انتقد أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، قرار تخفيض البنك المركزي لسعر الجنيه مقابل الدولار بقيمة 14 %. وأضاف النجار في تدوينة عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن هذا القرار سيؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي، لافتًا إلى أن مصر بحاجة لتغيير جوهري للتعامل مع الأزمات الاقتصادية. يقول النجار: تخفيض الجنيه مقابل الدولار بنحو 14% مؤخر وقرابة 25% خلال عام وثلاثة أشهر هو تكرار للوصفة الأيديولوجية المتكلسة لمدرسة البنك وصندوق النقد الدوليين ومن يتبعونهما والتي ثبت مرارا وتكرارا أنها لاتجدي نفعا في بلد مثل مصر وتخلق دورات حلزونية متتابعة من التراجع للعملة المصرية في السوق السوداء لتلاحقها السلطات النقدية بالمزيد من تخفيض العملة المحلية كل فترة دون أن يؤدي ذلك لنتائج إيجابية مؤثرة على الاقتصاد. وتابع: لأن الأصل هو المعالجة المباشرة لعجز الموازين الخارجية المتسبب في تآكل احتياطي العملات الحرة والضغط على سعر صرف الجنيه. وهذه المعالجة تتطلب إجراءات جادة لترشيد الواردات وتنشيط الإنتاج البديل للواردات وتأجيل مشروعات البنية الأساسية التي تحتاج للاستيراد والتركيز على المشروعات الإنتاجية المنتجة للسلع المطلوبة في السوق، وهي أمور لا يحققها تخفيض الجنيه. وواصل: ويقال دائما أن تخفيض سعر صرف العملة المحلية سيؤدي لزيادة الصادرات وتدفقات الاستثمار الأجنبي، لكن ذلك أمر مشكوك فيه في الوضع الراهن للاقتصاد المصري، فبالنسبة للاستثمارات فمشكلتها لا تكمن في سعر الصرف حتى نغيره، بل في التعقيد البيروقراطي المروع وما يؤدي إليه من فساد، وكذلك الصورة العامة للأمان في مصر. وأضاف: كما أن اضطراب سعر الصرف لا يشجع الاستثمارات المحلية أو الأجنبية لأنه يُعقد حسابات الاستثمار القائمة على التوقعات المستقبلية التي تصبح مشوشة في هذه الحالة. وعندما تخفض سعر صرف العملة في بلد ليس لديه ما يصدره ويوجد لديه عجز هائل في الميزان التجاري قيمته 38,8 مليار دولار ويستورد سلعا قيمتها تعادل ربع ناتجه المحلي الإجمالي تحت دعوى أن التخفيض سيجعل أسعار السلع والخدمات المحلية رخيصًا عند تقديره بالعملات الأجنبية، وبالتالي سيساعد على زيادة صادرات السلع والخدمات، فإن هذه النتيجة النظرية لا تتحقق لأننا ببساطة ليس لدينا ما نصدره، فقبل أي تخفيض لابد أن يكون لدينا إنتاج وسلع قابلة للتصدير ويوجد طلب خارجي عليها، حسب مصر العربية. وأستطرد: النتيجة المؤكدة الوحيدة لهذا الإجراء هي موجة من ارتفاع الأسعار لأن كل السلع المستوردة سوف ترتفع أسعارها لدى تقديرها بالجنيه المصري بنفس نسبة انخفاض الجنيه مقابل الدولار، وهذه الموجة من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، يتبعها عادة ارتفاع أسعار السلع المحلية المناظرة لها أولا ثم كل السلع. وسوف يضيف ذلك نحو 4% على الأقل لمعدل التضخم ليبلغ نحو 15% على الأقل، وهذا سيضر الادخار أيضا لأن سعر الفائدة الحقيقي (سعر الفائدة مطروحًا منه معدل التضخم) سيكون سلبيًا ولا يشجع على الادخار. وأردف: وهذه الموجة التضخمية القادمة سيعاني منها الفقراء والطبقة الوسطى وبالتحديد كل من يعملون بأجر حيث تتحرك أجورهم بمعدلات أدنى من الارتفاعات السريعة في الأسعار، بينما ستتزايد قيمة ثروات أصحاب حقوق الملكية ببساطة لأن ممتلكاتهم ارتفعت أسعارها. وتابع: وسوف تتزايد الأعباء على رجال الأعمال الذين حصلوا على قروض بالدولار أو العملات الحرة لتمويل استيراد الآلات والمعدات والمستلزمات الضرورية لأعمالهم، حيث سترتفع قيمة القروض مقدرة بالجنيه المصري لتضيف عليهم أعباء طارئة وغير متوقعة، مما ينذر بحدوث حالات تعثر في السداد يجب أن يستعد لها الجهاز المصرفي. وبالمقابل فإن شركات الصرافة المملوكة سوف تتزايد ثرواتهم تبعا لجحم ما اكتنزوه من دولارات وعملات حرة في الفترة الماضية. واختتم: مصر بحاجة لتغيير هذه الطريقة في التعامل مع المشاكل الاقتصادية وبالتأكيد تحتاج لتغيير جوهري في السياسة النقدية والمالية وسياسة الاستثمار واستراتيجية التصنيع.