فى تصعيد جديد للأزمة بين تركيا والكيان الصهيونى، قال الرئيس التركى عبد الله جول إنه من المستحيل نسيان الهجوم الصهيونى على «أسطول الحرية» أو المسامحة فيه بدون اتخاذ مبادرات تسمح بتغيير المعطيات، واصفا هذا الهجوم ب«الجريمة التى تنفذها منظمات إرهابية»، وألمح إلى أن تركيا يمكن أن تقطع علاقاتها مع تل أبيب إذا لم تف بالمطالب التركية بعد الهجوم، فى الوقت الذى تخشى فيه دوائر رسمية صهيونية من مزيد من التدهور فى تلك العلاقات. وأشار جول، فى حديث نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، أمس، إلى أن بلاده احتضنت اليهود وقدمت لهم المأوى والأرض على مدار التاريخ وخلال فترات اضطهادهم سواء بعد تهجيرهم من إسبانيا أو بعد الحرب العالمية الثانية،
موضحا أن تركيا يمكن أن تتسامح مع تل أبيب إذا قدمت اعتذارا علنيا وصريحا، وإذا قدمت نوعا من التعويض لأسر شهداء الاعتداء على أسطول الحرية، وإذا قبلت التحقيق الدولى المستقل فى الجريمة، أو قامت برفع الحصار عن قطاع غزة.
وردا على سؤال عما إذا كان قطع العلاقات الدبلوماسية ممكن فى حال لم تلب الدولة الصهيونية هذه الشروط أجاب «كل شىء ممكن». ولم يستبعد جول أن يكون الهجوم على الأسطول عملاً سياسيًا داخليًا، مضيفًا «بكل الأحوال يظهر أن الإسرائيليين لم يقدروا قيمة الصداقة التركية».
فى الوقت نفسه، قرر الجيش التركى استبدال طائرات التجسس الصهيونية من طراز «هيرون» بأخرى محلية الصنع للقيام بعمليات استخباراتية فى مواجهة منظمة حزب العمال الكردستانى المتمرد، وقالت صحيفة «حريت» التركية إن مراقبة عناصر الحزب شمالى العراق توقفت بعد أن سحبت تل أبيب خبراءها المكلفين بتدريب الضباط الأتراك فى قاعدة بطمان الجوية.
على الصعيد ذاته، تخشى جهات رسمية وغير رسمية فى الكيان الصهيونية على مستقبل العلاقات مع تركيا، عقب العدوان على أسطول الحرية، ويرى المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الصهيونية، السفير السابق لدى أنقرة ألون ليئيل، أن مستقبل هذه العلاقات «رهن بالتحقيق الجدى فى الهجوم على أسطول الحرية». ويتوقع أن عدم تعاون تل أبيب مع لجنة تحقيق دولية سيؤدى إلى خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ومما يزيد من تأزم العلاقات، رسالة تهديد مبطنة أطلقها الجنرال عوزى ديان نائب قائد هيئة الأركان السابق، عبر إذاعة الجيش الصهيونى معتبرا مشاركة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان فى أسطول جديد لكسر حصار غزة «إعلان حرب»، بينما سارع رئيس الجناح الأمنى بوزارة الحرب الصهيونية الجنرال عاموس جلعاد إلى تخفيف حدة التصريح، داعيا إلى إطلاق «تصريحات عقلانية وقت الأزمات».
وبينما أوصت وزارة الخارجية الصهيونية المواطنين الصهاينة بالعزوف عن زيارة تركيا لاعتبارات أمنية، ونصحتهم بقبرص واليونان، تواصل وسائل الإعلام الصهيونية حملتها على أردوجان وتتهمه «بمعاداة السامية» وبالتأثر بزوجته «ذات الأصول العربية وكراهيتها لإسرائيل».
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية «إن الطفل الفقير أردوجان بائع الفستق تحول إلى أحد أقوى شخصيات الشرق الأوسط». وزعمت أن «إعجاب الأتراك به يتراجع وأنهم يرون أنه سيسقط على فرس السلطة إذا لم يبد حذرا فى تصريحاته».
اتصالات سرية وفى سياق متصل، أفادت تقارير صهيونية الأحد بأن مستشار الأمن القومي الصهيوني عوزي آراد يجري اتصالات سرية مع مسئولين كبار في تركيا في مسعى لتخفيف حدة التوتر بين البلدين.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن هذه الاتصالات بدأت قبل أحداث أسطول الحرية.
ومن ناحية أخرى، ذكرت الإذاعة الصهيونية أن وزارة الخارجية حذرت في تقارير أعدتها مؤخرا، من أن العلاقات الصهيونية التركية قد تشهد تصعيدا آخر ربما يفضي إلى إلغاء جميع الاتفاقات الأمنية الموقعة بين البلدين وقطع العلاقات بينهما أو خفض مستواها الدبلوماسي.
وجاء في هذه التقارير أن أنقرة ما زالت تطالب تل أبيب بالاعتذار رسميا على أحداث أسطول الحرية والموافقة على تشكيل لجنة تحقيق دولية ودفع تعويضات للجرحى ولعائلات القتلى.
وألغت تركيا مشاركتها في مؤتمر افتتح مساء السبت في ال دولة الصهيونية لتخليد ذكرى ضحايا المحرقة النازية.