ما يزال المستوى السياسي والامني في الدولة الصهيونية يدرس التغيرات التي حصلت في مصر، ويستعد لسيناريوهات جديدة بعد خلع الرئيس حسني مبارك، الذي كان يعتبره صنّاع القرار في تل ابيب حليفاً اميناً ومؤتمناً. وفي هذا السياق، كشف المراسل السياسي في القناة الثانية بالتلفزيون الصهيوني، اودي سيجال، النقاب عن ان الادارة الامريكية ابلغت رؤساء المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدة بانها تبذل جهودا هائلة من اجل ضمان مواصلة مصر التزامها باتفاقيات كامب ديفيد، الى جانب التعاون الامني الكثيف الذي كان قائما في الماضي بين تل ابيب والقاهرة قبيل خلع مبارك، والذي كان يتم احيانا بمشاركة امريكية.
وحسب مصادر المنظمات اليهودية، اضاف التلفزيون الصهيوني، فإن الادارة الامريكية طالبت المجلس العسكري الاعلى الذي يتولى مقاليد الامور في القاهرة بان يضغط على الاشخاص الذين يرغبون بالترشح للرئاسة وعلى الاحزاب التي تنوي المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة بان يعلنوا بشكل واضح لا لبس فيه التزامهم بالاتفاقيات الموقعة مع الصهاينة دون المطالبة بأي تغيير، الى جانب نقل موضوع التعاون الامني بين الدولة الصهيونية ومصر من صلاحيات الحكومة القادمة الى صلاحية الجيش المصري، حتى لا يكون عرضة لتأثير الجدل السياسي الداخلي في مصر.
وحسب المصادر عينها، اضاف التلفزيون الصهيوني، فانّ الادارة الامريكية تضغط بقوة من اجل تحييد رأي بعض الجنرالات المصريين الذين يتحفظون على المطالب الامريكية. ويذكر في هذا الصدد ان التلفزيون عرض تقريرا مصورا يظهر فيه دينس روس مستشار الرئيس اوباما وهو يلتقي مجموعة من النشطاء اليهود الامريكيين، حيث قال لهم انّ الادارة الامريكية توظف كل ثقلها حاليا في محاولة بلورة الواقع المصري المستقبلي بحيث لا يشكل خطرا على المصالح الامريكية والصهيونية.
وكان ايتان هابر مستشار رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق، اسحاق رابين، قد كتب في صحيفة "يديعوت احرونوت" مقالا تحدث فيه عن دور مبارك الحاسم في الحفاظ على الامن الاسرائيلي، حيث قال بالحرف الواحد "ان عشرات الالاف من الاسرائيليين مدانون ببقائهم على قيد الحياة لرجل واحد هو حسني مبارك".
من جهة اخرى، كشفت مصادر صهيونية النقاب عن ان كلا من ديوان رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، ومجلس الامن القومي في تل ابيب قد بلورا بالتعاون مع جهازي الموساد (الاستخبارات الخارجية) وشعبة الاستخبارات العسكرية (امان) ومركز الابحاث التابع لوزارة الخارجية الصهيونية تصورا شاملا يهدف لتلافي ما اسمتها المصادر بالاضرار الاستراتيجية، التي قد تنجم عن الثورة المصرية، حيث سيتم تقديم هذا التصور للادارة الامريكية بهدف تبنيه والاستناد اليه في تعاطيها مع الشأن المصري مستقبلا.
وقالت مصادر سياسية وصفت بانّها رفيعة في تل ابيب، كما نقلت الاذاعة الصهيونية، انّ التصور يركز على قضية واحدة وهي الا تؤدي الثورة المصرية بحال من الاحوال الى الاخلال بموازين القوى التي كانت قائمة بين قوى الاعتدال في العالم العربي والقوى التي يصفها التصور بالمتطرفة. ويبدي مبلورو التصور، بحسب المصادر ذاتها، قلقا كبيرا لحقيقة ان كلا من حركة حماس وحزب الله شعرا بان الثورة المصرية تصب في صالحهما، حيث يطالب مبلورو التصور بان يتم تضغط الادارة الامريكية على صناع القرار في مصر حاليا لكي لا تبدي القاهرة اي اشارات ايجابية تجاه كل من حماس وحزب والله.
ويرى مصممو التصور ان تحقيق هذا الهدف يتطلب الاجراءات التالية: اولا: ان تواصل مصر نفس السياسة المتبعة تجاه حركة حماس وقطاع غزة، سيما في فرض القيود على حركة الغزيين عبر معبر رفح.
ثانيا: عدم السماح بالخروج عن دائرة التعاطي السياسي السابق بين مصر وحركة حماس، بحيث يشعر الرأي العام الفلسطيني ان ما حدث في مصر لا يشكل بالضرورة اضافة ايجابية لحركة حماس والجهات التي تلتقي معها.
ثالثا: ان تواصل مصر نفس تعاطيها مع الملف اللبناني وعدم احداث اي تغيير على علاقاتها مع المكونات السياسية اللبنانية.
واشارت المصادر الى ان هناك اتفاقاً بين الدولة الصهيونية والولاياتالمتحدة على ضرورة ان يتحرك حكام مصر بسرعة لنزع الشرعية عن الاطراف التي تحاول تقديم ما جرى في مصر على انه يعني احتجاجا على طابع العلاقات الذي كان قائما بين نظام مبارك واسرائيل، بحسب المصادر عينها.
في نفس السياق، افادت صحيفة "هاآرتس" الصهيونية في عددها الصادر امس الخميس انّ الرئيس الامريكي، باراك اوباما، اجتمع امس الى اكثر من خمسين من رؤساء المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدة، وخلال اللقاء قال احد المشاركين لمراسلة الصحيفة في واشنطن، اكد اوباما على التزام امريكا غير القابل للتزحزح عن دعم تل أبيب الكامل، وخصوصاً في المجال الامني، كما عبّر اوباما عن التزامه وبلاده الكامل بصد كل المحاولات لنزع الشرعيّة عن الدولة الصهيونيّة.
وزاد المسئول نفسه قائلا انّه يتحتم على تل أبيب، بحسب تلميحات الرئيس اوباما، اجراء حسابات للنفس واعادة تقييم سياستها في ما يتعلق بما يُسمى بالعملية السلمية. ونقل المسئول عينه عن اوباما قوله انّ الفلسطينيين باتوا لا يثقون بنتنياهو في ما يتعلق بالتنازلات عن الارض، لافتاً الى انّ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عبّاس (ابو مازن)، على استعداد لقبول حل جديّ، على حد تعبيره. واشارت الصحيفة الصهيونية الى انّ اللقاء بين رؤساء التنظيمات اليهودية واوباما كان بناءًَ للغاية، كما قال احد المسشاركين.