كشف أستاذ العلوم السياسية "نادر فرجاني"قائلاً أن العداء الدفين بين "الحكم العسكري" والثورة الشعبية يتجلى في اضطهاد شبابها. وقال في تدوينة مطولة نشرها عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "كلما أفرج الحكم العسكري عن بعض مساجين في مناسبة أو أخرى، ويتبين أن لا أحدا من شباب الثورة الشعبية النشط أو من زهرات الحرية المظاليم أفرج عنه، يتأكد لي أن الحكم العسكري المتسلط والفاسد يضمر أشد العداء للثورة الشعبية ويحاول، عبثا، إجهاض الإمكان الثوري للشعب المصري بملاحقة قلب الانتفاض الثوري النابض من الشباب النشط، ومن منطلق ذكوري متخلف وبغيض يشتد أكثر في ظلم زهرات الحرية من بنات الثورة الشعبية، زهرات الحرية الرائعات، ولسان حالهم المتخلف يستنكر: كيف يجرؤن"! وأضاف: "ليس من غرابة فمثل هذا العداء يستقيم مع منطق ما، وإن كان سقيما. فالثورة الشعبية العظيمة التي اندلعت في 25 يناير 2011 ضد نظام الحكم التسلطي الفاسد للطاغية اللامبارك، والذي كان عموده الفقري المؤسسة العسكرية. وفي ظل قاون الطوارئ الذي حكم به الطاغية طوال حكمه اللعين تقريبا، كان منصب رئيس الجمهورية يحمل قانونا سلطات "الحاكم العسكري" الباطشة والمُعطّلة لأصول سيادة القانون الحامي للحرية والمُنصف، وكان منصب رئيس مجلس الوزراء يحمل سلطات "نائب الحاكم العسكري"، كما ابتدعت آلة الحكم التسلطي الفاسد وبطانته من علماء السوء ضلالة تسمية الجهة" السيادية" التي أسبغتها على الأجهزة العسكرية لتوحي للناس، زورا، بأنها فوق المساءلة ولتتهرب من رقابة الشعب عليها تحت تعلّة "الأمن القومي" الفضفاضة. ولهذا، فإن انتصار الثورة الشعبية العظيمة ببناء الحكم الديمقراطي السليم في دولة مدنية عصرية، لا دينية ولا عسكرية، كان سيعني حتما القضاء على تسلط المؤسسة العسكرية وإخضاعها لرقابة الشعب من خلال ممثليه الشرعيين، ما يعني بالتبعية القضاء على مميزات تلك المؤسسة الهائلة التي تجنيها من الانغماس في حكم البلد والسيطرة على اقتصادها. تفاصيل الصورة منذ 25 يناير 2011مركبة ومعقدة، وليس هنا موقع التفصيل فيها.فقط أشير هنا إلى أنه على الرغم من أن المؤسسة العسكرية شاركت في خلع اللامبارك، عندما اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة من دون رئيسه لأول مرة منذ ثلاثة عقود وخرجت دبابات الجيس إلى شوارع القاهرة وسط الجماهير المنتفضة مكتوبا عليها: "يسقط حسني مبارك"، بينما هو كان مازال نظريا القائد الأعلى القوات المسلحة. إلا أنها تلقت منه، في آخر فراراته، المخالفة للدستور الذي لم يحترمه يوما، ما أعتبره كان تكليفا مشفرا بإجهاض الثورة وعقاب الشعب عليها. ووافق هذا التكليف هوى لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة للحفاظ على موقعه المتميز في الدولة والبلد. لذلك أظن أن تنحية، وليس تنحي، اللامبارك كانت تخلصا من واجهة اتسخت وتهرأت ووجب التخلص منها للحفاظ على المؤسسة العسكرية ومميزاتها، وحتى لحماية رئيسها السابق من غضب الشعب، فعندما أرغمت على تقديمه للمحاكمة تحت ضغط شعبي هائل، حرصت على إتلاف جميع أدلة إدانته وشهدت قياداته بما يفيد تبرئته من أي جرم، فحرمت الشعب من حقه في القصاص العادل مما ارتكب الطاغية، ومن ورائه المؤسسة العسكرية، في حقه. ومن ثم، تفرغت المؤسسة العسكريةلإجهاض الثورة الشعبية ولتجهيز واجهة جديدة لنظام اللحكم العسكري ذاته.، وكان عليها، وعلى الواجهة الجديدة، أن تثبت جدارة في مهمة إجهاض الثورة الشعبية ليستتب الأمر للمؤسسة العسكرية، ويقوى استبدادها بالبلد والشعب. وعليه، انهمكت المؤسسة العسكرية في العمل على إجهاض الثورة الشعبية مباشرة، ومن خلال وسطاء، تحت ستار كثيف، زائف ومخادع، من إعلانات الحماية والرعاية ، سرعان ما انقلبت على لسان من أعلنوا وعود الحماية والرعاية انفسهم، إلى نقيضها من التهديد والوعيد والعنف الباطش. ما يدهشني حقا هو أن المؤسسة العسكرية يستعصي على فهمها، على الرغم من إدعاء المعرفة الكاملة والقدرة الشاملة، وفي عهد الرئيس الحاكم حاليا، القربى الكذوبة من الذات الإلهية، أن ما يحاولون تحقيقه هو بالضبط ما انتهجه رئيسهم الأعلى السابق وانتهي بخروج الشعب على نظامة في الاتنفاضة الشعبية العظيمة في 25 يناير وإلقائه في مزبلة التاريخ رغم تبرئته من القضاء الذلول الخانع حسب تعليماتهم. وآختتم تدوينته قائلًا: "كما أنهم، لبالغ لدهشة، لا يفقهون من خبرتهم السابقة أنفسهم أن جميع محاولاتهم منذ 25 يناير بالأصالة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو بالوكالة من خلال دوائر سوء مختلفة، لإجهاض الثورة الشعبية عبر اضطهاد أجيال الشبيبة من نشطاء الثورة إلى حد القتل، لم تفلح، ولكن الأهم أنها لن تفلح. فهم يعملون ضد حركة التاريخ الجارفة. ولن يقدِرون مهما غالوا في البطش العنيف والخسيس أن يوقفوا شلال الأجيال المتدفقة والمتجددة من شباب هذا الشعب المفعم بالطاقة الثورية المتجددة والذي انتزع حقه في الاتنفاض الشعبي وفي الحرية منذ 25 يناير 2011 وصار عصيا على التدجين ولكن، مرة أخرى، لا غرابة. فكما يقال: "الغرض مرض".