شن "نادر فرجاني" أستاذ العلوم السياسية , هجومًا حادًا على الأذرع الإعلامية للانقلاب العسكري بسبب تركيزها ومبالغتها في التشهير بالأخطاء والكوارث التي تقع في بلدان أخرى، خصوصا الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية. وكانت جريدة اليوم السابع كتبت في سياق تبرير جرائم وانتهاكات السيسيي وأن هذا موجود في كل بلاد العالم حتى الديمقراطية منها وقالت في مانشيت أمس الأحد الموافق 6 من ديسمبر 2015م، عنوانا مثيرًا على غلاف العدد مصحوبا بصورة قتيل مكبل اليدين ملقى على الأرض، وقالت: "العار.. أمريكا تقتل المشتبه به في حادث كاليفورنيا ويداه مكبلتان بالكلابشات»، ثم تساءلت الصحيفة: «لماذا تصمت المنظمات الدولية وعتاولة حقوق الإنسان في مِصْر عن التجاوزات الأمريكية؟!». وفي تدوينة مطولة على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عنون فرجاني تدوينته ب«إعلام العهر ولعبة التشهير بأخطاء الآخرين»، ربما ردًّا على التقرير المستفز لليوم السابع. يقول فرجاني: "يدهشني في القليل الذي أتابع من إعلام العهر المدار من المكاتب العسكرية أو من قبل أصحاب الأموال الموالين الحكم التسلطي الفاسد في مِصْر التركيز المبالغ فيه على التشهير بالأخطاء والكوارث التي تقع في بلدان أخرى غير مِصْر، خصوصا في الولاياتالمتحدة والدول الغربية". وفي سياق تفسيره للظاهرة يوضح فرجاني أن هذه تعد "محاولة يائسة منهم للتعمية على البلايا التي يجلب الحكم التسلطي الفاسد على أهل مِصْر، من منظور ادعائهم بأن "العالم كله كده" وحتى أمريكا وأوربا، سادة العالم في نظرهم "فيهم العِبر زيّنا"، وعليه، "لا تعايرونا ولا نعايركم". وحول الأمثلة والتوقيتات على ذلك يضيف فرجاني: «ظهر هذا التشهير السخيف بشكل واضح في تجاوزات الحكومة الفرنسية بعد الحادث الإرهابي الأخير في باريس وبعدها في مأساة القتل الجماعي في "سان برناردينو" التي خرج بعدها الرئيس الأمريكي مقرا بالواقعة وعارضا رأيه، الذي يحتمل الخطأ والصواب تماما كرأي أي مواطن أمريكي آخر، ومقترحا تصوره لمواجهة الأخطاء وأوجه القصور". ومضى فرجاني يتهكم ويصف هؤلاء الإعلاميين بأنهم "تعساء عهار" جمع "عاهر" وتوجه إليهم بقوله: «لهؤلاء التعساء من عهار الإعلام الغارقين في ضحالة الجهل وحضيض الجاهلية نلفت أنظارهم إلى تصحيحات واجبة لمنطقهم المريض». ويعدد الأكاديمي والمحلل السياسي عدة عناصر للتفريق بين المشهد المِصْري في ظل حكم عسكري استبدادي، وحكم ديمقراطي يقوم على المساءلة والحساب، مضيفا «الأول، أن المجتمعات المتقدمة فعلا أو حتى المتخلفة ولكن تقترب من مثال الحكم الديمقراطي السليم توجد بها، أساسا بسبب قوة مؤسسات المساءلة في الحكم الديمقراطي السليم، آليات مؤسسية راسخة لتصحيح الأخطاء على رأسها اعتراف كبار المسئولين، بما في ذلك رأس الحكم نفسه بما يحدث من أخطاء والسعي لجبر الأضرار الناجمة عنها ولتصويب الأوضاع الخاطئة التي أنتجتها.. على خلاف حكومة الفشل والتسلط والفساد القائمة في مصر، والتي تنغمس رءوسها في التغطية على الكوارث وتبريرها بحجج واهية ولا تكترث لآراء الآخرين من الشعب أو النخبة وعلى الأغلب يكابرون، ويستمرون في دعم الآليات المنتجة للكوارث وعلى رأسها التسلط والغُشم الجهول». ويتابع: "أما في مصر تحت الحكم التسلطي الفاسد فينهمك رؤوس الحكم العسكري في تزوير إرادة الأمة لتقويض وظيفتي المجلس النيابي في التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية بحيث يصبح قوام المجلس مؤيدا الالتحاق بالسلطة التنفيذية التي يفترض أن يقوم المجلس بالرقابة عليها ومساءلتها، مفجر أحد أسس الدولة المدنية الحديثة والحكم الديمقراطي السليم". وأردف: "ثانيا والأهم، لهؤلاء العهار الأراذل نقول أن مرجعيتنا في نقد الكوارث التي يجرها الحكم التسلطي الفاسد والفاشل ليس اتخاذ أمريكا ودول أوربا مثلا أعلى لا ينتقد، إنما أنتم وسادتكم الذين تعتبروها المثال الأعلى وسدرة المنتهي التي يستمد منها الحكم العسكري الراهن مشروعيته، بينما يستبد بالشعب والوطن.. وأنا شخصيا على سبيل المثال لم أخط حرفا يمتدح الولاياتالمتحدة أو دول أوربا باعتبارها مثلا أعلى منزها عن العيوب، ولم امتدح الولاياتالمتحدة أو دول أوربا إلا فيما يعتبر فعلا مزايا حقة نطمح لها في مصرنا ولشعبنا، ولا اعتبرها فوق النقد فيما يعتورها من مثالب في منظور قيمها ومثلها العليا المعلنة وخاصة فيما يتصل بالافتئات على حقوق الشعوب في المنطقة العربية المدفوع بتغليب المصالح النفعية على المبادئ المتبناة". واستطرد: "إن مرجعية القوى الوطنية المناصرة للثورة الشعبية العظيمة مختلفة عنكم، وهي أيضا ثابتة لا تتتبدل حسب رياح المال مثلكم، بوصلتها صالح الشعب والوطن ونصرة غايات الثورة الشعبية في الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية للجميع على أرض مصر الطاهرة، ولو تبينتم هذه المرجعية لما كان حالنا وحال البلد بالوضع المزري القائم الآن".