مع اقتراب الذكرى ال40 ليوم الأرض الفلسطيني صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلى على إنشاء أكبر مجمع استيطاني تحت اسم" كيدم"، وهو على مشارف المسجد الأقصى المبارك ما يهدد الطابع العربي لمدينة القدس، وسط صمت عربي ودولي. وأصبح الحديث عن موضوع الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية مسألة مألوفة لدى المجتمع الدولي والدول العربية كغيرها من القضايا الكثيرة، والمتنوعة التي تتداخل في تعقيداتها الاحتلالية القاسية والوحشية المفروضة على الشعب الفلسطيني. وتأتي ذكرى يوم الأرض الفلسطيني في 30 مارس من كل عام ويعتبره العرب والفلسطينيون رمزًا للتشبث بهوية وأرض الوطن وعنوانًا لرفض لما قامت به سلطات الاحتلال عام 1976 من مصادرة الاستيطان ومصادرة أراضي السكان العرب وخاصة في منطقة الجليل (شمال) ذات الأغلبية الفلسطينية من أحل إقامة مستوطنات عليها، حسب مصر العربية. تفريغ الأرض
ويقوم الاستيطان على تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وإحلال السكان الذين ينتمون لدولة الاحتلال مكانهم عبر الوسائل التعسفية والقهرية وما يرافق ذلك من مصادرة للأراضي العامة والخاصة دون مراعاة لأي اعتبارات إنسانية أو سياسية أو غيرها. وكان ما يسمى ب"المجلس القطري للتنظيم والبناء" الإسرائيلي صادق على مخطط جمعية "إلعاد" الاستيطانية المعروف باسم "مجمع كيدم عير دافيد – حوض البلدة القديمة" التهويدي المنوي إقامته على مدخل حي وادي حلوة في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك. وذكر مركز معلومات وادي حلوة في بيان صحفي أن المصادقة على المخطط الاستيطاني جاء بعد جلسة مصغرة ومستعجلة عقدت في مقر المجلس القطري، وانسحب منها سكان حي وادي حلوة احتجاجًا على التعامل العنصري معهم. مشروع "كيدم" ويهدف مشروع "كيدم" الاستيطاني إلى إقامة مبنى ضخم من 6 طوابق (12 ألف متر مربع) لاستخدام علماء ودائرة الآثار الإسرائيلية، إضافة إلى قاعات مؤتمرات وغرف تعليمية، ومواقف لسيارات السياح والمستوطنين، ولاستخدامات سياحية، ومحلات تجارية، ومكاتب خاصة لجمعية "إلعاد" الاستيطانية. ويهدد المخطط مساحة كبيرة من أراضي حي وادي حلوة، كانت تستخدم للزراعة حتى إحتلال مدينة القدس عام 1967، وبعد إحتلالها قامت بلدية الإحتلال بمصادرتها، ثم تحويلها لموقف سيارات، وفي عام 2003 سيطرت عليها جمعية "إلعاد" الاستيطانية بطرق ملتوية، وبدأت منذ ذلك الوقت بالتخطيط لبناء مشروع استيطاني. وقامت جمعية "إلعاد" بأعمال حفر متواصلة في منطقة المشروع "ساحة باب المغاربة" وهدمت مقبرة إسلامية عمرها 1200 سنة، إضافة إلى تدمير آثار عثمانية وأموية وبيزنطية ورومانية من غرف وأعمدة وأقواس، وأبقت على عدد قليل منها تدعي انها "آثار الهيكل الثاني" المزعوم. وحذر وزير القدس ومحافظها عدنان الحسيني من خطورة مشروع ما يسمى (كيدم ) الاستيطاني على المدينة المقدسة، مشيراً أنه يهدد الطابع العربي للمدينة، حسب مصر العربية. وقال الحسيني في حديث لإذاعة "موطني:" إن هذا المشروع الاستيطاني الضخم، يأتي ضمن مسلسلات اسرائيلية مستمرة، الهدف منها جر النظر إلى الاجراءات، ونسيان الجوهر وهو عدم قانونية البناء في المكان"، موضحاً أنه قريب جداً من سور البلدة القديمة ويوصل ما بين ساحة البراق وملحقاتها. بدوره قال الدكتور جهاد الحرازين القيادي بحركة فتح الفلسطينية ، إن الإحتلال الصهيوني يواصل الاستيطان الذى يأتى فى سياق الأيدلوجيا الصهيونية التى تقوم أساسا على أن الإستيطان أحد أركانها الأساسية والرئيسية، مشيراً إلى أن مجمع كيدم الاستيطانى مشروع تقدمت به جمعية "العاد" الاستيطانية لإقامة مشروع استيطانى على أراض عربية تم مصادرتها من قبل بلدية الاحتلال فى مناطق القدس إلا أن هذا المشروع تم رفضه من قبل لجنة التخطيط العليا فى 2015 بعد أن أخذ موافقة اللجنة اللوائية 2014 . وأضاف الحرازين في تصريحات ل"مصر العربية" أن هناك حالة من الضغوط التى مورست على المجلس القطرى لإعادة النظر في هذا الموضوع حيث تم إقراره الأسبوع الماضي من قبل اللجنة القطرية العليا بعدما بدأت بعض الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة القضاء الإسرائيلى بممارسة ضغوط لإعادة الموضوع إلى طاولة المجلس القطري، واتخاذ إجراءات وقرارات لتفعيل هذا المخطط الاستيطانى. وأوضح أن الموافقة على هذا المشروع يدلل على التوجه الذى تمارسه حكومة اليمين الإسرائيلى المتطرف برئاسة نتنياهو وخاصة بعد القرارات الاستيطانية الجديدة بمصادرة آلاف الدونمات فى أريحا ونابلس لإقامة مشاريع استيطانية جديدة على الأرض الفلسطينية وهذا يشكل تحديا صارخا لكافة الأعراف والمواثيق الدولية والقانون الدولى ويشكل جريمة حرب تحاسب عليها القوانين الدولية. وأشار إلى أن هناك حالة من الصمت على الممارسات الصهيونية من قبل المجتمع الدولى وعدم محاسبتها على تلك الجرائم، مما سيدفعها للقيام بالمزيد من هذه الأعمال الإجرامية ويعطى إشارة أخرى تتمثل في أن هذه الحكومة ماضية فى غطرستها وتنكرها للمجتمع الدولى وقراراته بمصادرة أراضى رافضة التوصل إلى حل عادل ودائم بإقامة دولتين تعيشان جنبا إلى جنب. وطالب الحرازين موقفا دوليا حازما وسريعا تجاه الممارسات الإسرائيلية وخاصة أن هناك عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التى تدين الاستيطان وتجرمه باعتباره مخالفة واضحة للقانون الدولى وللاتفاقيات الدولية. وتابع : القيادة الفلسطينية قدمت ملف الاستيطان كجريمة تدخل فى اختصاص محكمة الجنايات الدولية لأجل محاسبة قادة الاحتلال ومجرميه على جرائمهم التى يرتكبوها بحق الشعب الفلسطينى وأرضه وخاصة بعد صدور قرار مجلس حقوق الانسان الاخير قبل ايام بتجريم الاستيطان وخاصة وضع قائمة سوداء باسم الشركات التى تعمل بالمستوطنات. ودأب الإسرائيليون وبشكل دائم على تعزيز الاستيطان والتوسع فيه دون الالتفات إلى ما يعنيه ذلك من نهب لخيرات الفلسطينيين وتجاوز لحقوقهم التي كفلها القانون الدولي. أبرز المستوطنات
وطبقاً للسجل السكاني الإسرائيلي فقد وصل إجمالي عدد مستوطنات الضفة الغربية حوالي 130 مستوطنة رسمية يعيش بها أكثر من 350 ألف مستوطن إسرائيلي، بالإضافة لوجود 300 ألف إسرائيلي آخرين يعيشون في مستوطنات القدسالشرقية. وبحسب وزارة العمل الفلسطينية تحوي محافظة القدس العدد الأكبر من المستوطنات بعدد 26 مستوطنة يليها محافظة رام الله والبيرة بعدد 24 محافظة، ثم محافظة الخليل بعدد 19 مستوطنة، ثم محافظة أريحا والأغوار بعدد 17 مستوطنة، بينما جاءت محافظة طولكرم في المركز الأخير بعدد 3 مستوطنات. وتعد مستوطنتا موديعين عيليت، غرب رام الله (64,862 مستوطنا) وبيتار عيليت، جنوبالقدس (49,580 مستوطنا) الأكثر كثافة سكانية مع سكان من اليهود المتشددين. بعدها تأتي مستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس في المركز الثالث (39,973 مستوطنا . تهويد القدس فيما قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن إسرائيل تسعى منذ عام 1967 إلى تهويد القدس وذلك بإقامة المستوطنات التي تعتبر في القانون الدولي بفروعه مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأممالمتحدة ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب . وأضاف في تصريحات ل"مصر العربية" إن لفعل عمليات الاستيطان أصبحت الدولة الفلسطينية خارج نطاق الدول العربية، مشيراً إلى أن مشروع" كيدم" هو استكمال لعملية التطهير العرقي، الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لتعزيز وجود الإحتلال الإسرائيلي. وأكد أن هناك إصرار من حكومة الإحتلال على تغيير الملامح الفلسطينية بأعمال الحقريات المستمرة منذ عام 1982، مشيرا إلى أن عدد الحفريات في القدس والمسجد الأقصى والمدينة المقدسة وصل لأكثر من 60 حفرية. وطالب الرقب المحكمة الجنائية الدولية استصدار قرار ملزم لسطات الإحتلال يرغمها على وقف الاستيطان مصادرة الأراضي وهدم المنازل واستغلال المياه والموارد الطبيعية الخاصة بالشعب الفلسطيني.