يجرى النائب العام الألمانى تحقيقات مع شركة ألمانية كبرى بتهمة تقديم رشاوى لمسئولين وجهات فى عدة دول، وكشفت التحقيقات أن الشركة قدمت رشاوى لمسؤولين فى هيئة اقتصادية مصرية عبر وسيط مصرى لإتمام مشروع تم إسناده للشركة. وكشفت التحقيقات أن شركة «فيروشتال»، وهى واحدة من كبرى شركات الحديد والصلب فى العالم، وقّعت عقداً مع الهيئة المصرية عام 2002 لتنفيذ مشروع مدته 5 سنوات بقيمة 15 مليون يورو (120 مليون جنيه مصرى)، واعترف المتهم، «مدير قطاع تجارى» بالشركة الألمانية فى التحقيقات، بأن عقد المشروع كان مصحوباً بعقد استشارات أسندته الشركة ل«وكيل مصرى» له علاقات قوية مع الهيئة الاقتصادية،
مضيفاً أن الوكيل تولى مهمة الاتصال بكبار المسؤولين بالهيئة المصرية، وطبقاً لاتفاقنا معه، تم وضع المبالغ ضمن بند «مصاريف ذات فائدة»، على أن يتولى هو تمريرها للمسئولين فى الهيئة.
وأضاف المتهم فى اعترافاته أنه كان مسئولاً عن «أموال الرشاوى»، وكان جزء منها يذهب للمسئول الأول بالهيئة الاقتصادية المصرية، وجزء آخر لبعض المسؤولين الآخرين فى الهيئة، خصوصاً إدارات مثل المشتريات والمشاريع، وبعض الشخصيات المؤثرة فى المشروع.
وقال المتهم الألمانى فى أقواله «حين أصبحت المسؤول عن المشروع فى مصر قلت لوكيلنا فى القاهرة إن هذه الأموال يجب أن تنفق، وكان للوكيل حرية القرار فى طريقة توزيعها، وفى عام 2007، دفع آخر قسط من الرشوة (المصاريف ذات الفائدة) المتفق عليها»، مضيفاً «أعتقد أن بعض المسؤولين فى الشركة الألمانية كانوا على علم بهذا الأمر».
وتضمنت تحقيقات النائب العام الألمانى فى «ميونيخ» أن رشاوى الشركة شملت دولاً عديدة، منها البرتغال وكولومبيا، والأرجنتين، واليونان، وإندونيسيا، وباكستان، وأفادت مصادر ألمانية بأن التحقيقات فى القضية بدأت فى سرية تامة فى شهر أغسطس 2009، ولاتزال جارية حتى الآن، ولم تتطرق التحقيقات إلى ما إذا كان الوسيط المصرى «الوكيل» قد دفع هذه الرشاوى للمسؤولين فى الهيئة الاقتصادية أم خدع الشركة الألمانية وحصل عليها لنفسه؟!.
وأشارت المصادر إلى أنه من المرجح أن السلطات الألمانية لم تبلغ، حتى الآن، نظيرتها المصرية بهذه القضية انتظاراً لانتهاء التحقيقات، وأقالت شركة «فيروشتال» العضو المنتدب «ميتشيرليش» لعلمه ومسئوليته عن المخالفات.
جدير بالذكر أن شركة «فيروشتال» تم بيع 70٪ منها لحكومة أبوظبى فى مارس 2009 عن طريق إحدى شركاتها «ipic»، وتعطل شراء ال30٪ الباقية بسبب تحقيقات الفساد الجارية مع الشركة.
وتبلغ إيرادات الشركة 1.5 مليار يورو سنوياً، ويعمل بها 4200 عامل وموظف فى 60 دولة.
نموذج صارخ لإهدار المال العام من ناحية أخرى، قال المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، إن الجهاز انتهى من إعداد تقرير مهم عن نتائج الرقابة المالية لشركة سيناء للفحم عن السنة المالية المنتهية فى 30 يونيو 2009.
وأوضح الملط أن نتائج أعمال التصفية للشركة عن الفترة من 1/7/2008 حتى 30 / 6 /2009 أسفرت عن صافى خسائر بلغ 189 مليون جنيه، كما بلغت الخسائر المرحّلة مليارا و661 مليون جنيه. وقال إن الشركة تأسست عام 1988 وتتبع الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، ويتمثل نشاطها الرئيسى فى البحث عن الفحم وإعادة تشغيل منجم فحم المغارة بمدينة العريش.
وأضاف الملط أن "الشركة تعرضت خلال سنوات عملها للعديد من المعوقات الفنية والتسويقية والتمويلية، الأمر الذى كان له أثر مباشر فى تدهور نتائج أعمالها، وانتهى الأمر إلى توقف الإنتاج وصدور قرار من الجمعية العامة غير العادية بتصفية الشركة عام 2005".
وتابع الملط «أخيرا، بدأت الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية فى إجراءات طرح منجم فحم المغارة للاستثمار، فى مزايدة عامة عالمية، لإعادة تشغيل المنجم لما يحتويه من احتياطى من الفحم يصل إلى نحو 20 مليون طن».
وطالب الجهاز المركزى للمحاسبات بسرعة إنهاء أعمال التصفية التى بدأت عام 2005، منعا لتحمل المزيد من المصروفات والخسائر، وكذلك تحديد المسئولين عن هذه الخسائر الضخمة، التى تعد نموذجا صارخا لإهدار المال العام دون مساءلة أو حساب.
كان النائب محسن راضى قد تقدم بطلب إحاطة لوزير الاستثمار حول ما سماه «الفساد المستشرى» داخل شركة سيناء للفحم، وأشار وقتها إلى أن الشركة تعتمد فى تمويل استثماراتها بالمشروع على القروض المحلية والخارجية قصيرة وطويلة الأجل والبنوك الدائنة، والتى بلغت جملتها 1.377 مليار جنيه، الأمر الذى يؤكد التدهور المستمر والخلل فى الهيكل التمويلى للشركة.
يذكر أن النيابة الإدارية قد أحالت فى العام 2007، رئيس الشركة السابق، ومدير القطاع المالى بها إلى المحكمة التأديبية، لصرفهما حوافز مالية لقيادات الشركة دون وجه حق، بزعم أن الشركة حققت إنتاجا وفيرا، رغم توقفها عن الإنتاج.