قالت مصادر بالقطاع المصرفي أمس إن السعودية تخطط لإصدار سندات في السوق العالمية من العام القادم في إطار مساعيها لإيجاد السبل لسد عجز الميزانية الناجم عن تراجع أسعار النفط. وأكدت المصادر، التي ناقشت الأمر مع مسؤولي مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أن السلطات لم تنته بعد من الخطة لكنها تحرز تقدما. وقال مصرفي خليجي كبير طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر، “سيكون الإصدار في يناير أو يونيو… لست متأكدا لكنه شيء يفكرون فيه… إنها فكرة مطروحة بلا ريب”. وقال مصرفي تجاري سعودي إن المصرفيين يعرضون خدماتهم على الحكومة السعودية، وإن “وزارة المالية ستقترض لكن مؤسسة النقد ستكون جهة الإصدار. لا أعتقد أن تفويضا سيصدر قبل العام القادم”. ولم يرد البنك المركزي السعودي ولا وزارة المالية على طلبات للحصول على تعقيب. الاقتراض المحلي وكانت الحكومة قد بدأت في يوليو إصدار سندات محلية بنحو 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) شهريا، في أول مبيعات سندات سيادية لها منذ عام 2007، للمساعدة في تمويل العجز الذي اتسع مع تراجع سعر الخام بنحو 60 بالمئة منذ يونيو 2014. ويقدر صندوق النقد الدولي أن يصل عجز ميزانية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويا. لكن إصدارات السندات المحلية بدأت ترفع أسعار الفائدة في سوق النقد السعودية عن طريق سحب السيولة من البنوك. وقد تساعد السندات الدولية، التي تتطلع البنوك الأجنبية إلى إدارتها منذ بداية العام الحالي على تخفيف جانب من هذه الضغوط. تحول كبير وسيكون برنامج السندات الدولية تحولا كبيرا في سياسة الرياض التي كانت بالغة التحفظ إزاء السندات في الأعوام الأخيرة. وتراجع الدين العام إلى مستوى ضئيل لا يزيد على 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع هذا الرقم إلى 44 بالمئة بحلول عام 2020. وقالت المصادر إن الحكومة السعودية تبحث إقامة مكتب لإدارة الدين سيتولى أمر الإصدارات. وقال المصرفي الخليجي إن إصدار السندات الدولية الأول للسعودية سيكون حالة اختبار ولذا من المرجح أن يبلغ أجله نحو عشر سنوات. وبعد ذلك قد تدرس السعودية آجالا أطول مثل 30 عاما. وأضاف أن الإصدار الأول سيكون على الأرجح في حدود مليار إلى ملياري دولار. وقال “لم نناقش رقما محددا لكنهم سيتطلعون إلى حجم قياسي كبير… أقصى وسعهم أن يطرقوا السوق العالمية مرتين أو أربع مرات في السنة”. وكانت ستاندرد اند بورز خفضت الشهر الماضي تصنيفها للديون السعودية السيادية طويلة الأجل متعللة بانخفاض أسعار النفط. لكن في الوقت الحالي فإن عدد الكيانات السعودية التي لها سندات أجنبية قائمة محدود ومعظمها جهات شبه حكومية مثل الشركة السعودية للكهرباء. لذا يعتقد المصرفيون أن الدين السيادي السعودي سيجد سوقا. وقال المصرفي الخليجي عن نطاق السعر المتوقع للسندات “أي إصدار سيكون أرخص بدرجة كبيرة من البحرين وأقرب إلى قطر أو أبوظبي”. نصائح صندوق النقد في هذه الأثناء أكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد لصحيفة “الاقتصادية” السعودية أن الاقتصاد السعودي قادر على مواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط. وأشارت إلى 3 وسائل يمكن من خلالها تعزيز وضع المالية العامة للبلاد، في ظل هذه الظروف، هي ترشيد الإنفاق وإعادة النظر في سياسات الدعم وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص. ودعت لاغارد، إلى تطوير سوق مستقل للسندات في السعودية كأداة تمويل مهمة شريطة أن يكون إصدار الأذون والسندات مبرمجا وفق مواعيد وجداول زمنية محددة. وأشادت مديرة صندوق النقد بالإجراءات السعودية الخاصة بفتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب وخطط فتح قطاع التجزئة بالكامل أمام الشركات الأجنبية، مؤكدة أن فتح قطاعات مهمة جديدة أمام القطاع الخاص يعزز من جاذبية السوق. وردا على سؤال عن تقييمها لموقف الرياض الداعي لترك قوى العرض والطلب تحدد الأسعار وليس اللجوء إلى سياسات ضغط عبر تخفيض الإنتاج، قالت لاغارد “السعودية تتبع سياسة واضحة في التعامل مع أزمة انخفاض الأسعار”. وأشارت إلى أن “صندوق النقد يعتقد أن انخفاض النفط يعتبر فرصة تتطلب من السعودية دراسة عدة خيارات أولها إعادة النظر في سياسة الإنفاق العام… لا بد من إعادة النظر في سياسات الدعم وكذلك تحويل وجهات الإنفاق إلى مشروعات ذات كفاءة استثمارية عالية”.