في محاولة من جانب المعارضة اعتبرها المراقبون تهدف لتهدئة أجواء الاحتقان السياسي في بيروت والظهور بمظهر الموحد للبنانيين، أم الداعية (فتحي يكن) عشرات الآلاف من أنصار المعارضة في صلاة الجمعة، محذرا في خطبته اللبنانيين من الانزلاق في أتون الحرب المذهبية. ومن خلف حاجز زجاجي، ألقى فتحي يكن رئيس جبهة العمل الإسلامي المؤيدة للمعارضة، خطبة الجمعة أمام عشرات الآلاف من أنصار المعارضة المعتصمين بساحة رياض الصلح ببيروت. وشهدت الخطبة حضورا كثيفا لمشايخ من الشيعة والسنة، حيث بدت العمائم المميزة لكل منهما في الصفوف الأولى للمصلين، كما شهدت الصلاة حضورا كثيفا للنواب البرلمانيين من حزب الله، بالإضافة إلى وزرائه المستقلين. وجاءت هذه المشاركة الكثيفة في صلاة الجمعة بعد فتوى وجهها حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الخميس 7 12 2006 لأنصاره أجاز لهم فيها أداء صلاة الجمعة وحثهم على حضور الصلاة. واتهم يكن في خطبته الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني بالسعي لإثارة الفتنة المذهبية في المنطقة، محذرا اللبنانيين من الانزلاق في هذا الفخ. وقال: "يوم فشلت القوات الأمريكية في العراق عسكريا لجأت إلى السلاح القذر والأقذر الذي هو سلاح الفتنة المذهبية". ومضى يقول: "وها هي الولاياتالمتحدة اليوم تعتمد نفس الطريق.. تستخدم نفس السلاح القذر لتقذف باللبنانيين إلى المحرقة المذهبية تحت عنوان (تعبئة السنة لمواجهة خطر الشيعة، وتعبئة الشيعة لمواجهة خطر السنة) والذريعة نزع سلاح المقاومة وإحلال الديمقراطية.. ديمقراطية بوش الكاذبة الفاحشة". وأعتبر أيضا أن محاولات الولاياتالمتحدة زعزعة الاستقرار في لبنان تأتي لتعويض "الخسارة الفادحة التي نزلت بها، وبربيبتها في حرب يوليو الأخيرة (الحرب الصهيونية على لبنان)". وتابع بقوله: "إنهم يريدون أن يستردوا بعض ماء وجههم الذي سفحته المقاومة خلال الحرب". المحكمة الدولية وتناول يكن في خطبته موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي التي يطالب تيار "14 آذار" اعتمادها لكشف ومحاكمة قتلة رفيق الحريري بقوله: "ليس صحيحا أن المعارضة ترفض المحكمة الدولية.. هذا كذب وافتراء، لكن المعارضة تتمسك بحصرية دورها، بحيث لا يتعدى دورها الكشف عن جريمة اغتيال الحريري رحمه الله". وتابع قائلا: "إن معارضة مشروع المحكمة يجيء حتى لا يكون تدويل القضاء مدخلا لتدويل لبنان؛ لأن القضاء هو المقام الأرفع في كل الدول.. فإذا دول القضاء دولت السياسة والاقتصاد وكل شيء". ونفى (يكن) أن تكون استقالة وزراء حزب الله وحركة أمل من الحكومة ترمي لإجهاض مشروع تشكيل المحكمة، لكنه قال إنها: "استجابة لضغط المعارضة لتعطيل مشروع خطف لبنان وأمركته وصهينته". البيت الأبيض ودعا (يكن) في معرض حديثه عن المحكمة ذات الطابع الدولي إلى فتح ملف مسئولية البيت الأبيض في جريمة اغتيال رفيق الحريري، لافتا إلى وجود دراسة أمريكية نوهت إلى ذلك. وخاطب يكن المصلين في ساحة رياض الصلح بقوله: هل تعلمون أنه على رأس الجهاز القانوني الموكل إليه من كوفي عنان مشروع إنشاء المحكمة الدولية يهودية، هي الدكتورة "داستا شراجر" خريجة جامعة تل أبيب، وبعد ذلك لنتساءل: هذه المحكمة كيف ستكون توجهاتها وقراراتها إن كان على رأسها يهودية من هذا النمط. الثلث الضامن وتحدث رئيس جبهة العمل الإسلامي حول الثلث الضامن الذي تطالب به المعارضة في تشكيل الحكومة بقوله: "هذا الثلث تتمسك به المعارضة من أجل ضمانة وحدة لبنان من التقسيم، وضمان عروبة لبنان من التغريب، وضمان سيادته من الانتقاص، وضمان استقلاله من الاحتلال والتبعية والإلحاق والالتحاق بالمشروع الشرق أوسطي الجديد". تركيبة الاعتصام ووصف يكن الاعتصام الذي بدأته المعارضة الأسبوع الماضي في وسط بيروت ب"الحشد المليوني المتدفق يومياً.. المتجدد يوميا.. والمتألق يومياً منذ أسبوع، حشد غير مسبوق، حشد تاريخي ليس للشيعة وليس للسنة وليس لأي طائفة محددة؛ وإنما حشد لبناني على حجم لبنان وتعدديات الطوائف والمذاهب والتيارات الموجودة في لبنان". وأكد يكن "أن هذا الحشد يمكن أن يستمر لا لأسبوع آخر ولا لشهر آخر وإنما يمكن أن يستمر سنة بعد سنة حتى إسقاط المشروع الأمريكي كما أسقطنا أسطورة الدولة التي لا تقهر(إسرائيل)، ليسقط بعد ذلك هذا المشروع في كل دولة عربية وفي الدول التي لا تزال للأسف يملى عليها القرار الأمريكي". وختم يكن خطبته بتكرير دعوته اللبنانيين تجنب الفتنة الطائفية والمذهبية بقوله: "أيها اللبنانيون سنة وشيعة ودروزاً ومسيحيين إياكم من الانزلاق إلى أتون الفتنة والانخراط في ركب الشيطان، واسمعوا إلى تحذير نبيكم: الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وأوقدها وأشعلها".