تحت عنون "حتي لا تصبح حرباً أهلية".. أرسل الدكتور كميل صديق سكرتير المجلس الملي بالاسكندرية رسالة وجهها إلي الرئيس مبارك طالبه فيها بالتحقيق في التصريحات التي أدلي بها الدكتور محمد سليم العوا مؤخراً والتي اعتبرها تحض علي إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن رسالة أخري لشيخ الأزهر يطالبه فيها بشجب تصريحات الدكتور محمد سليم العوا والتبرؤ منها. وزعم صديق في الرسالتين، أن تصريحات د. العوا أساء فيها إساءة بالغة للديانة المسيحية، والتي اعتبرها "استعداء" للشارع المصرى على القيادة الدينية الكنسية وشعبها بإعلانه ان الدولة الصهيونية هى المصدر الذى يقوم بدعم الكنائس والاديرة بالأسلحة، وأن الكنيسة تخزن الاسلحة وتتربص لاعلان الحرب ضد المسلمين، وتسعي لاقامة دولة مسيحية، وهي التصريحات التي رآها تنال من الكنيسة وغرضها تدعيم من وصفهم بأصحاب الافكار المتطرفة وبسطاء الناس الذين ينساقون ورائهم هؤلاء الطامحين لتحقيق مطامع سياسية على حساب وحدة الوطن ودون مراعاة لما يحدث من فتن .
وأضاف "لذا نرجو من سيادتكم دعمنا بانهاء هذه الازمة والتحقيق فى الامر جنائياً واهتمام الداخلية بتأمين دور العبادة تحسباً لأي رد فعل قد يحدث نتيجة هذه التصريحات كما اننا نرجو من سيادتكم اصدار بيان رسمى واضح من المؤسسات المعنية لتوضيح المغالطات التى أكدتها التصريحات".
يأتي ذلك ضمن حملة إعلامية تشنها الكنيسة الأرثوذكسية علي الدكتور العوا والتي وصلت لتخصيص حلقة كاملة من برنامجها الرسمي "نبض الكنيسة"، الذي يذاع علي قناة أغابي الرسمية للكنيسة، أمس الجمعة اتهمته فيها علي لسان القس دسقورس شحاتة، وكيل الانبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس بالمزايدة علي الصليب وعلي الانبا بيشوي وتحريض العامة علي استهداف الكنائس والمسيحيين، إضافة إلي اتهامه بأنه معارض "غير شريف"!، يسعي للاستقواء بالخارج والتجريح في الدولة ورئيسها ومؤسسة من اعرق مؤسساتها، الكنيسة، في قناة غير وطنية معروفة بعدائها الشديد لكل ما هو مصري، مؤكداً أنه لا يستطيع التصريح بهذا الكلام في أي قناة مصرية.
توبيخ بيشوي من ناحية أخرى، لا تزال تداعيات التصريحات الطائفية الخطيرة للأنبا بيشوي الرجل الثاني في الكنيسة القبطية تتفاقم في أوساط الرأي العام ، وهي التصريحات التي رفض فيها بشدة إخضاع الأديرة لرقابة الدولة، أسوة بالمساجد.
و لوح ب "الاستشهاد" في مواجهة سيناريو من هذا النوع، زاعما أن المسيحيين هم "أصل البلد"، وأن المسلمين "ضيوف حلّوا علينا ونزلوا في بلدنا واعتبرناهم إخواننا"، وتساءل مستنكرًا "كمان عايزين يحكموا كنايسنا؟"، ففي الوقت الذي تقدم فيه مجموعة من المحامين ببلاغ للنائب العام يطالبون فيه بالتحقيق مع بيشوي يتهمونه فيه بتحدي سلطة الدولة والخروج عليها وإثارة الفتنة، قام الأخير بإجراء اتصال تليفوني بالبابا شنودة طلب منه دعمه ضد الهجمة التي يتعرض لها، و هو ما رد عليه البابا بطمأنته على دعمه الكامل له وأنه سيمنع أي محاولات للإساءة إليه حسب قوله.
بموازاة ذلك، تلقى الأنبا بيشوي اتصالاً هاتفياً من مسئول رفيع، فور نشر حديثه، وبخه فيه بشدة علي تصريحاته الأخيرة التي سببت حرجا شديدا للقيادة السياسية، حسبما أكد مصدر مقرب من بيشوي، مضيفاً أنه هدده بإخراج الملفات "التي لن يتحملها"، حسب المصدر، وقال له نصاً "اللي بيته من زجاج مايحدفش الناس بالطوب وخلي حد غيرك يتكلم".
وأضاف المصدر، أن المسئول السيادي هدد "بيشوي" بتسريب الشكاوي التي حررتها عشرات الراهبات من دير القديسة دميانة ضده، لأسباب يعرفها "الأنبا" جيدا، حسب المصدر، مستنكراً كونه رئيسا لدير "سيدات" لأول مرة في تاريخ الكنيسة بعد البابا يوساب، الذي تم تحديد إقامته بنفس الدير "لأسباب لا نريد الافصاح عنها".
على الصعيد نفسه أبدى المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض سابقا قلقه الشديد بعد تنامي التوتر الطائفي الأخير، وفي إجابته على سؤال عن التصريحات الأخيرة للرجل الثاني في الكنيسة المصرية قال الخضيري "الموضوع خطير جدا، ومصر داخلة فى منحنى خطير بسبب تصاعد الاحتقان الطائفى التى تغذية الكنيسة، مؤكدا ضعف سلطة الدولة فى مواجهة سلطة الكنيسة".
من جانبه قال ممدوح إسماعيل المحامي، والذي تقدم ببلاغ أول أمس إلى النائب العام يطالب فيه بالتحقيق مع الأنبا بيشوي بتهمة إثارة الفتنة الطائفية "بلاشك ان تصريحات الانبا بيشوى الخطيرة كانت مقصودة، فشخصية بمكانته لاتجهل حالة الاحتقان عند المسلمين وحالة التوتر التى سببها واقعة احتجاز كاميليا شحاتة وردود الافعال التى وصلت لأول مرة الى مظاهرات ضد الانبا شنودة والمطالبة بعزله ومن هنا كان التعمد واضح فى اختيار كلمات لها دلالاته كرسالة الى المسلمين ومنها كلمة ضيوف التى اشار بها الى المسلمين ومن المعلوم ان الضيف لايستقر وله وقت محدد يرحل بعدها ومن هنا كانت رسالة للمسلمين انكم راحلون عن مصر وانهم اعدوا العدة لترحيل الضيوف وإلا كيف سيرحل 80 مليون عن وطنهم!، ثم اتبعها بكلمات تحوى تحديا للسلطة والنظام فى مصر عندما قال وإذا قالوا لى إن المسلمين سيرعون شعبى بالكنيسة، فسأقول (اقتلونى أو ضعونى فى السجن حتى تصلوا لهذا الهدف) وهو يقصد بها بسط السلطة الحاكمة سلطانها على الكنيسة وهوازدراء وتهديد للدولة انها لن تستطيع ان تبسط سلطتها القانونية على الكنيسة وان دون ذلك القتل، فالحقيقة أن تصريحات بيشوى ماكانت لتخرج من لسانه فى حوار معلوم اسئلته وبلاشك روجعت منه ومن الكنيسة الاوهو يعلم انه لن يصله اى رد من الحكومة وانها وصلت فى تقديره لحالة من الضعف تجعله يتمادى فى تلك التصريحات وغيرها، وقد سبق له تصريحات استفزازية كثيرة ولكنها لم تكن فى توقيت مثل التوقيت الحالى".
وأضاف ممدوح إسماعيل قوله "من غير المعقول ان يفكر كائن من كان ان يرحل اهل بلد واصحاب ارض ووطن اعتمادا على مشهد لم يقرأه متطرف كنسى جيداً راى فيه حكومة ضعيفة وغرب يمده بكل مايستطيع من دعم وتعامى ان يرى فى المشهد شعب مسلم 80 مليون يستطيعون اذا انفلت عيار الغضب عندهم ان ينهوا هذه الاحلام والحالمين".
ووجه إسماعيل في ختام تصريحاته نداءا إلى من أسماهم "عقلاء المسيحيين" قائلا "لايفوتنى الاشارة الى تنبيه العقلاء فى الكنيسة والنصارى أن يدقوا ناقوس الخطر لمتطرفى الكنيسة ويصيحوا بهم كفاكم غلواً فمصر وطن لامثيل له فى التعايش السلمى وانتم تدمرون جسور التعايش فانتبهوا ولاتحرقوا الوطن بغبائكم واحلامكم الشيطانية".