شن عدد من المثقفين والفنانين التشكيلين هجوما حادا على الفنانين خالد حافظ ووائل شوقى متهمين إياهم بتعمد الإساءة لسمعة وتاريخ مصر، وأن لهم موقفاً مؤيداً للتطبيع مع إسرائيل رغم ما قامت به من جرائم فى حق الشعب المصرى والعربى، مؤكدين على أنهم سيتذكرون هذين الفنانين على أنهم عملاء وخونة وستحفر أسماؤهم فى مزبلة التاريخ. وقال الناقد الدكتور صلاح الراوى إنه يرفض تماما الإساءة التى قام بها كل من الفنان خالد حافظ ووائل شوقى، وذلك من خلال لوحاتهم وأعمالهم الفنية التى يسيئون فيها للرموز الوطنية والثقافة المصرية، مضيفا أنه ليس ضد حرية الرأى والتعبير ولكن ما قام به حافظ وشوقى إهانة للحضارة المصرية وتاريخها، وأنه لابد أن تتخذ ضدهم خطوات قانونية صارمة.
وتابع "هؤلاء المطبعون الذين يسعون لوضع تعريف محدد للتطبيع هم فى الحقيقة مجموعة مرتزقة لا وسيلة معهم إلا الضرب بالحزام، لأن العدو الصهوينى عدو تاريخى والصراع بيننا وبينه صراع قديم جدا، وأتعجب جدا من موقفهم كيف استطاعوا أن يتسامحوا معهم ويشاركوا فى معارضهم على حساب دماء شهدائنا".
وقال الفنان الدكتور سيد القماش إن موقف مثقفى مصر من التطبيع واضح وصريح ولا يحتاج لشهادة، فهم يرفضون تماما كافة أشكاله سواء كان على المستوى الفنى أو الثقافى، مؤكدا على أنه من المفترض أن لهؤلاء وعياً بقضية وطنهم، والجرائم الصهيونية فى حقنا، ومنذ الوهلة الأولى التى رأيت فيها لوحات هذين الفنانين ومدى إساءتهم للشعوب العربية والرموز الوطنية والدينية، شعرت بأن هناك خطراً يقتحم حياتنا الثقافية ويهدد وحدتنا الوطنية وقوميتنا.
واتفق معه الفنان محمد عبلة قائلا "لو افترضنا أن هؤلاء يعبرون عن وجهة نظرهم بمنتهى الحرية، فمن حقنا أيضا أن نغضب ونثور ونصدر بياناً نستنكر فيه هذا ونطالب بالتحقيق معهم ومحاكمتهم قانونيا، مضيفا أن حافظ وشوقى بموقفهما هذا يحاولان الوصول للشهرة وتسليط الأضواء عليهما، ولكن للأسف جميعها محاولات مكشوفة ورخيصة جدا، لأنهما يهدران ثقافتنا الوطنية مقابل تلبية أحتياجات غربية مشبوهة، وفى الآخر سيظهران أمام المنظمات الغربية على أنهما ضحايا يُعترض عليهما عندما يعبران عن آرائهما بحرية وهذا غير حقيقى".
وتابع "بدلا من أن يسخروا من ثقافتنا ورموزنا كان عليهم الالتفات أولا للقضايا الاجتماعية الأكثر أهمية، وأكرر لهم أن أسماءهم ستحفر فى مزبلة التاريخ وسنظل نتذكرهم على أنهم عملاء وخونة".
وقال الكاتب أحمد الخميسى "إن إسرائيل منذ أن وقعت اتفاقية السلام مع مصر ونجحت فى فرض سيطرتها من الناحية السياسية، وهى تحاول أن تهيمن علينا ثقافيا وفنيا، مؤكدا أن هناك هجمة إسرائيلية شرسة للنيل من تاريخنا وتراثنا واختراق المناخ الثقافى المصرى".
تدليس صهيونى ومن ناحية أخرى، قال الدكتور محمد جلاء إدريس، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة القاهرة، إن الاستشراق الصهيونى أخطر بكثير من أى استشراق آخر، مؤكدًا أن دراسات المستشرقين الصهاينة كلها تحريف وتدليس وادعاءات كاذبة.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذى عقدته لجنة الدراسات الأدبية واللغوية برئاسة الناقد والدكتور أحمد درويش، والتابعة للمجلس الأعلى للثقافة بالأوبرا، مساء أمس، وشارك فى المؤتمر عدد كبير من الباحثين والدارسين، تناولوا فى حديثهم أهمية الاستشراق ودوره فى رقى الأمم.
وقال د.أحمد درويش "إننا لا نصنع ما يصنعهُ الأسلاف، فى اجتهاداتهم، والدراسات التى كان يمتلئ بها التراث قديمًا، وتناول ما لدى الشعوب الأخرى من أفكارٍ وعقائد، وملل ونحل، كل هذه الأمور تراجعت عندنا بدرجة كبيرة، وأصبحنا فقط نمثل منطقة رد الفعل"، مؤكدًا "نحن بحاجة إلى استمرار الحوار مع الآخر، حتى لا يكون عداؤنا بلا سبب، ولكى نتخذ مما يقدم لنا مجالاً للدرس، بدلاً من أن يكون مجالاً للبغض فقط".
من جانبه أوضح د.محمد جلاء إدريس، فى كلمته التى تناول فيها الاستشراق الصهيونى، الفرق بين الاستشراق اليهودى وهو الذى قام به اليهود بكونهم أوروبيين، وليسوا يهودًا فأسهموا فى الحركة الاستشراقية فى كثير من الدول، أما الاستشراق الصهيونى فيقصد به أولاً مفهومًا جغرافيًا، ويقصد به ثانيًا الذى كُتب باللغة العبرية.
وناقش إدريس فى كلمته مظاهر الاهتمام الصهيونى بالشرق العربى والإسلامى، المؤسسات الاستشراقية فى إسرائيل، وملامح الاستشراق الصهيونى، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى الكتابات الاستشراقية العبرية التى كتبت فى الدولة الصهيونية، لا تختلف عن ملامح الاستشراق الفرنسى أو المجرى أو الأمريكى أو الروسى كثيرًا، ولكنها تنفرد عنها بنقطة واحدة، قائلاً "إن خطورة الاستشراق الإسرائيلى، تكمن فى ملامح قضايا الأصالة والتكرار، والتى تعود لبداية البعثة المحمدية (صلى الله عليه وسلم)، ويؤكد المستشرقون الإسرائيليون فيها أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) تعلم من اليهود والنصارى".
كما أنه من ناحية مناهج البحث لدى المستشرقين الصهاينة فوجدت أن أدلتهم كلها واهية، فالاستشراق الصهيونى ينفرد عن غيره بأنه يناقش القضايا ويثبت لها براهين وهمية وما إلى ذلك بدون أن يورد للقضية أية أدلة على ما يزعمون، واستخدام عبارات ليست بعلمية، ومما ادعاه الصهاينة أن يهود المدينة كانوا مبدعين، بدون أن يشيروا إلى نوع الإبداع نفسه، والمراجع التى يرجعون إليها، ففى قضايا الاستشراق الصهيونى لا يعتمد هؤلاء المستشرقون على أى مرجع عربى واحد، فهم يكتبون عن الإسلام والأدب العربى والفلسفة العربية بدون الرجوع إلى أى مرجع عربى.
وأضاف إدريس "هناك أحداث تاريخية مشهورة فى التاريخ الإسلامى، يتم تناولها على غير حقيقتها، ويدلس فى وثائقها، فنحن نعلم والجميع بأنه لم يكن هناك يهود فى مكة، إلا أن المستشرقين اليهود يكتبون المراجع والمواثيق التاريخية ليأتوا ببرهان يؤكدون به وجودهم فى مكة، وحتى الوثيقة التى كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة، فإن المستشرقين اليهود يزعمون بأن رسول الله كتب الوثيقة مع يهود مكة بعد فتحه لها، كما ادعى المستشرقون الإسرائيليون بأن رسول الله قتل يهود بنى قينقاع بينما أن الثابت أن رسول الله أجلاهم عن المدينة".