أعربت قيادات للمسلمين في كينيا عن غضبها من حملة اعتقالات "تعسفية" طالت مسلمين كينيين تشتبه السلطات في وجود صلة لهم باتحاد المحاكم الإسلامية الصومالي، واتهمت السلطات بالقيام بهذه الحملة بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة، فيما حذرت جماعات مسيحية من أن هذا التصعيد الأمني قد يؤثر سلبا على العلاقات المتميزة بين المسلمين والمسيحيين في كينيا. وفي أعقاب سقوط اتحاد المحاكم الإسلامية وإنهاء سيطرتها على الصومال أطلقت السلطات الكينية حملة اعتقالات تركزت شمال البلاد قرب الحدود مع الصومال واعتقل خلالها عشرات المسلمين، كما تم منعهم من الاتصال بمحاميهم، بحسب مصادر حقوقية. واتهم قادة مسلمون الحكومة بالقيام بهذه الاعتقالات بالتنسيق مع واشنطن، وقال الأمين كيماثي لرويترز: "إننا حزينون وغاضبون للغاية... لقد تحولنا إلى بلد يتلقى أوامر من الولاياتالمتحدة بشأن ما ينبغي أن يفعله". وصرح بدوره "عبد الرحمن محمد" مسلم كيني : "نجح المسلمون في كينيا من خلال البرلمان والمجلس الأعلى لمسلمي كينيا في التصدي لقانون تفرضه علينا الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو قانون محاربة الإرهاب.. ولكن يبدو أنه يتم تطبيقه الآن بدون إقراره عبر البرلمان ويتم اعتقال كينيين بسبب معتقداتهم وآرائهم أو حتى لمجرد تعاطفهم مع قضايا المسلمين". وضغطت واشنطن على الحكومة الكينية من أجل سن قانون سمي ب"قانون محاربة الإرهاب" ويستهدف بشكل أساسي من يطلق عليهم "المتشددين الإسلاميين"، حيث يدعو إلى مراقبة أنشطتهم والتدقيق في حساباتهم المالية وتحويلاتهم. ويأتي هذا القانون على خلفية استهداف سفارة الولاياتالمتحدة في نيروبي وتدميرها (1998) من قبل أشخاص صنفوا على أنهم تابعون لتنظيم القاعدة. وفي إطار مشاعر الغضب التي تطغى على مسلمي كينيا نظم المئات منهم مسيرة حملوا خلالها لافتات تحمل شعارات مناهضة للرئيس الأمريكي جورج بوش ولإثيوبيا واتهموا السلطات الكينية بالقيام ب"عمليات اعتقال تعسفية" في صفوفهم على خلفية الأزمة الصومالية. وهتف القائمون بالمسيرة ضد بوش خلال المسيرة، كما تعهدوا بالتصويت ضد الرئيس الكيني مواي كيباكي في الانتخابات المقررة في وقت لاحق من العام الجاري. وحمل المحتجون لافتات تقول "الشيطان متجسد في بوش" و"العدالة.. لا القنابل" و"كينيا توقفي عن مساعدة الإرهاب الأمريكي الإثيوبي". وصرح عبد الله عبدي رئيس منتدى زعماء المسلمين الوطني لرويترز في أثناء المظاهرة: "كل مسلم كيني هو إسلامي. لا نعتذر عن ذلك.. إننا لا نتوسل.. لقد ولدنا مسلمين.. الإسلام ديننا". وأضاف "الرسالة واضحة.. إنهم يجعلون ظهرنا للحائط.. نحن محاصرون ويجب أن ندافع عن حقوقنا". واتهم بيلو كيرو النائب بالبرلمان الكيني الحكومة ب"عدم الثبات على المبدأ؛ لأنها دأبت على دعوة إسلاميين صوماليين إلى نيروبي من أجل الحوار ثم عاملتهم بعد سقوطهم كإرهابيين". وقال كيرو: "لقد غيرت الحكومة دون أي مبرر سياستها بشأن الصومال.. فبدلا من مواصلة الحوار قررت الآن مهاجمة الصومال"، في إشارة إلى نشر كينيا لقوات قرب حدودها مع الصومال.
من جانبه ندد فارح معلم رئيس حزب "من أجل الشعب" الكيني عزم الحكومة الكينية تسليم 30 من مقاتلي المحاكم الإسلامية لجئوا إلى كينيا إلى الحكومة الصومالية قائلا: "حياتهم في خطر ويمكن أن يتعرضوا إلى تعذيب وقتل وهذا ينافي أبسط قواعد مبادئ حقوق الإنسان". وفي السياق نفسه، تشهد كينيا حاليا محاكمة الحاج أبو بكر عمر عداني، وهو رجل أعمال مشهور وداعم مادي رئيسي لاتحاد المحاكم الإسلامية التجأ إلى كينيا، وذلك بتهمة "التسلل للأراضي الكينية والاشتباه في علاقته بالإرهابيين". شقاق طائفي وتدخلت جماعات مسيحية كينية أيضا لتحذر من أن الأزمة الصومالية قد تحدث شقاقا طائفيا في كينيا. وقالت نوالا برانجان العضوة في جمعية راهبات كينيا: "ستولد الأزمة انقسامات لم تكن موجودة من قبل. لا توجد هناك أية انقسامات بين المسيحيين والمسلمين في كينيا.. إننا نعمل معا بكل سرور". وأضافت: "إننا ندعم المسلمين ونريد إبلاغهم بأننا نشفق عليهم في هذه اللحظة حيث يعاني الآلاف منهم على الحدود". وتتراوح نسبة المسلمين في كينيا بين 7 و15% من سكان البلاد البالغ عددهم 35 مليون نسمة أغلبهم مسيحيون، ولهم ممثلون في البرلمان وعندهم هيئات تمثلهم مثل المجلس الأعلى لمسلمي كينيا ومنتدى زعماء المسلمين الوطني ومجلس الأئمة والدعاة في كينيا. وأغلقت نيروبي حدودها مع الصومال بعدما أطاحت أواخر 2006 القوات الإثيوبية وقوات الحكومة الصومالية المؤقتة باتحاد المحاكم الإسلامية الذي سيطر على معظم أرجاء الصومال لنحو 6 أشهر. وفر المقاتلون الإسلاميون عقب هزيمتهم إلى مناطق نائية قرب الحدود الكينية. فيما تقطعت السبل بالآلاف من اللاجئين الصوماليين المحتملين بسبب غلق الحدود. وتقول جماعات إغاثية إن نحو 4 آلاف مدني صومالي عالقون على الجانب الصومالي من الحدود وليس لديهم سوى القليل من الطعام والمأوى، وهم غير قادرين على عبور الحدود للوصول إلى مخيمات داداب للاجئين في كينيا التي تأوي بالفعل نحو 160 ألف لاجئ صومالي.