب وزاد التصعيد بين الطرفين، بعدما فاجأ وزير العمل التركي، سليمان سويلو، المسؤولين الأمريكيين بتوجيه اتهامات إلى واشنطن بوقوفها وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث لم يعلق المسؤولون الأتراك على تصريحه، ولم يصدر نفي بشكل رسمي لما قاله. وطالبت أنقرةواشنطن مراراً بضرورة تسليم غولن المقيم فى منفاه الاختيارى بالولايات المتحدةالأمريكية، محذرة من أن العلاقات التركية الأمريكية على المحك إن تجاهلت واشنطن طلب تركيا، بعدما كررها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مراراً بعد الانقلاب، أن ثمة تعاوناً تركياً أمريكياً بشأن تسليم المتهمين، وأن تركيا رحّلت متهمين كثراً إلى واشنطن بطلب الأخيرة، وأن الأخيرة جاء دورها لإثبات حسن العلاقات بين البلدين بتسليم غولن. الإدارة الأمريكية سارعت في التواصل مع الخارجية التركية لتأكيد دعم الحكومة التركية، ورفض الانقلاب، وإبداء الاستعداد للمساعدة فى التحقيق، حرصاً على ألا تتضرر العلاقات الثنائية بين البلدين. مراقبون أشاروا إلى أن التصريحات الفرنسية الحادة لم يكن هدفها سوى إحداث صدى صوت أو فرقعة، لإثبات الوجود كلاعب إقليمى ودولى، بتأكيدها ألا تتعامل تركيا مع الانقلابيين إلا بما يمليه القانون. مخاوف ورعب من تعاظم نفوذ أردوغان فى تركيا وهيمن على التصريحات الغربية عموماً التعبير عن مخاوف من تعاظم سلطة أردوغان بعد فشل المحاولة الانقلابية ضده، فقد ركزت التصريحات الغربية على ضرورة عدم الانفراد بالسلطة، وضرورة تجنب قهر المناوئين، والامتناع عن كبت الحريات وتكميم الأفواه. الصحافة الغربية عكست مواقف المسؤولين الرسميين، وتكلمت بلسان حالهم على نحو أوضح، وحسب ما ترجمه موقع "الخليج أونلاين"، فقد أشارت صحيفة صنداى تلغراف إلى أن أردوغان يبدو "انتقامياً، ومتسلطاً، وسريع الغضب، وعنيداً"، حتى قبل محاولة الانقلاب، ثم أضافت: إنه "ستنطلق أسوأ غرائزه من عقالها كما تؤشر أول ردود فعله". أما صحيفة إندبندنت فقد ادعت أن أردوغان يستخدم القوة لتعزيز سلطته بعد محاولة الانقلاب، ومن ثم فإن تركيا في طريقها إلى القضاء على حقوق الإنسان، والحريات، واختزال السلطة القضائية إلى أداة في يد الحزب الحاكم، مشيرةً إلى أنه ليس من المصادفة أن الانقلابيين أعلنوا أن هدفهم هو إعادة النظام الدستوري، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات، وحكم القانون، في إشارة إلى موقف الصحيفة المؤيد للانقلابيين. وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها أنه ليس ثمة كبير شك في أن الرئيس التركي "سيصبح تواقاً للانتقام، ومهووساً بحب السيطرة أكثر من أي وقت مضى، مستغلاً الأزمة ليس لمعاقبة الجنود المتمردين فحسب، بل ولقمع ما تبقى من مخالفين له في تركيا". التصريحات الغربية الرسمية والإعلامية كانت شديدة القسوة على أردوغان وحكومته، بينما تجاهلت تماماً من قاموا بمحاولة انقلابية باءت بالفشل، ولم ينتبهوا إلى الحشود التي نزلت إلى الشوارع في رفض واضح للانقلاب العسكري الذي بسببه ذاقوا الأسى في السابق، وأنهم الآن كمن نجا من براثن العسكر، برغم المحاولات الانقلابية المتكررة سابقاً. وبالمقارنة بين هجوم التصريحات الرسمية والإعلامية الواسعة بعد فشل الانقلاب وانقلاب 1980، نجد أن الجيش التركي آنذاك قام باعتقال ما لا يقل عن 650 ألفاً، بهدف وقف التمدد الإسلامي، ولم ينبس الغرب ببنت شفة. فرنسا متورطة فى الانقلاب مراقبون ربطوا بين تفجيرات مطار أتاتورك الدولى في أواخر يونيو الماضي، وإعلان فرنسا سحب دبلوماسييها وإغلاقها القنصلية الفرنسية في 13 يوليو الجاري من جهة، وبين الانقلاب الفاشل، حيث أشاروا إلى أنه من المحتمل أن يكون التصعيد الفرنسي ضد الحكومة التركية وأردوغان يرجع إلى شبهة تورط فرنسي في الانقلاب، وأن مطالبتها بضرورة تطبيق القانون على الانقلابيين، ورفض الانتقام دون معاقبة، قد يحتمل حرصها على المحافظة على من تسببوا في الانقلاب، لئلا يتم تسريب معلومات أثناء الاعتراف تكشف تورطها، أو تورط جهات خارجية أخرى. وسبق الانقلاب الفاشل في تركيا بعض المؤشرات التي تدل على أن الأحداث في تركيا تتجه نحو انقلاب عسكري على السلطة الحالية، منها -كما ذكرنا- الموقف الفرنسي بسحب دبلوماسييه وغلق القنصلية، بالإضافة إلى ما نشرته مجلة فورين بوليسي في أواخر مايو الماضي، عن انقلاب عسكري قادم في تركيا، وبدا الموقف الغربي مكشوفاً في الساعات الأولى للانقلاب، حيث التزموا الصمت في انتظار ما تؤول إليه الأحداث، ما يوحي بعلمهم به مسبقاً، فضلاً عما قامت به السفارة الأمريكية في الساعات الأولى للانقلاب من بث رسالة تحذر فيه رعاياها من أعمال عنف بتركيا وصفته بانتفاضة.